إعتراض هجوم حوثي جديد نحو السعودية

إيران داخل "فم التنين" الصيني!

02 : 00

ظريف ونظيره الصيني خلال التوقيع على "الإتفاق الإستراتيجي" في طهران السبت (أ ف ب)

بعدما وقّع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونظيره الصيني وانغ يي في طهران السبت اتفاق تعاون تجاري وإستراتيجي مدّته 25 عاماً كان قيد المناقشة منذ سنوات، رأى متابعون أن طهران المنهكة اقتصادياً واجتماعياً ومالياً ومعيشياً بسبب العقوبات الأميركية القاسية سارت في اتجاه "الإستسلام" للشروط الصينية الصارمة، بعدما طالت مسألة عودة واشنطن إلى الإتفاق النووي وتخفيف سياسة "الضغوط القصوى" التي كان قد انتهجها الرئيس السابق دونالد ترامب ضدّ إيران، معتبرين أن الصين تُعمّق من خلال هذا الإتفاق نفوذها في الشرق الأوسط إنطلاقاً من "البوابة الإيرانية"، ومحذّرين من أن الجمهورية الإسلامية باتت "داخل فم التنين الأصفر" وستكون "تحت رحمة الحزب الشيوعي الصيني" في المستقبل.

واتّجهت إيران اليوم، وخلافاً لأحد أبرز شعارات الثورة الإسلامية العام 1979 "لا غرب ولا شرق، جمهورية إسلامية"، نحو الشرق وتحديداً العملاق الصيني الذي يمدّ نفوذه كالأخطبوط للوصول إلى مياه الخليج ثمّ المتوسّط لبلوغ الشواطئ الأوروبّية، تحت عناوين تجارية واقتصادية وبيئية. ويبدو أن الصين قد وافقت على استثمار 400 مليار دولار في إيران على مدى 25 عاماً مقابل إمدادات ثابتة من النفط لتغذية اقتصادها المتنامي بموجب الإتفاق السياسي - الإقتصادي - الأمني الشامل الذي تمّ توقيعه، على أن تدفع بكين مقابل النفط الإيراني بالعملة الصينية "يوان"، كما يُمكن تأجيل الدفع لمدّة عامَيْن.

وعلى الرغم من الغموض الذي يُخيّم على تفاصيل الإتفاق، تردّد أنّ طهران سوف تسمح لآلاف العناصر من القوّات الصينية بالتواجد على الأراضي الإيرانية لحماية مشاريعها فيها، لكن تبقى صلاحيّة هذه القوّات ونوع الأسلحة التي تحملها غير واضحة حتّى اللحظة، في حين وصف متابعون هذا الإتفاق بـ"الإستعمار الحديث"، خصوصاً أن المعطيات حول الإتفاق تشي بأنّ الكثير من بنوده يمسّ بشكل واضح بسيادة إيران، وقارنوها بالإتفاقات الأحادية الجانب التي أبرمتها بكين مع دول مثل سريلانكا.

وفي هذا الصدد، كانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد نشرت العام الماضي مسودة من 18 صفحة حصلت عليها بخصوص هذا الإتفاق الذي يعود إلى زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى طهران في كانون الثاني 2016. وتُفصّل المسودة 400 مليار دولار من الاستثمارات الصينية في عشرات المجالات، منها البنوك والاتصالات والموانئ والسكك الحديد والرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات على مدى السنوات الـ25 المقبلة، بينما تحصل الصين في المقابل على إمدادات منتظمة، مخفّضة للغاية، من النفط الإيراني، فيما قوبل مشروع الإتفاق آنذاك بالإنتقادات الحادة داخل إيران، خصوصاً من قبل التيّار المتشدّد الذي اعتبر أنّه يبيع السيادة الإيرانية إلى الصين.

وخلال استقباله الوزير الصيني السبت، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أهمّية العلاقات مع الصين التي اعتبرها "مهمّة واستراتيجية بالنسبة إلى إيران"، منوّهاً بـ"إرادة البلدَيْن في بناء علاقات طويلة الأمد وتطوير التعاون الثنائي في كلّ المجالات السياسية والاقتصادية". وأشاد أيضاً بدعم الصين "للإتفاق النووي وصدّ النزعات الأحادية وجشع الولايات المتحدة وإدانة الحظر الذي تفرضه ضدّ طهران"، في وقت وصف فيه ظريف الصين بأنّها "الدولة الصديقة خلال الظروف العصيبة".

وبحسب الخارجية الإيرانية، فإنّ الإتفاق هو بمثابة "خريطة طريق متكاملة" تتضمّن مجالات مختلفة منها "السياسية والإستراتيجية والإقتصادية لـ25 عاماً من التعاون بين إيران والصين". ورداً على ما أُثير حول الإتفاق، حاول المدير العام لدائرة شرق آسيا في الخارجية الإيرانية رضا زبيب أن يُطمئن الإيرانيين القلقين من سيطرة الصين على مقدّرات بلادهم، واعتبر أن "الوثيقة" التي وقّعت مع الصين هي "خريطة طريق وليست اتفاقية"، زاعماً أن نشر الإتفاقات ملزم قانونياً، لكن نشر الوثائق غير ملزم.

وبالنسبة إلى بكين، فالإتفاق هو جزء من مشروع "طرق الحرير الجديدة" الضخم للبنية التحتية الذي أطلقته بالتعاون مع أكثر من 130 دولة. وخفّضت الصين التي كانت أحد المشترين الرئيسيين للنفط الإيراني قبل العقوبات الأميركية، بشكل حاد مشترياتها من الخام من الجمهورية الإسلامية. لكن بحسب تقارير صحافية غربية، لم تتوقف واردات الصين من النفط الإيراني مطلقاً، بل انّها ازدادت بشكل لافت أخيراً.

وعلى صعيد آخر، دمّر تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية مسيّرة حوثية مفخّخة أُطلقت من اليمن في اتجاه خميس مشيط الحدودية، في وقت أكد فيه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أن الشعب اليمني لن يقبل باستنساخ التجربة الإيرانية فوق أرضه "مهما كلّف الأمر"، ملقياً باللوم على المتمرّدين الحوثيين المدعومين من طهران في خرق كلّ الإتفاقات وآخرها اتفاق ستوكهولم، وذلك خلال لقائه المبعوث الأميركي إلى اليمن تيموثي ليندركينغ‏، الذي عبّر عن أمله في نجاح المبادرة السعودية لإنهاء الصراع وتحقيق السلام في اليمن.


MISS 3