جاد حداد

Behind Her Eyes... قصة مشوّقة ونهاية صادمة

22 شباط 2021

02 : 00

يصعب ألا ينبهر المشاهدون بمسلسل Behind Her Eyes (وراء عينَيها) الجريء بمواضيعه والمميز بأداء ممثليه. العمل مقتبس من رواية سارة بينبورو التي حققت أعلى المبيعات في العام 2017. سيُسَرّ محبو الكتاب بهذا المسلسل حتماً لأن صانعه ستيف لايتفوت اقتبسه بكل أمانة وتولى أيضاً كتابة أربعة من حلقاته الست. أما المشاهدون الذين لا يعرفون القصة الأصلية، فسينجذبون إلى طاقم الممثلين الأقوياء وإيقاع العمل السريع والتحولات المفاجئة في هذه القصة المشوّقة. في منتصف الحلقات تقريباً، يتخذ المسلسل منحىً مختلفاً بالكامل ويصل إلى نهاية صادمة بمعنى الكلمة. لن ترضي هذه النهاية جميع الناس طبعاً، فهي تتطلب التخلي عن الأفكار المتوقعة في هذا النوع من الأعمال. لكن يقدّم لايتفوت والكاتبة الأخرى أنجيلا لامانا والمخرج إريك ريتشر العمل بطريقة متماسكة وقوية ويلبّي الممثلون متطلبات السيناريو بسلاسة فائقة. باختصار، لا مفر من أن نُعجَب بهذا العمل حتى لو كرهنا النتيجة التي يؤول إليها في النهاية.

يتمحور المسلسل حول الخيانة والهوية وكيفية غدر الذات والآخرين. في لندن المعاصرة، تحاول الأم العازبة "لويز" (سيمونا براون) التوفيق بين الاعتناء بابنها "آدم" البالغ من العمر 7 أعوام (تايلر هويت) وتجاوز تجربة طلاقها قبل ثلاث سنوات. خلال ليلة نادرة تمضيها في الخارج، تلتقي برجل اسكتلندي ساحر، فتتكلم وتضحك معه طوال ساعات: إنه "ديفيد" الوسيم (توم بايتمان) الذي تنجذب إليه بسهولة. وحين يتبادلان القُبَل أخيراً خارج الحانة، يتوقف "ديفيد" فجأةً عن تقبيلها وتعرف "لويز" السبب في اليوم التالي. لم يكن كافياً أن يصبح "ديفيد" رب عملها الجديد (هو آخر طبيب نفسي انضم إلى المكتب الذي تعمل فيه "لويز" كمساعِدة إدارية)، بل يتبيّن أيضاً أنه متزوج من "أديل" الأنيقة والمتزنة (إيف هيوسون). لا تعرف هذه الأخيرة شيئاً عن القبلة التي تبادلها زوجها مع مساعدته أو إلى أي حد كانت علاقتهما لتتطور.





ما الذي يُفترض أن تفعله "لويز" في هذه الحالة؟ هي لا تستطيع أن تخسر عملها. من الأفضل على الأرجح أن تتجاهل الانجذاب الذي تشعر به تجاه "ديفيد" وأن يعملا معاً بكل احترافية. لكن عندما تقابل "أديل" صدفةً أثناء إيصالها "آدم" إلى المدرسة، تعجز عن تجاهل تلك المرأة التي تحاول أن تصبح صديقتها. تبدو "أديل" امرأة وحيدة جداً، فلا أصدقاء لها في الحي الذي انتقلت إليه مع "ديفيد" من أجل منصبه الجديد. سرعان ما تصبح "لويز" عالقة بين الاثنين، فيزيد انجذابها نحو "ديفيد" اللطيف والجدير بالثقة ويزيد إعجابها بشخصية "أديل" الودية. ألا تستطيع أن تتابع مغازلة "ديفيد" تزامناً مع مصادقة "أديل"؟ وإذا لم يعرف أيٌّ منهما بعلاقتها مع الآخر، ما هو أسوأ ما قد يحصل؟

يقيم المسلسل توازناً مناسباً بين هذه العوامل كلها في البداية ثم يعرض خلفية كل شخصية لتفسير ما أوصلها إلى هذا الوضع بطريقة منهجية، فلا نلاحظ أحياناً إلى أي حد زادت الأحداث تعقيداً. تعيش "لويز" نوبات رعب ليلية، فتفكر بموت والدتها وتتأجج مخاوفها من حدوث أمر مريع لابنها "آدم". في المقابل، سنشاهد ذكريات "أديل" عن الفترة التي أمضتها في مستشفى للأمراض النفسية بعد تعرضها لحادث مأسوي في الماضي والصداقة الوثيقة التي ربطتها هناك مع المدمن على الهيروين "روب" (روبرت أرامايو).

تكون ذكريات "أديل" عن الماضي مختلفة جداً عن ذكريات "ديفيد" الذي يرفض الرد على اعترافات زوجته بالحب ويتجنب العودة إلى المنزل ويُخصص لها خزانة مليئة بالأدوية. يؤكد المسلسل على الفكرة القائلة إن أحداً لا يستطيع أن يعرف حقيقة ما يحصل في العلاقات الزوجية، لكن هل يسهل في المقابل أن نعرف ما يدور داخل الشخص الآخر؟ حين تنغمس "لويز" في حياة "ديفيد" و"أديل" الفردية والمشتركة مع مرور الأيام، تشهد علاقاتها تقلبات متواصلة وتدفعنا الأحداث إلى التساؤل: هل يقول هؤلاء الأشخاص الثلاثة الحقيقة لأنفسهم أو لبعضهم البعض؟

يُعتبر أداء براون وبايتمان وهيوسون وأرامايو أساسياً للحفاظ على إيقاع ناجح ومتوازن على مر الأحداث. يتجاوب هؤلاء الممثلون مع التقلبات الحاصلة في نمط المسلسل من دون إبداء ردود أفعال مبالغ فيها تجاه النقاط الغريبة التي تشملها الحبكة، وتُعرَض هذه التفاصيل كلها بسلاسة مطلقة لدرجة ألا نشعر بثقل الانتقال بين مختلف مراحل القصة. باختصار، يمكن اعتبار مسلسل Behind Her Eyes عملاً ترفيهياً ساحراً في عالم التلفزيون، وهو يثق بالخليط المتناقض الذي يقدّمه لدرجة أن يعجز المشاهدون عن تفويت أي مشهد فيه. قد نحب النهاية الجريئة على نحو استثنائي أو نكرهها، لكن لا مفر من أن تصبح محط جدل بين الناس.