خالد أبو شقرا

الإستحواذ والدمج خياران ضروريان لبناءٍ مصرفي قوي ومتطوّر

تجميع البنوك يجنّبنا الـ"Domino Effect"

5 أيلول 2019

01 : 53

يعود قانون دمج المصارف الصادر عن مصرف لبنان الى العام 1993
لغاية الماضي القريب، كان تنامي القطاع المصرفي عددياً، يعتبر أمراً مقبولاً، لا بل أحياناً، مطلوباً للمساهمة في عملية النهوض، من خلال جذب الودائع لدعم القطاعات الانتاجية وتمويل عجز الدولة. لكن القطاع الذي جلب للبنان تسمية "سويسرا الشرق"، ودفع القريب والبعيد الى التغني بمميزاته الفريدة، وقدراته الجبارة وحسن تنظيمه، بدأ يقف أخيراً أمام تحديات جديدة. هذا ما أبرزته الورقة البيضاء لشركة الاستشارات العالمية "KPMG".

عبّرت الورقة البيضاء لشركة «KPMG» بصراحة عن ضرورة البدء سريعاً بعملية تجميع البنوك اللبنانية، من خلال عمليات الإستحواذ والدمج، للإبتعاد عن المخاطر، رفع المرونة، ومواكبة التطورات العالمية.

فعلى مدى السنوات التي أعقبت الحرب الأهلية، إرتفع عدد المصارف اللبنانية باضطراد، حتى وصل اليوم الى 49 مصرفاً تجارياً، تعمل في إقتصاد لا يتعدى حجم ناتجه القومي الـ 52 مليار دولار.

بينما لا يوجد في المملكة العربية السعودية، التي يبلغ حجم ناتجها القومي 680 ملياراً سوى 13 مصرفاً تجارياً. أما على الصعيد العالمي فيوجد في اسبانيا 4 مصارف لكل مليون نسمة، و2.5 مصرفاً في فرنسا، فيما يوجد في لبنان 8 مصارف لكل مليون مواطن.

تحدّيات القطاع المصرفي

العدد الهائل للمصارف التجارية لم يعد دليل عافية، بل أصبح وفق المدير التنفيذي لـ "KPMG" في لبنان نافذ المرعبي، "مصدر قلق فعلي، وتحديداً على المصارف الصغيرة. ففي حال تعثر أحد المصارف، سيحدث موجة ارتدادية من الهلع والارباك في السوق، تؤدي الى ما يعرف بالـ "Domino effect"، أو ما يعني، سقوط كل الاحجار بشكل متتالٍ بمجرد انهيار حجر واحد".

هذا وتتعرض المصارف التجارية، الى الكثير من الضغوط نتيجة حملها الجزء الاكبر من مديونية الدولة، والتي تقدّر بثالث أكبر عجز في العالم. وهو ما يدفع الى امتصاص السيولة من الاسواق، وتباطؤ الدورة الاقتصادية وعجز المصارف عن القيام بدورها الطبيعي تجاه تحفيز القطاع الخاص والقطاعات الانتاجية، "فالاموال كلها تذهب للحكومة" يقول المرعبي.

مشكلة أخرى تواجه المصارف الصغيرة، وتتلخص بقدرتها على التطور. وبحسب الورقة البيضاء فان "المصارف التي لا تستثمر في التكنولوجيا ستفقد القدرة على مواكبة التطورات والشروط العالمية الجديدة، لجهة توفر الذكاء الصناعي، والمعاملات الالكترونية وانظمة السلامة ودرء المخاطر، ومكافحة تبييض الاموال وغيرها.. وسيكون مصيرها الزوال". وبالتالي فان معظم المصارف الصغيرة لا تملك القدرات المادية ولا الخبرات والمؤهلات اللازمة لتطبيق التقنيات الحديثة.

انطلاقاً مما تقدم يرى المرعبي، "أن عمليات استحواذ البنوك الكبيرة على الصغيرة، والاندماج، لم تعد مجرد خيار، بل تتجه لتصبح أمراً واقعاً يفرض نفسه على المصارف، وذلك لحمايتها وحماية النظام الاقتصادي". فالضغوط الاقتصادية التي يعيشها لبنان وغياب الاستقرار وزيادة المتطلبات العالمية وانظمة الحماية والمراقبة وحاجة القطاع المصرفي الى رفع مرونته تجاه التحديات وتقليل المخاطر، تفرض السير جدياً بتطبيق القانون رقم 192 الصادر في العام 1993، الذي يقضي بتشجيع ودعم عمليات الاستحواذ والدمج من قبل المصرف المركزي.



MISS 3