روي أبو زيد

ميشال حوراني: نحن من قصّر بحق الدراما المحلية تاريخياً

16 نيسان 2021

02 : 00

يطل الممثل ميشال حوراني بدور "سلام" في مسلسل "راحوا" على شاشة الـ"MTV"، ليضيف بتجربته هذه خبرة جديدة لمسيرته التمثيلية الناجحة التي تفوق الـ25 عاماً. "نداء الوطن" التقت الممثل الشاب ودار هذا الحوار.

كيف تقيّم دورك في مسلسل "راحوا"؟ وماذا أضافت لك هذه التجربة؟

يجب أن يقدم الممثل كلّ دور بإطار مختلف وأن يطوّره درامياً. ولكنّه قد يؤدي احياناً أدواراً تفادياً للغياب عن الشاشة أو حتى لأهداف مادية خصوصاً في ظلّ الأوضاع الإقتصادية الصعبة. شخصياً كنت إنتقائياً بأدواري منذ بداية مشواري الفني. أختار الأدوار المختلفة والجديدة على صعيد الإنتشار أو التمثيل. اخترت دوري في "راحوا" من أربعة أعمال أخرى عُرِضت عليّ، حتّى أنّ مساحة الدور كانت أكبر في بعضاً منها. ما يميّز هذا العمل هو بطولته الجماعية وأعجبتُ بالشخصية التي كتبتها كلوديا مرشيليان واستفزّتني أبعادها النفسية. الدور صعبٌ جداً وتطلّب مني تحضيراً مكثّفاً ولكن جو التصويرّ كان مريحاً فضلاً عن ثقة المنتج والمخرج نديم مهنا بي.

ما الخطوات التي اتّبعتها لأداء الدور؟

عزلتُ نفسي بعيداً عن العائلة كي أتعمّق بخطوط الشخصية كما استشرت أخصائيين في مجال الصحة النفسية وعلم النفس لفهم أطر الدور والأزمات التي يمرّ بها.

إذاً تجري أبحاثاً عدة قبل تقديم دورك التمثيلي؟

على الشخصية أن تحاكيني وتستفزّني كي أقبل بها، حينها أعيش مرحلة "هاجس الدور": ما الذي تفكّر به هذه الشخصية، كيف تأكل وتشرب؟ ما الذي ترتديه؟... ولكنّ دور "سلام" مميّز خصوصاً أنّ مرشيليان كتبتهُ بطريقة صعبة وعميقة. إذ يمرّ "سلام" بتقلّبات عدّة خلال المسلسل وسيلحظ المشاهدين أنه من الأدوار المركبّة الصعبة لذا استمتعتُ بتقديمه واضاف إليّ كما اضفت إليه.

ما هي الشروط الأساسية كي ليصبح الممثّل "قديراً"؟

وهل الموضوع مقترن بالبطولة الاولى؟الموضوعان مختلفان. إذ يمكن أن يؤدي دور البطولة الأولى ممثل فاشل. أما القدير فهو من يستطيع أن يثبت للرأي العام على مدى سنوات عدة قدرته في تقديم أدوار متنوعّة ببراعة وصدقية وإحساس. كذلك، لعب بعض الممثلين أدوار البطولة الأولى لشروط جمالية فحسب، فرفضهم الجمهور بعد فشلهم، أمّا بعضهم الآخر فبرعوا بالمجال بعد تطوير أنفسهم. كذلك، من الممكن أن يؤدي الممثل الدور الرئيس في العمل لأنّ اسمه "بيّيع" أو وفقاً لرؤية المنتج العملية والتجارية. ولسوء الحظ أضحينا في زمن فقد قيمة البراعة والإبداع في ظلّ تقديم الشهرة على طبق من نحاس لفناني اليوم بسبب "السوشيل ميديا" فلم تعد الشهرة معياراً في أيامنا الحالية، للأسف.

كيف تقيّم وضع الدراما المحلية؟

نحن في مرحلة إنتقالية، آمل أن نمرّ من خلالها الى تعزيز الصناعة الدرامية. لذا لا تتسّم أعمالنا بالمواصفات الفنية اللازمة بعد كي تدخل ميدان المنافسة العربية. ولا يعزى السبب لنقص الطاقات، بل لعدم وجود إنتاج كافي طوال هذه السنوات كي نرتقي في مستوى الدراما. لكنّ ما قامت به بعض شركات الإنتاج المحلية كمفيد الرفاعي، "إيغل فيلمز"، "الصبّاح إخوان" وغيرهم، مهدّ الطريق عبر إنتاجهم للدراما المشتركة كي يصبح الممثل اللبناني معروفاً عربياً ما قد يساهم بمستقبل درامي أفضل. فلماذا لا نتنافس كممثلين لبنانيين وسوريين ومصريين وخليجيين بطريقة راقية وحضارية كي نتطوّر ونتقدّم؟ وتبقى لعبة التسويق أساسية لكسب ثقة المحطات العربية بالممثل والأعمال اللبنانية.





وصراع الجنسيات الذي يدور في فلك الدراما؟

تكمن المشكلة فينا. نحن من قصّر بحق الدراما المحلية تاريخياً ولم ننجح بصناعة أعمال لبنانيّة تسوّق للمنتج اللبناني عربياً.

أيجب على الممثل أن يكون مسرحياً كي يبرع في التلفزيون والسينما؟

معظم الممثلين العالميين بدأوا مسيرتهم من خشبة المسرح، حتى الهوليووديين منهم. ويتميز الممثل المسرحي بإعداد متين يساعده على استكمال مسيرته، لكنّ الموضوع ليس شرطاً! إذ ممثلين كثر لم ينطلقوا من المسرح أو لم ينجزوا أيّ دراسة أكاديمية وأبدعوا. تبقى الأولوية للممثلين الأكاديميين، فحين تنظر الى "بوستر" مسلسل "راحوا" مثلاً، تلاحظ أنّ 90 بالمئة من الممثلين همّ خريجي معهد الفنون في الجامعة اللبنانية، واللافت أنّ الشركة المنتجة "NM production" لصاحبها نديم مهنّا استحدثت "هاشتاغ" مهم جداً وهو "#كلّ_ممثلينا_أبطال". وتفرض هذه المبادرة الإحترام والتقدير خصوصاً أنني منحاز لخرّيجي معهد الفنون الذين يملكون بشكل عام كفاءات تسمح لهم أن يكونوا ممثلين بارعين في المستقبل إن طوّروا أنفسهم عملياً.

أتراودك فكرة كتابة مسلسل؟

أنا ممثل، أستاذ جامعي كما عملتُ في مجال الإعلام لكنني لم أخض موضوع الكتابة حتى الآن، إذ يتطلّب هدوءاً فضلاً عن انتظار الوقت المناسب لتنفيذ مسلسل من كتابتي. المشروع موجود ولكنّه مؤجّل في الوقت الحالي. مع الاشارة الى أنّ كلوديا مرشيليان، كارين رزق الله ومنى طايع هنّ ممثلات أساساً ولكنّهن نجحن في الكتابة بنفس مختلف وجديد.

هل تفكّر بالهجرة؟

نعيش ظروفاً إستثنائية ومصيرية منذ عام ونيف الى اليوم. ولو فكّرت بهذا الموضوع لكنتُ هاجرت منذ سنوات عدة خصوصاً أنّ معظم أهلي وأقاربي يعيشون في الخارج. أنا صامد في وطني حتّى الآن وسأحارب حتى الرمق الأخير كي أبقى فيه. تعنيني كثيراً فكرة الوطن وأحب رؤية لبنان بمنظاري الخاص. نحتاج الى سنوات عدة لإزالة الطائفية من النفوس والعيش في دولة ترتكز على القانون والعدالة في ظلّ قضاء قوي وعادل ومتحرّر من زواريب السياسة.

أصبت بالـ"كورونا". ما الذي تعلّمته من التجربة؟

قررت عيش مرحلة المرض بصمت. أدركت أنّ هذا الفيروس الّلعين يجعلك تتخبّط في قلق يومي خوفاً من اللحظة المقبلة. إذ تخاف من الحاجة للأوكسيجين أو للمستشفى أو حتى فراق وجوه من تحبهم. وعّتني "كورونا" على معاني الحب، الحياة والإيمان. ويبقى الحب الدواء الأقوى خصوصاً في ظلّ وجود أحبة وأصدقاء حقيقيين. نحن ضعفاء أمام الطبيعة رغم كل التطور الذي ندّعي أننا توصّلنا إليه: "فيروس زغير خربط كل الكرة الأرضية"... كم من مرّة نتقاتل ونتنافس على السلطة والمال والشهرة والأمجاد... لكن كل هذا لا ينقذ حياتنا. مشوارنا في الحياة قد ينتهي في ثانية. علّمتنا الجائحة تقدير النعم وعيش الحياة ببساطتها وطيبتها.