عيسى يحيى

الهمّ المعيشي في بعلبك ـ الهرمل يتقدّم والإنتفاضة على الواقع معدومة

23 شباط 2021

02 : 00

الانتفاضة مقتصرة على مواقع التواصل الاجتماعي

تحت وطأة الكوارث والأزمات التي تعصف بالمواطنين، من الأزمة الصحّية التي تشتدّ وطأتها وتطوّق الناس وتهدّد حياتهم، إلى الأزمة الإقتصادية التي يرزحون تحتها ويتحكّم فيها سعر صرف الدولار وتتأثّر معه أسعار السلع وتنخفض القدرة الشرائية للناس، يعيش هؤلاء يومياتهم وأيديهم على قلوبهم خوفاً من الأسوأ.

لا همّ يعلو على الهمّ المعيشي في بعلبك ـ الهرمل، فالضائقة التي يمرّ بها الناس تكاد تخطف أنفاسهم من دون أي حلول تلوح في الأفق، وأرباب السلطة في وادي تقاسم الحصص والوزارات، والناس هنا في وادي البحث عن رغيف الخبز وليترات المازوت لتقي عائلاتها شرّ الجوع والصقيع، يقصدون منصّات وسائل التواصل الإجتماعي بحثاً عن مساعدة من دون الإتيان على ذكر الإسم، فتعفّفهم عن طلب المساعدات في الشوارع أو على أبواب الجمعيات ومكاتب الأحزاب يطغى على عوزهم وفقرهم.

بشقّ الأنفس يؤمّن علي ر. متطلّبات يوميات عائلته البسيطة، والتي تخلو من اللحوم والدجاج وكل الدهون وِفق ما يقول لـ "نداء الوطن"، ويضيف أنّ تلك الأصناف نسيناها منذ زمن، ومعها بات المثل الجديد الذي يصف حالنا مع تلك السلع: "لا عم نشمّ ولا عم ندوق"، فالأسعار كالنار تلسع جيوبنا، واللحوم باتت محرّمة علينا منذ أن أصبح الكيلو 36 ألفاً وكيف الحال بعدما تخطّى الـ 55 ألفاً، وعائلتي مكوّنة من أربعة أولاد وأمّهم ونحتاج أقلّه في الطبخة الواحدة إلى نصف كيلو، ولم يعد همّنا اليوم ان نأكل مثل ما نحبّ، فنحن نأكل وِفق ما نستطيع، وحتى لحمة الفقير وهي البطاطا أصبحت تُعدّ على المائدة وِفق برنامج أسبوعي. ويشير الى أنّ متطلّبات اليوم الواحد من خبز ومازوت وطبخة بسيطة تحتاج لأكثر من خمسين ألف ليرة وأنا "شغيل فاعل إذا ما إشتغلت ما باكول ولا بطعمي ولادي"، والكثير من أهالي المنطقة لا رواتب شهرية لديهم وهم يعتمدون على الشغل اليومي، سائلاً عن المساعدات المالية المنتظرة وهل سيصله الدور بعدما ملأ إستمارة على موقع وزارة الشؤون الإجتماعية.

لا عجب من زيادة أسعار السلع الأساسية واللحوم والمواد الغذائية، فأصحاب تلك المصالح يجلسون على بورصة الدولار ويرفعون الأسعار مع كل زيادة في سعر الصرف حتى لو كانت بسيطةً جداً وتحتسب بالليرات، أما في حال سجّل سعر الصرف إنخفاضاً فتبقى الأسعار على حالها، والمواطن لم يعد لديه القدرة على التحمّل في ظلّ غياب الجهات الرقابية، فالمواد المدعومة لا يلمحها أحد على رفوف السوبرماركات، ومعظم الأدوية مفقودة، والبلد كله يتحوّل مافيات، مافيات سلطة ومافيات تجّار وغيرها، وِفق ما يقول أحد المواطنين لـ"نداء الوطن".

واقع الحال الذي وصل إليه الناس من دون أن تحرّك ساكناً وتنتفض على الواقع الذي تعيشه بات أشبه بالأمر الواقع، والإنتفاضة على الضائقة المعيشية والإقتصادية تقتصر على وسائل التواصل الإجتماعي، وإذا ما دُعي إلى تحرّك في بعلبك تكون المشاركة شبه معدومة لأسبابٍ كثيرة. فالبعض يعتبر نفسه"ربّ" التحرّكات في بعلبك وصاحب الثورة والناطق الوحيد باسمها، والبعض الآخر لا يشارك لأنّ الساحة محسوبة على اسم أو مجموعة، والبعض الآخر يخاف النزول إلى الشارع لأنه محسوبٌ على بيئة معينة ولا يجوز أن ينتفض. وفي هذا الإطار أشار ق. ط. الى أنّ الإنتفاضة اليوم بوجه السلطة والغلاء وما يحدث بات أمراً شرعياً وضرورياً، وأنا من الأشخاص الذين لم ينزلوا يوماً إلى الشارع لكنّ الوضع بات غير محتمل، والتنظير من خلف الشاشات والثورة عبر وسائل التواصل الإجتماعي لا يمكن أن يوصلا إلى نتيجة، فالمطلوب تكاتف الناس في ما بينهم للمطالبة الحقيقية بتغيير الواقع لا البحث عن الشهرة، مشيراً الى أن عدم تحرك الناس رغم الإرتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار يعود إلى غياب الجهة المبادرة بالدعوة، سواء نقابات أو غيرها، و"كورونا"، بالرغم من أنّ معظم المناطق تتحرك في هذه الظروف الصحيّة الصعبة، معتبراً أنّ الوضع يتطلّب تعاون الجميع ويتطلّب أيضاً ظهراً يحمي الناس والمتظاهرين في حال نزولهم.


MISS 3