"محادثات متوتّرة" بين واشنطن وبكين

بايدن يردّ على عرض بوتين

02 : 00

العلاقات الجيوستراتيجية الأميركية - الصينية تتأزّم يوماً بعد يوم (أ ف ب)

بينما عاد الرئيس الأميركي جو بايدن للتأكيد أن العقوبات على موسكو آتية، أعرب عن قناعته بإجراء محادثة في مرحلة معيّنة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي كان قد اقترح عقد مناقشات "على الهواء مباشرة" بينهما، فيما أوضح المتحدّث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن موسكو في علاقاتها مع واشنطن تأمل دائماً في الأفضل، لكنّها تستعدّ للأسوأ.

وإذ أكد بيسكوف أن عرض بوتين إجراء محادثات مباشرة على الإنترنت مع بايدن لا يزال قائماً، شدّد على أنّه "لا يُمكن تجاهل" تصريحات الرئيس الأميركي عن نظيره الروسي، التي وصفه فيها بأنّه "قاتل".

بدوره، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو جاهزة للتطوّر الصعب للوضع في العلاقات الروسية - الأميركية. وذكّر لافروف، خلال كلمة ألقاها عبر الفيديو في جلسة مجلس الأمناء لصندوق غورتشاكوف الروسي، بالموقف المُعلن سابقاً الذي مفاده أن موسكو ستكون جاهزة للتعاون مع الولايات المتحدة "فقط في المجالات المهمّة بالنسبة إليها، وفقط بشروط مفيدة لها".

وكان لافتاً بالأمس موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي اعتبر أن تصريحات بايدن حول الزعيم الروسي "لا تُناسب رئيس دولة وغير مقبولة"، وأشاد بالردّ "الراقي" لبوتين.

وعلى جبهة التوتّر الأميركي - الصيني، اتهمت الولايات المتحدة الصين بـ"الغوغائية" والتركيز على القيام بـ"استعراض بدلاً من النقاشات الجوهرية"، وذلك خلال اجتماع مع مسؤولين في وزارة الخارجية الصينية في ألاسكا، هو الأوّل منذ انتخاب بايدن رئيساً.

وانتقد مسؤول أميركي كبير في أنكوراج في ألاسكا، حيث عقد اجتماع يومَيْ الخميس والجمعة، بشكل خاص المسؤول الديبلوماسي في الحزب الشيوعي الصيني يانغ جيشي لأنّه "انتهك البروتوكول على الفور" الخميس ببيانٍ افتتاحيّ طويل بدلاً من خطاب قصير مدّته دقيقتان متفق عليه مسبقاً، فيما كان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد حذّر من أن تصرّفات الصين "تُهدّد النظام القائم على القواعد والذي يضمن الإستقرار العالمي".

وقال بلينكن أمام يانغ جيشي ووزير الخارجية الصيني وانغ يي: "سنُناقش مخاوفنا العميقة في شأن تصرّفات الصين في شينجيانغ"، وكذلك في "هونغ كونغ وتايوان"، هذا فضلاً عن "الهجمات الإلكترونية ضدّ الولايات المتحدة والإكراه الاقتصادي ضدّ حلفائنا". وأضاف بلينكن: "كلّ من هذه التصرّفات يُهدّد النظام القائم على قواعد تضمن الإستقرار العالمي، لذا لا يتعلّق الأمر فقط بمسائل داخلية، ونشعر بمسؤولية التطرّق إليها"، في ردّ على الصين التي تؤكد أن هذه الأمور لا تندرج في إطار الديبلوماسية.

من جهته، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى نزاع مع بكين، لكنّها "منفتحة على منافسة شرسة" معها. وتابع: "سنُكافح دائماً في سبيل مبادئنا وشعبنا وأصدقائنا"، بينما شدّد جيشي على أن "الصين تُعارض بشدّة التدخّل الأميركي في الشؤون الداخلية للصين". وقال جيشي في هذا الصدد: "أعربنا عن معارضتنا الشديدة لتدخّل كهذا، وسنتّخذ إجراءات حازمة للردّ"، مضيفاً: "ما يتعيّن علينا القيام به هو التخلّي عن عقلية الحرب الباردة". كما أكد أنّه لا يُريد "لا مواجهة ولا صراعاً". غير أنّه وجّه اللوم للولايات المتحدة مطوّلاً لرغبتها في "فرض ديموقراطيّتها على بقية العالم".

وردّ بلينكن عليه قائلاً: "ما أسمعه مختلف تماماً عمّا تصفونه. أسمع ارتياحاً عميقاً لعودة الولايات المتحدة إلى جانب حلفائنا وشركائنا، لكنّني أسمع أيضاً مخاوف عميقة في شأن إجراءات معيّنة لحكومتكم".

من جانبه، استنكر وزير الخارجية الصيني وانغ يي العقوبات الأميركية الأخيرة التي أُعلنت عشية هذا الاجتماع ردّاً على ممارسات الصين في هونغ كونغ، قائلاً: "ليست هذه هي الطريقة التي تُرحّبون بها بضيوفكم".

توازياً، أكدت وزارة الدفاع التايوانية في تقريرها الدفاعي الذي يُنشر مرّة كلّ 4 سنوات أن الصين تُعزّز قدرتها لمهاجمة تايوان ومحاصرتها، محذّرةً من أنّ بكين تنشر صواريخ بعيدة المدى لمنع القوّات الأجنبية من تقديم مساعدة في حال الحرب، وتشنّ حرباً نفسية لتقويض الثقة بالجيش.

وفي ملف شائك آخر، وبعدما بدأت الصين بمحاكمة كنديّيْن تتّهمهما بالتجسّس، ندّد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بـ"غياب الشفافية" في الإجراءات القانونية المتّخذة بحق المواطنَيْن الكنديّيْن، في إطار وضع اعتبره "غير مقبول إطلاقاً".

وقال ترودو: "دعوني أتكلّم بوضوح تام. اعتقالهما التعسّفي غير مقبول إطلاقاً، كما هي الحال بالنسبة إلى غياب الشفافية حيال إجراءات المحاكمة هذه"، وذلك في تصريحات للصحافيين أعقبت جلسة محاكمة مايكل سبافور، أحد الكنديّيْن المعتقلين في الصين، والتي استمرّت 3 ساعات. ومن المقرّر أن يمثل الصحافي الكندي الموقوف الثاني مايكل كوفريغ أمام المحكمة يوم الإثنين.

واعتُقل سبافور في كانون الأوّل 2018 في الوقت ذاته مع كوفريغ، بُعيد توقيف المديرة المالية لمجموعة الاتصالات الصينية العملاقة "هواوي" مينغ واتشو في كندا بطلب من الولايات المتحدة. لكن بكين تنفي أي علاقة بين هاتَيْن القضيّتَيْن.

وفي الغضون، اتهمت مينغ المهدّدة بتسليمها إلى الولايات المتحدة، كندا، بـ"إتلاف أدلّة" عبر محو رسائل إلكترونية ونصوص من كمبيوتر ضابط شرطة سابق شارك في اعتقالها في نهاية 2018 في مدينة فانكوفر. ويُحاول محامو مينغ منذ أشهر إثبات انتهاك حقوق موكّلتهم خلال توقيفها، على أمل عرقلة إجراءات تسليمها إلى الولايات المتحدة، التي يتوقع أن تنتهي الجلسات المتعلّقة بها في منتصف أيّار.


MISS 3