لم يكن "الجنرال الأبيض" الزائر الوحيد الذي ملأ شوارع موسكو والكثير من المدن الروسيّة، فقد لبّى عشرات آلاف المعارضين "نداء الحرّية" للوطن ولغريم الرئيس الروسي اللدود أليكسي نافالني المسجون حاليّاً، على الرغم من الإجراءات الأمنية الصارمة، بينما ردّت الأجهزة الأمنية بقساوة تُجسّد أوامر الكرملين بقمع هذه الحركة الشعبية التي تكبر ككرة الثلج وباتت تُهدّد شيئاً فشيئاً عرش "القيصر" فلاديمير بوتين، الذي يُخطّط للبقاء في السلطة حتّى العام 2036 استناداً إلى التعديلات الدستورية الأخيرة.
وفي هذا الصدد، أوقفت الشرطة الروسية أكثر من 5000 "ثائر" في 85 مدينة، وأغلقت وسط مدن عدّة، بما في ذلك العاصمة، فيما تشهد البلاد تظاهرات جديدة ضدّ النظام وللمطالبة بالإفراج عن نافالني. وبدا وسط موسكو التي غطّتها طبقة رقيقة من الثلج، مثل قلعة محصّنة مع انتشار المئات من أفراد شرطة مكافحة الشغب بالدروع والهراوات.
وفي حدث نادر، أُغلقت شوارع ومحطات مترو عدّة في العاصمة تماماً، ما دفع المتظاهرين إلى تغيير مكان التجمّع في اللحظة الأخيرة. وفيما كانوا يُخطّطون للتجمّع أمام مقرّ الإستخبارات، توجّهوا نحو مركز اعتقال نافالني، لكن كثيرين منهم لم يتمكّنوا من الوصول إليه، فاتجهوا إلى وسط المدينة حيث هتفوا "بوتين لصّ" و"حرّية... حرّية"، بينما قمعتهم الشرطة بقوّة واعتقلت المئات منهم.
كما أوقفت الشرطة يوليا نافالنايا، زوجة أليكسي نافالني، لدى وصولها للمشاركة في المسيرة، لكن السلطات عادت وأفرجت عنها في وقت لاحق. وفي بداية المساء، أعلن فريق نافالني انتهاء التظاهرة في موسكو، وكتب على "تلغرام": "لقد أظهرنا لهم كم عددنا كبير!"، ودعا المتظاهرين للتعبير عن تأييدهم لنافالني من خلال حضورهم خلال مثوله أمام المحكمة الثلثاء.
وفي ردود الفعل الدولية، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة "تُدين استخدام روسيا المستمرّ للتكتيكات الوحشية ضدّ متظاهرين سلميين وصحافيين للأسبوع الثاني توالياً، وتُجدّد دعوتها إلى الإفراج عن الموقوفين من بينهم أليكسي نافالني".
وعلى الفور، ندّدت موسكو بالموقف الأميركي عبر الخارجية الروسية التي اعتبرت في بيان أن "التدخّل الوقح للولايات المتحدة في الشؤون الداخلية لروسيا هو حقيقة مثبتة، مثل الترويج للأخبار الكاذبة والدعوات لتجمّعات غير مصرحّ بها من خلال منصّات الإنترنت التي تُسيطر عليها واشنطن"، في حين رأى مبعوث بوتين لحقوق الإنسان فاليري فاديف أن "ما نراه اليوم لا علاقة له بحماية الحقوق أو النضال من أجل حياة أفضل. ما نراه اليوم هو عمل استفزازي!".
من جهته، أبدى وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في تغريدة "أسفه للإعتقالات الكثيفة"، و"الإستخدام غير المتكافئ للقوّة" بحق المتظاهرين والصحافيين. كما كتب وزير الخارجية الكندي مارك غارنو على "تويتر": "نحضّ روسيا على الإفراج عن الموقوفين واحترام التزاماتها الدولية وحماية حرّية الصحافة".
وتأتي هذه المسيرات في أعقاب يوم التعبئة الذي نُظّم السبت الماضي قبل نحو أسبوع وشارك فيه عشرات الآلاف من المتظاهرين، وأسفر عن توقيف أكثر من 4000 شخص، هذا فضلاً عن فتح نحو 20 قضية جنائية.