"مناورات بحريّة" بين إسرائيل وقبرص واليونان

أنقرة تتودّد إلى القاهرة... ومصر توضح موقفها!

02 : 00

كثفت تركيا بادرات الانفتاح تجاه مصر، داعيةً أمس إلى "تعزيز الاتصالات" من أجل إنهاء أزمة مستمرّة منذ حوالى عقد، فيما تسعى أنقرة إلى كسر عزلتها الديبلوماسية في شرق المتوسط، بعدما باتت مستبعدة من الإتفاقات بين دول الجوار في شأن اكتشافات الغاز الطبيعي الكبرى في السنوات الماضية.

وإذ قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو: "لدينا اتصالات مع مصر على مستوى أجهزة الإستخبارات ووزارتَيْ الخارجية. لقد بدأت الاتصالات على المستوى الديبلوماسي"، أوضح أنّه "لم يكن هناك شرط مسبق من جانب المصريين، كما أنّنا لم نضع شرطاً مسبقاً. لكن حين تتوقف العلاقات على مدى سنوات، فليس من السهل العمل كما لو أن شيئاً لم يحصل".

كذلك، أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للصحافيين إلى أنّه يُريد أن تُمهّد هذه المحادثات الأولية الطريق أمام محادثات محتملة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وقال: "رغبتنا هي في توسيع هذه العملية وتعزيزها بشكل أكبر. من ثمّ، بعد أن تُعطي هذه الاتصالات على المستويات الإستخباراتية والسياسية والديبلوماسية نتائج، سنأخذ هذا الأمر إلى مستويات أعلى بكثير".

وفي المقابل، وردّاً على التودّد التركي، أوضح مصدر رسمي مصري بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء "الشرق الأوسط" أنّه ليس هناك ما يُمكن أن يُطلق عليه توصيف "استئناف الاتصالات الديبلوماسية"، معتبراً أن "البعثتَيْن الديبلوماسيّتَيْن المصرية والتركية موجودتان على مستوى القائم بالأعمال اللذَيْن يتواصلان مع دولة الاعتماد وفقاً للأعراف الديبلوماسية المتّبعة".

وأكد المصدر المصري أن "الارتقاء بمستوى العلاقة بين البلدَيْن يتطلّب مراعاة الأطر القانونية والديبلوماسية التي تحكم العلاقات بين الدول على أساس احترام مبدأ السيادة ومقتضيات الأمن القومي العربي"، مشيراً إلى أن "مصر تتوقع من أي دولة تتطلّع إلى إقامة علاقات طبيعية معها أن تلتزم بقواعد القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار وأن تكفّ عن محاولات التدخّل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة"، فيما شدّد في الوقت عينه على "أهمّية الأواصر والصلات القوية التي تربط بين شعبَيْ البلدَيْن".

وبالفعل، فإنّ المصالحة بين الدولتَيْن لا تبدو سهلة بعد التصريحات الحادة التي صدرت في السنوات الماضية والتضارب العميق في المصالح بينهما. وكان أردوغان قد وصف مراراً السيسي بأنّه "انقلابي"، لكنّه خفف حدّة انتقاداته في إطار مسعى أنقرة إلى تهدئة حدة التوتر مع دول المنطقة. وبالتالي، فإنّ استئناف العلاقات يجري "بخطوات صغيرة" بموجب "استراتيجية معيّنة، خريطة طريق"، كما قال تشاوش أوغلو.

وكثفت أنقرة في الأسابيع الماضية تصريحات التهدئة حيال مصر، إذ أبدى وزير الخارجية التركي في مطلع آذار "استعداده للتفاوض مع مصر" على اتفاق بحري جديد في شرق المتوسط الغني بالمحروقات. وقد أنشأت قبرص واليونان ومصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن وإيطاليا العام 2019 "منتدى الغاز في شرق المتوسط"، من دون إشراك تركيا. وبعدما شعرت أنقرة بأنّها مستبعدة، كثفت عمليات التنقيب الأحادية الجانب في مياه المتوسط منذ السنة الماضية، ما أثار غضب أثينا ونيقوسيا على وجه الخصوص.

وفي آب الماضي، وقعت اليونان ومصر اتفاقاً لترسيم حدودهما البحرية المشتركة، فيما كانت هناك أزمة بين أنقرة وأثينا بخصوص موضوع المحروقات في شرق المتوسط، ما أثار غضب تركيا.

وإلى جانب مصر، تسعى أنقرة إلى تهدئة التوتر مع دول مجاورة لها في شرق المتوسط مثل اليونان وإسرائيل، ودول الخليج أيضاً، خصوصاً السعودية والإمارات.

وفي هذا الصدد، قال تشاوش أوغلو أمس: "ليس هناك من سبب لعدم تحسّن علاقاتنا مع السعودية"، مضيفاً: "إذا اعتمدوا موقفاً إيجابياً فسنقوم بذلك أيضاً. الأمر نفسه ينطبق على الإمارات".

وقد توتّرت العلاقات بين أنقرة من جهة والرياض وأبوظبي من جهة ثانية في السنوات الماضية، بسبب دعم تركيا لقطر خلال أزمة الخليج الأخيرة، كما ودعمها للجماعات الإسلامية المتطرّفة، هذا فضلاً عن خلافات جيوسياسية أخرى.

وفي الغضون، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أجرى تدريبات بحرية مشتركة مع اليونان وقبرص، في أحدث مؤشّر على زيادة التعاون بين الدول الثلاث، التي تنظر بقلق إلى أنشطة تركيا في شرق البحر المتوسط.

وتأتي هذه المناورات بعد أيّام قليلة على إجراء الجيش التركي مناورات في البحرَيْن المتوسط وإيجه، تحت اسم "الوطن الأزرق"، وهو شعار المخطّط التوسّعي التركي في المنطقة.

وذكر الجيش الإسرائيلي أن مناورات "نوبل دينا"، شاركت فيها فرنسا أيضاً، وفق ما أوردت وكالة "أسوشييتد برس". وتضمّنت المناورات تدريبات على مكافحة الغوّاصات وسيناريوات البحث والإنقاذ، وسيناريو يُحاكي معركة بين السفن.

وبينما اختُتمت التدريبات بالأمس، قال قائد العمليات البحرية الإسرائيلية الأميرال إيال هاريل: "خلال الأسبوع الماضي، قادت البحرية تدريبات واسعة النطاق نفذت فيها قدرات في الحرب تحت الماء، والبحث والإنقاذ، ومرافقة القوافل، والقتال السطحي"، مضيفاً: "هذه التدريبات لها أهمّية قصوى في تعزيز علاقة البحرية مع الأساطيل الأجنبية التي تشترك في المصالح".

واتخذت إسرائيل واليونان وقبرص عدداً من الخطوات في الأشهر الأخيرة لتعزيز العلاقات السياسية والإقتصادية والعسكرية وغيرها، بما في ذلك خطط متقدّمة لبناء كابل كهربائي تحت البحر بقدرة 2000 ميغاوات وخط أنابيب للغاز بطول 1900 كيلومتر (1300 ميل) تحت البحر.