السيسي "يتناغم" مع ماكرون... والراعي مدعو إلى القاهرة

مصر للّبنانيين: راجعوا أولوياتكم!

01 : 59

خلال تشييع أحد ضحايا "كورونا" أمس في بلدة شمع الجنوبية (أ ف ب)

بمنظارين متناقضين تعاطى أفرقاء التأليف مع إدارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري محركات طائرته واستئناف جولاته الخارجية... الأول يرى في زيارة الحريري إلى مصر أمس "هروباً من مأزقه الداخلي ومحاولة استقواء بالخارج" كما عبّر الفريق العوني، بينما المنظار الثاني لا يرصد تعارضاً بين استكمال جهود التأليف في الداخل وإعادة تزخيم قنوات التواصل مع الخارج، بل على العكس من ذلك يرى "تكاملاً يصب في نهاية المطاف في وعاء واحد تعزيزاً لفرص الإنقاذ التي يصبو إلى التقاطها لبنان للخروج من أزمته" حسبما تؤكد مصادر مواكبة لأجواء الزيارة المصرية، مبديةً استغرابها للحملة العونية المناهضة لهذه الزيارة وسألت": "هل لبنان أصبح على عداوة مع مصر أم أنّ تكريس سياسة استعداء العرب باتت من سمات العهد القوي؟".

وتشدد المصادر على أنّ زيارة الحريري إلى القاهرة، والتي استهلها بلقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وتخللتها سلسلة لقاءات أخرى شملت وزير الخارجية والأمين العام لجامعة الدول العربية، إنما جاءت في سياق طبيعي من "المساعي المطلوب أن يبذلها أي مسؤول لبناني بهدف استنفار كل الإمكانيات المتاحة في سبيل حشد أكبر دعم ممكن لإنقاذ لبنان"، لافتةً الانتباه إلى أنّ ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا في حال أقدم كل الأفرقاء اللبنانيين على "إعلاء المصلحة الوطنية والحفاظ على قدرة الدولة اللبنانية بالمقام الأول وتسريع جهود تشكيل حكومة مستقلة قادرة على التعامل مع التحديات" كما ناشد الرئيس السيسي مختلف المكونات السياسية في لبنان، مؤكدةً أنّ مصر وجهت رسالة واضحة إلى اللبنانيين أمس تقول: "راجعوا أولوياتكم وعدّلوا في أدائكم لإنقاذ أنفسكم".

وإذ لفتت إلى أنّ "القاهرة تسعى جاهدةً لإعادة تعبيد طريق عودة لبنان إلى الحضن العربي"، نوهت المصادر في الوقت عينه بأنّ المسؤولين المصريين يشددون على أنّ تحقيق ذلك لن يكون متاحاً إلا "بعد اقتناع لبنان نفسه بأن عليه مراجعة سياساته ونبذ أي أداء أو خطاب استفزازي تجاه الدول العربية"، مشيرةً إلى وجوب "اقتناص لحظة المصالحات العربية – العربية ومواكبتها بأداء جديد يبدأ بتفعيل قنوات التواصل مع الإمارات ومصر باعتبارهما بوابتين أساسيتين تشكلان جسر عبور للبنان في اتجاه إصلاح ذات البين مع العرب".

ومن هذا المنطلق، لا تفصل المصادر بين زيارة الحريري إلى مصر أمس عن سياق زيارته إلى الإمارات، كاشفةً عن "دور محوري تلعبه القاهرة على خط التواصل الحاصل مع المملكة العربية السعودية في سبيل كسر حاجز الجليد المتراكم مع لبنان"، موضحةً انّ "الجهود المصرية في هذا السياق ترمي إلى حث الرياض على عدم التخلي عن لبنان وتقديم الدعم اللازم له بعد تشكيل حكومة تتمتع بمواصفات إنقاذية معينة، ومن هنا كان تشديد القيادة المصرية على ضرورة تشكيل حكومة استثنائية بكل ما للكلمة من معنى لكي تكون قادرة على الإنجاز وعلى إعادة مد جسور التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة لمساعدة الشعب اللبناني وإخراجه من محنته".

وتوازياً، نقلت المصادر عن المسؤولين المصريين أنهم سمعوا من الرئيس المكلف "إصراراً على التمسك بمواصفات حكومة المهمة المنصوص عنها في إطار المبادرة الفرنسية، وأنه ليس في وارد التراجع ولا الاعتذار عن التصدي لهذه المهمة وليس في وارد التخلي عن هذه المسؤولية الوطنية في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها لبنان، بل هو عازم على بذل أقصى جهوده والسعي مع مختلف الأطراف داخلياً وخارجياً لتحقيق هذه الغاية، بالتوازي مع العمل على حشد أكبر دعم ممكن اقتصادياً وصحياً للبنانيين".

وفي المقابل، تؤكد المصادر أنّ القيادة المصرية، كما جامعة الدول العربية، أبدت استعدادها "لدعم جهود الحريري في مهمته الحكومية وسط الإعراب عن شيء من الذهول إزاء استمرار حالة المراوحة اللبنانية في مواكبة تحديات المرحلة والاستجابة لمقتضيات المبادرة الفرنسية الإنقاذية"، مع الإشارة في هذا المجال إلى أنّ "الرئيس المصري يتحرك بتناغم مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خط المساعي الجارية لإنقاذ لبنان، كما أنه يعوّل على الجهود الداخلية المبذولة من جانب البطريرك الماروني بشارة الراعي في سبيل الدفع باتجاه تقريب وجهات النظر الحكومية، سيما وأنّ السفير المصري في بيروت كان قد نقل دعوة إلى البطريرك الراعي لزيارة القاهرة انطلاقاً من أهمية الدور الذي يلعبه في سبيل إعلاء المصلحة الوطنية لما فيه خير عموم اللبنانيين".


MISS 3