طهران: هجوم إرهابي ونحتفظ بحقّ الردّ

إسرائيل تضرب إيران في "عرينها النووي"

02 : 00

أوستن خلال لقائه غانتس في إسرائيل أمس (تويتر)

على الرغم من أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تُحاول جاهدةً إظهار نفسها إعلامياً، أقلّه أمام شعبها، أنّها تُحقّق الإنتصار الديبلوماسي تلو الآخر حول ملفها النووي في محادثات فيينا، إلّا أنّها في حقيقة الأمر تفقد أدنى مقوّمات القوّة لدولة إقليمية لديها طموحات نووية وتوسعية، إذ وللمرّة الثانية استطاعت الإستخبارات الإسرائيلية ضرب إيران في "عرينها النووي"، أي في منشأة نطنز البالغة الأهميّة في برنامجها النووي. وبينما ذكرت تقارير إعلاميّة إسرائيلية أن الضرر الذي تعرّضت له نطنز كبير جدّاً ويُعيد قدرات طهران النووية إلى الوراء، تخبّط الإعلام الإيراني في كيفيّة تناول الحدث، خصوصاً مع تضارب التصريحات بين المسؤولين الإيرانيين.

وفي التفاصيل، كشفت الإذاعة الإسرائيلية أن "الموساد" نفّذ هجوماً إلكترونياً استهدف المنشأة الإيرانية، وفق مصادر استخباراتية لم تُسمّها، بينما أفادت القناة الـ13 الإسرائيلية بأن الهجوم كان بمتفجّرات وليس سيبرانياً، مؤكدةً أن الحادث سببه شحنة متفجّرة زُرِعَت في نطنز. كما لفتت "الغارديان" البريطانية وإذاعة "فردا" الأميركية إلى أن إسرائيل تقف وراء الهجوم، في حين أشارت تقارير إلى أن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تعرّض لإصابات في الرجل والرأس أثناء زيارته إلى نطنز، في وقت تحدّث فيه سكرتير تشخيص مصلحة النظام عن اندلاع حريق آخر في المنشأة.

وإذ كشف مصدر استخباراتي لهيئة الإذاعة الإسرائيلية أن الهجوم ألحق أضراراً جسيمة بأجهزة الطرد المركزي القديمة والجديدة على حدّ سواء، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) سيعقد جلسة خلال الأسبوع المقبل "لبحث تعامل إسرائيل مع الملف النووي الإيراني"، ويُعتبر هذا الاجتماع الأوّل للمجلس الوزاري المصغر منذ مطلع شباط.

وفي المقابل، لم تدم احتفالية افتتاح الرئيس الإيراني حسن روحاني في مراسم افتراضية السبت مصنعاً لتجميع أجهزة الطرد المركزي في نطنز، حيث أصدر في الوقت نفسه أمر تشغيل أو اختبار 3 مجموعات جديدة من أجهزة الطرد المركزي، إذ اعترف رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي بأن الحادث الغامض في المنشأة كان بفعل فاعل.

ووصف صالحي حادث نطنز بأنّه "تحرّك شائن وإرهاب نووي مدان"، مشيراً إلى أن الحادث يدلّ على عجز معارضي المفاوضات النووية التي ترمي إلى رفع العقوبات الأميركية عن طهران. كما دعا المجتمع الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى "التعامل مع الإرهاب النووي ضدّ إيران"، مهدّداً بأنّ بلاده "تحتفظ بحقها في الردّ على منفّذي حادث نطنز ومن يقف وراءهم ويدعمهم".

وسبق أن أكد المتحدّث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي أن شبكة توزيع الكهرباء في منشأة نطنز تعرّضت فجر الأحد لحادث لم يُسفر عن وقوع إصابات بشرية أو تلوّث إشعاعي، مشيراً إلى أن التحقيقات جارية لكشف أسباب الحادث، فيما رأى المتحدّث باسم اللجنة البرلمانية للطاقة النائب مالك الشريعتي في تغريدة على "تويتر" أن "هذا الحادث الذي وقع (غداة) اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية، وبينما تُحاول إيران إجبار الغرب على رفع العقوبات، مشكوك جدّاً في أنّه تخريب أو اختراق".

وفي إسرائيل، وخلال تفقّده مقرّات قيادة الأجهزة الأمنية الأحد، وفق ما ذكر مكتبه بالعربية، لإحياء الذكرى الـ73 على تأسيس الدولة العبرية، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من دون الخوض في التفاصيل إنّ "مكافحة إيران وأتباعها ومكافحة البرنامج النووي الإيراني والتسلّح الإيراني، مهمّة عملاقة"، مضيفاً أنّ "الوضع القائم اليوم لا يعني أن هكذا سيكون الوضع غداً".

وأضاف نتنياهو: "كم من الصعب جدّاً توضيح ما أحدثناه من تغييرات هنا في إسرائيل، بالإنتقال من وضع عجز تام لم يكن له مثيل في تاريخ الشعوب، إلى قوّة عالمية نجحنا بإقامتها هنا". وأردف: "بالتأكيد قوّة إقليمية، لكن بمفاهيم معيّنة، قوّة عالمية أيضاً، أتمنّى لجميعنا الإستمرار بهذا الطريق... وأن تستمرّوا في الحفاظ على سيف داوود بأيديكم".

وفي وقت سابق، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس لنظيره الأميركي لويد أوستن أن إسرائيل "ستعمل جاهدة" مع الولايات المتحدة "لضمان" تلبية الإتفاق النووي الإيراني الجديد المطالب الأمنية الإسرائيلية. وقال غانتس عقب لقاء جمعه بأوستن إن "طهران اليوم تُشكّل تهديداً استراتيجياً للأمن الدولي وللشرق الأوسط ودولة إسرائيل". وأضاف: "سنعمل جاهدين مع حلفائنا الأميركيين لضمان تأمين المصالح الحيوية للعالم وللولايات المتحدة في أي اتفاقية جديدة مع إيران، تمنع حدوث سباق تسلّح خطر في منطقتنا وتحمي دولة إسرائيل".

من جانبه، شدّد الوزير الأميركي على التزام بلاده "الصلب" تجاه إسرائيل، متعهّداً بـ"مواصلة المشاورات الوثيقة لضمان التفوّق العسكري النوعي لإسرائيل وتعزيز أمنها". وأوضح أنّه يُقدّر سماع "وجهات نظر غانتس حول التحدّيات في المنطقة"، مشيراً إلى أنّهما ناقشا "مجموعة واسعة من قضايا الدفاع"، بما في ذلك "تحدّيات الأمن الإقليمي". ويلتقي أوستن أيضاً نتنياهو ورئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي.

وعلى الجبهة الإيرانية الداخلية المضطربة، وفي خضمّ صراع محتدم على السلطة بين المتشدّدين والمعتدلين، وجّه البرلمان الإيراني اتهامات ضدّ روحاني لتجاهله القوانين التي مرّرها. وبحسب وكالة "فارس"، فإنّ 190 من أصل 235 مشرّعاً كانوا حاضرين، صوّتوا لصالح توجيه الإتهامات للرئيس، من دون ذكر مزيد من الخلفيات ولا التفاصيل، في وقت طالب فيه النائب الأوّل للرئيس الإيراني اسحق جهانقيري حكومة كوريا الجنوبية بالإفراج عن أرصدة إيرانية بمليارات الدولارات مجمّدة بموجب العقوبات الأميركية، وذلك خلال استقباله رئيس الوزراء الكوري الجنوبي تشونغ سي كيون.

أمّا على الجبهة اليمنية، فلا تزال المسيّرات الحوثيّة تجد طريقها في اتجاه السعودية التي اعترضت نحو 5 طائرات بلا طيّار مفخّخة ودمّرت كذلك صاروخاً باليستياً، فيما لقي 70 مقاتلاً من القوّات اليمنية الموالية للحكومة والمتمرّدين الحوثيين مصرعهم في الساعات الأربع وعشرين الماضية قرب مدينة مأرب الإستراتيجية، مع شنّ الحوثيين المدعومين من طهران هجمات مكثفة على 3 جبهات للتقدّم نحو آخر معاقل السلطة في الشمال.


MISS 3