أنقرة تستدعي السفير الأميركي وبلينكن يُرطّب الأجواء

أردوغان يتّهم واشنطن بدعم "الإرهابيين"!

02 : 00

أردوغان مأزوم داخلياً وخارجياً (أ ف ب)

أعادت تركيا أمس إحياء إحدى أبرز نقاط الخلاف العالقة مع الولايات المتحدة، مع اتهام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واشنطن بدعم "الإرهابيين"، بعد مقتل 13 تركياً كان يحتجزهم متمرّدو حزب "العمال الكردستاني" في العراق، معتبراً الموقف الأميركي "مؤسفاً".

وترافق هجوم أردوغان على واشنطن مع احتجاج ديبلوماسي تمثل باستدعاء السفير الأميركي في أنقرة ديفيد ساترفيلد إلى الخارجية التركية المستاءة من ردّ فعل واشنطن "الضعيف" على مقتل الرعايا الأتراك الـ13، و"جرى إبلاغه بأشدّ العبارات بموقفنا من البيان الأميركي"، بحسب أنقرة.

وكانت الخارجية الأميركية قد أبدت أسفها لمقتل رعايا أتراك، مشيرةً إلى أنّها تنتظر تأكيداً إضافياً حول ما أعلنته أنقرة عن ظروف مقتلهم. وجاء في بيانها: "إذا تأكدت التقارير أنّ مدنيين أتراكاً قُتِلوا على أيدي حزب "العمال الكردستاني"، المنظّمة التي تُعتبر إرهابية، فنحن نُدين هذا العمل بأشدّ العبارات الممكنة".

وندّدت وسائل إعلام تركية موالية للحكومة باللغة المستخدمة في البيان الأميركي، فيما اعتبر مصدر في الخارجية التركية أن استخدام عبارة "إذا تأكدت" في البيان يُثير الشكوك حول صحة رواية أنقرة، بينما اعترف "العمال الكردستاني" بمقتل السجناء، لكنّه نفى رواية أنقرة، مؤكداً أنهم قُتِلوا بضربات جوّية تركية.

وفي محاولة لاحتواء غضب أنقرة، حمّل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مسؤولية مقتل الأتراك لـ"العمّال الكردستاني" خلال اتصال هاتفي مع نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو. وجاء في بيان للمتحدّث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أن "وزير الخارجية قدّم التعازي بالأتراك الذين قُتِلوا في شمال العراق، وأكد وجهة نظرنا التي تعتبر أن إرهابيي حزب "العمال الكردستاني" يتحمّلون المسؤولية".

وبينما حضّ بلينكن أنقرة على عدم الإحتفاظ بمنظومة الصواريخ الروسية "أس 400"، تعهّد وزيرا خارجية البلدَيْن بـ"تعزيز التعاون ودعم الحلّ السياسي للصراع في سوريا".

وبحسب أنقرة، فقد كان الدعم الأميركي لـ"وحدات حماية الشعب" الكردية وخلافات أخرى بين أنقرة وواشنطن مثل شراء تركيا لـ"أس 400"، موضع بحث في المحادثة الهاتفية، وهي الأولى بين الوزيرَيْن. وعبّر تشاوش أوغلو لمحاوره عن "انزعاج أنقرة من التصريحات الأميركية في هذه الفترة"، وفق الخارجية التركية.

وتعكس تصريحات أردوغان الرافضة للموقف الأميركي، عدم ثقة أنقرة بواشنطن في ما يتعلّق بسياستها إزاء المتمرّدين الأكراد. وفي حين أن واشنطن تعتبر حزب "العمال الكردستاني" منظّمة إرهابية، لكنّها تدعم مقاتلين أكراداً في سوريا مرتبطين به، في إطار مكافحة تنظيم "داعش". وفي هذا الإطار، قال الرئيس التركي متوجّهاً لواشنطن: "لا يُمكن لكم أن تكونوا مع الإرهابيين. إذا ما أردتم أن تكونوا طرفاً، فقفوا إلى جانبنا"، مضيفاً: "لا يُمكن لأي بلد أو شخص أو كيان طرح تساؤلات بعد اليوم عن العمليات العسكرية لتركيا (في العراق) بعد مجزرة قارا". وتابع: "لن يأمن الإرهابيون بعد اليوم في أي مكان، لا في قنديل ولا في سنجار"، في شمال العراق.

وبعد ساعات من إعلان مقتل الأتراك الـ13، تعهّد وزير الداخلية التركي سليمان صويلو بأن القوّات التركية ستُلقي القبض على القائد العسكري لـ"العمّال الكردستاني" مراد قرايلان الموجود في شمال العراق، قائلاً: "إذا لم نتمكّن من إلقاء القبض على مراد قرايلان لتقطيعه ألف قطعة، فليبصق الناس بوجهي!".

وفي الأثناء، استغلّت أنقرة الظروف بحيث ضاعفت الضغط على حزب "الشعوب الديموقراطي" الداعم للأكراد، والذي تعتبره تركيا الواجهة السياسية لحزب "العمال الكردستاني". وأعلنت الداخلية التركية أمس توقيف قوّات الأمن 718 شخصاً، بينهم قياديون في "الشعوب الديموقراطي"، للإشتباه بارتباطهم بـ"العمال الكردستاني".

وذكرت الداخلية أنّه تمّ "ضبط عدد كبير من الأسلحة والوثائق والمواد الرقمية الخاصة بالمنظّمة (الإرهابية) خلال مداهمات"، موضحةً أن العمليات شملت 40 مدينة في البلاد ولا تزال مستمرّة، بينما كان "الشعوب الديموقراطي" قد أعرب عن "حزنه العميق" لمقتل مواطنين أتراك في العراق، داعياً "العمّال الكردستاني" إلى الإفراج عن بقية السجناء.


MISS 3