بوتين دعا كلّ الأطراف إلى ضبط النفس

أرمينيا... باشينيان يتّهم الجيش بـ"محاولة إنقلاب"!

02 : 00

باشينيان يلتقي أنصاره في وسط يريفان أمس (أ ف ب)

بعدما وصلت التوترات الداخلية المتواصلة منذ أشهر بسبب تداعيات حرب إقليم ناغورني قره باغ مع أذربيجان العام الماضي، إلى ذروتها، اتهم رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان الجيش بـ"محاولة إنقلاب" عقب إعلانه إقالة مسؤول عسكري رفيع المستوى، فيما نزل أنصاره ومعارضوه إلى الشارع، ما يُهدّد بعودة الإضطرابات على الأرض.

وأمام 20 ألفاً من مؤيّديه في وسط يريفان، دعا باشينيان الجيش إلى أداء واجبه وإطاعة الشعب والمسؤولين المنتخبين بعدما طالبه الجيش بالإستقالة. ولم تكن هناك مؤشّرات الى أي تدبير عسكري ضدّ باشينيان بعد بيان هيئة الأركان الذي اعتبره "محاولة إنقلاب".

وإذ قال باشينيان خلال التجمّع الحاشد: "بصفتي رئيس وزراء منتخباً، آمر جميع الجنرالات والضبّاط والجنود: قوموا بواجبكم في حماية حدود البلاد ووحدة أراضيها"، اعتبر أنه يجب على الجيش "أن يمتثل لإرادة الشعب والسلطات المنتخبة"، فيما أقال رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال أونيك غاسباريان. كما أكد أنّه مستعدّ لبدء محادثات مع المعارضة، لكنّه هدّد أيضاً بتوقيف أي من معارضيه الذين "يتجاوزون التصريحات السياسية".

كذلك، أصدرت وزارة الدفاع بياناً أعلنت فيه أنه من غير المقبول إقحام الجيش في السياسة، مشدّدةً على أن "الجيش ليس مؤسّسة سياسية ومحاولات إقحامه في العملية السياسية غير مقبولة". ورأت أن "أي محاولة كتلك هي تهديد لإستقرار الجمهورية الأرمنية وأمنها".

وبُعيد إعلان رئيس الوزراء، دعا حزب "أرمينيا المزدهرة"، أكبر تشكيلات المعارضة، باشينيان، إلى "عدم قيادة البلاد إلى حرب أهلية وإراقة دماء"، معتبراً أن "لدى باشينيان فرصة واحدة أخيرة للمغادرة من دون حدوث أي اضطرابات". وكانت المعارضة، التي تُطالب برحيل رئيس الوزراء منذ الهزيمة العسكرية لأرمينيا أمام أذربيجان في قره باغ، قد دعت أيضاً إلى التظاهر، حيث تجمّع أكثر من 10 آلاف من أنصارها في جزء آخر من وسط يريفان أمس، وتعهّد البعض بتنظيم تظاهرات مستمرّة حتّى استقالة باشينيان.

وبعد ذلك، نصب معارضون خيماً أمام البرلمان متعهّدين البقاء حتّى رحيل رئيس الوزراء. وقد أقاموا حواجز بواسطة حاويات القمامة، في وقت انتشرت فيه شرطة مكافحة الشغب بأعداد كبيرة في الحي.

وفي موسكو، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث آخر المستجدّات في أرمينيا مع باشينيان. وأكد المتحدّث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف أن بوتين أعرب خلال المكالمة عن "تأييده للحفاظ على النظام والهدوء في أرمينيا وتسوية الوضع ضمن إطار القانون حصراً". ودعا الرئيس الروسي كلّ الأطراف في أرمينيا إلى ضبط النفس، في حين أكد الاتحاد الأوروبي أنه يُتابع الوضع، داعياً الجيش إلى البقاء على الحياد في المسائل السياسية. ولاحقاً، دعت واشنطن القوّات المسلّحة في أرمينيا إلى "عدم التدخّل في الشؤون السياسية".

وكان باشينيان قد أقال نائب رئيس هيئة الأركان العامة تيغران خاتشاتريان الأربعاء، ما دفع هيئة الأركان إلى المطالبة باستقالته، معتبرةً أنّه "لم يعد قادراً على اتخاذ القرارات اللازمة". واتّهمه العسكريون بشنّ "هجمات تهدف إلى تشويه سمعة القوّات المسلّحة". وكان رئيس الوزراء أقال خاتشاتريان لأنّه سخر في الصحافة من تصريحاته التي تُشكّك في صدقية نظام الأسلحة الروسي قاذفات صواريخ "إسكندر" خلال نزاع قره باغ. ورأت هيئة الأركان أن هذا القرار استند فقط إلى "مشاعر وطموحات شخصية" لباشينيان.

ويُواجه رئيس الوزراء الأرمني ضغوطاً من المعارضة التي تُطالب باستقالته منذ الهزيمة العسكرية لأرمينيا في خريف 2020 في نزاع قره باغ. وفي ذلك الوقت وفي مواجهة خطر وقوع كارثة، طلب الجيش من رئيس الحكومة قبول شروط وقف لإطلاق النار تفاوض عليه بوتين يُفضي إلى خسارة أرمينيا مساحات واسعة من الأراضي.

ولا تزال يريفان تُسيطر على معظم منطقة قره باغ. لكن أرمينيا خسرت في النزاع الدموي مدينة شوشا التي تحمل رمزية تاريخية بالنسبة إلى الأرمن، هذا فضلاً عن مناطق محيطة بقره باغ، كانت بمثابة "حزام أمني" لها. وباشينيان صحافي سابق ومعارض تاريخي. وقد وصل إلى السلطة في ربيع 2018 مدفوعاً بثورة واعدة بإخراج هذا البلد القوقازي من الفقر واجتثاث النخبة الفاسدة التي تكتّلت اليوم ضدّه.