فؤاد مخزومي

نعم يمكن إنقاذ لبنان؟

2 نيسان 2021

02 : 00

مخزومي: المطلوب حكومة اختصاصيين

لولا فسحة الأمل ما كان لنا نحن اللبنانيين أن نستمر متمسكين بحقنا بحياة كريمة. فكيف نفعل؟

في اقتصادنا المنهك بفضل عشرات العقود من السياسات الخاطئة ماذا يمكن أن نفعل؟

التدقيق الجنائي هو الخطوة الأولى في رحلة الإصلاح وتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي ورقابة مشددة على قرض البنك الدولي المتعلق بدعم الأسر الأشد فقراً، البالغ 246 مليون دولار... فالضمانة تكمن في الشفافية في التوزيع، وفي ضرورة صرف القرض على نحو عادل للمستفيدين.

هذا بالإضافة إلى مكافحة التهريب والتهرّب الضريبي والفساد، والعمل ضمن خطة شفافة وواضحة لدعم الأسر الأكثر فقراً، وإقرار البطاقة التموينية.

ومن الضروري أيضاً ترشيد الدعم ليطاول شرائح معينة تحتاج إلى الدعم بشكل فعلي وهذا ما ينسحب على البنزين والمازوت والدواء والمواد الغذائية.

في الملف الصحي، كيف يمكننا وضع حد لتفشي الوباء وطمأنة المواطن وحثه على أخذ اللقاح؟

إن الإقفال المتكرر أثبت أكثر من مرة عدم جدواه... والحل اليوم يكمن في وضع خطة مدروسة وواضحة تضع حداً للحركة السلحفاتية للتطعيم، وتوزيع اللقاحات... فضلاً عن توعية المواطن. علماً ان القطاع الخاص والمؤسسات والجمعيات عرضت المساعدة ونحن في مؤسسة مخزومي قد حصلنا على موافقة مسبقة لكن لولا البطء في الوزارة، لكنا قد قطعنا شوطاً في تطعيم ما أمكن من المواطنين مجاناً. فمن غير المقبول اليوم أن تتقدم المصالح السياسية والفئوية على صحة المواطن وحياته.

وفي ظل جائحة كورونا يبرز هاجس التعليم والشباب وفرص العمل. وأعتقد أن من الضروري اليوم وضع خطة طوارئ لإنقاذ السنة الدراسية والتنسيق بين الوزارات لا سيما في ظل تردي سرعة الانترنت والانقطاع المتواصل في التيار الكهربائي. فعلينا أن نكون على أتم الجهوزية في حال اضطررنا إلى استخدام تقنية التعليم عن بُعد لسنة إضافية، لا سيما أن هذه التقنية تلزمها إمكانات وتدريب وجهوزية وقدرة على مواكبة التكنولوجيا ومستلزمات تقنية وأكاديمية غير متوفرة حتى الآن في لبنان.

لذا المطلوب حكومة اختصاصيين تواكب تطورات العصر وتجري تعديلات جوهرية على المناهج الدراسية وعلى النظام التعليمي ليتناسب مع الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، هذا هو لبنان الذي نطمح اليه... لبنان القرن الواحد والعشرون يتكون من شباب وشابات يتمسكون ببلدهم، ويسيرون معه وبه نحو الريادة بين الدول. إن الأعمدة الثلاثة الاقتصاد والصحة والتعليم ضمانة للمواطن. ومن الضروري اليوم السعي للنهوض بهذه الأعمدة لانتشال لبنان من أزمته وهذا ما لا يمكن أن يحصل من دون حكومة مستقلين تحمل برنامجاً انقاذياً واضحاً يعيد ثقة المواطن بمؤسسات الدولة ويحقق الإصلاحات التي يطلبها المجتمع الدولي لمساعدة وطننا المأزوم. لكن تنفيذ هكذا برنامج يحتاج إضافة إلى عزيمة رئيس الحكومة ووزرائها وإلى معارفهم وكفاءاتهم ونزاهتهم وابتعادهم عن الفساد، إلى دولة طبيعية ذات مؤسسات عاملة رغم بعض ما تعانيه. لكن الدولة في لبنان فشلت وتفرفطت مؤسساتها واداراتها، كما أن المنظومة السياسية المتنوعة التي تحكمها منذ زمن وتتحكم بها لم تظهر أي استعداد فعلي للتخلي عن مكاسبها أو على الأقل للإفساح في المجال أمام الاصلاح.

في لبنان مؤهلون كثر لإنجاز هذا العمل. لكن هل تتركهم المنظومة يصلون أولاً الى السلطة عبر الحكومة ومجلس الوزراء الذي يشكل وحده مجتمعاً السلطة التنفيذية في البلاد؟ الجواب المرجح هو كلا... إلا إذا تدخل المجتمع الدولي فعلاً ضاغطاً على المنظومة لتسهل عملية الإنقاذ وعلى الأقل وقف الوصول إلى القاع الذي لا قاع تحته ومن ثم العمل على العودة البطيئة. عدا عن أن تدخل المجتمع الدولي لا يكفي إذا امتنع الأطراف الاقليميون المتصارعون في لبنان، وعليهم التسهيل أو اذا لم يضغط عليهم "حلفاؤهم" الكبار للقيام بذلك. إن تأليف حكومة الآن مهمة صعبة قد تقرب من المستحيل لكن الواجب الوطني قد يدفع قادرين فعلاً لا قولاً وليس ادعاءً إلى التصدي لهذه المهمة رغم أخطارها المتنوعة.

إن حراك السفراء العرب والأجانب بركة يجب دعمها. فلبنان يفتقد السند الخارجي، كذلك يفتقد ديبلوماسيته الفذة، فكل الخلافات الداخلية يجب أن تهدأ أمام تعزيز علاقات لبنان بالدول الكبرى العربية والغربية. والمبادرة الفرنسية عامل إيجابي يجب العمل بهديها والتمسك بتنفيذ بنودها خصوصاً في ما يتعلق بالإصلاح.

أما الوطن فلنا أن نستعجل الاستراتيجية الدفاعية، ودعم تسليح الجيش وتجهيزه.، أما حب الوطن فليس علينا سوى شحذ الهمم والعمل وفق الدستور، دستور الطائف الذي لم ينفذ. إن مقدمة الدستور التي تقول إن لبنان "وطن سيد حر مستقل، وطن نهائي لجميع أبنائه، واحد أرضاً وشعباً ومؤسسات، في حدوده المنصوص عليها في الدستور اللبناني والمعترف بها دولياً" مدرسة لنا يجب التمسك بها.

في الخلاصة يجب الاصرار على الانقاذ والنهوض بالبلد. الأمل لا يزال موجوداً ولن يتحقق إلا بالتغيير، والتغيير قادم لا محالة.