كييف تُطالب بالإنضمام إلى "الأطلسي" والاتحاد الأوروبي

واشنطن تنتهج سياسة "العصا والجزرة" مع موسكو

02 : 00

الوضع في شرق أوكرانيا أعاد إشعال "الجمر تحت الرماد" بين روسيا والغرب (أ ف ب)

على الرغم من الدعوة الأخيرة التي وجّهها الرئيس الأميركي جو بايدن إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين لعقد قمّة في دولة ثالثة، وجّهت بلاد "العم سام" بالأمس صفعة قويّة إلى "الدب الروسي" فارضةً سلسلة من العقوبات المالية القاسية على موسكو، إضافةً إلى طردها 10 من ديبلوماسييها، لمعاقبتها على مجموعة من الأعمال التي تنسبها الولايات المتحدة إلى روسيا، بما في ذلك شنّ "هجوم سيبراني" هائل العام 2020 والتدخّل في الإنتخابات الأميركية.

وفي هذا الإطار، وقّع بايدن مرسوماً أتبعه بعقوبات فورية تُتيح معاقبة روسيا مجدّداً بشكل يؤدي إلى "عواقب استراتيجية واقتصادية... إذا واصلت أو شجّعت تصعيد أعمالها المزعزعة للإستقرار الدولي". وفي إطار هذا المرسوم، منعت الخزانة الأميركية المصارف الأميركية من أن تشتري مباشرة سندات خزينة تُصدرها روسيا بعد 14 حزيران المقبل. وفرضت عقوبات أيضاً على 6 شركات تكنولوجيا روسية متّهمة بدعم أنشطة القرصنة التي تقوم بها استخبارات موسكو.

كذلك، فرضت الخزانة الأميركية عقوبات على 32 كياناً وفرداً بتهمة محاولة "التأثير على الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة العام 2020"، لحساب الحكومة الروسية، بحسب البيت الأبيض. وبالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي وكندا وبريطانيا وأستراليا، فرضت الحكومة الأميركية أيضاً عقوبات على 8 أشخاص وكيانات "شريكة في احتلال شبه جزيرة القرم والقمع المستمرّ فيها".

من جهتها، طردت الخارجية الأميركية 10 مسؤولين يعملون في السفارة الروسية، اتُهم بعضهم بأنّهم أعضاء في أجهزة استخبارات موسكو. وتهدف كلّ هذه العقوبات أيضاً إلى تحميل السلطات الروسية "المسؤولية" بعد اتهام موسكو بعرض مكافآت على "طالبان" لمهاجمة جنود أميركيين أو أجانب في أفغانستان. لكنّ مسؤولاً أميركياً رفيعاً أوضح أن نسبة تأكيد الإستخبارات الأميركية صحة هذه الإتهامات تراوحت بين "ضعيفة ومتوسّطة".

وبينما تُعدّ الخطوة الأميركية من أقسى الإجراءات ضدّ روسيا منذ طرد العديد من الديبلوماسيين في نهاية ولاية الرئيس الأسبق باراك أوباما، أكد البيت الأبيض في الوقت عينه أن الدعوة التي وجّهها بايدن لعقد قمة مع بوتين "لا تزال قائمة"، معتبراً أن عقدها سيكون خطوة جيّدة إلى الأمام نحو "تنمية علاقة مستقرّة ويُمكن التنبؤ بها" بين البلدَيْن. كما أوضح أن الهدف من العقوبات "ليس التصعيد بل دفع ثمن بعض التصرّفات غير المقبولة بالنسبة إلينا أو إلى حلفائنا".

وهذا ما دفع مراقبين إلى اعتبار أن واشنطن تعتمد سياسة "العصا والجزرة" مع موسكو. فمن ناحية لا تُريد الولايات المتحدة أن تترك لروسيا الساحة مفتوحة لتفعل ما تشاء من دون حساب، ومن ناحية أخرى لا تسعى الإدارة الأميركية إلى "القطيعة" مع الكرملين، بحيث هناك الكثير من الملفات الشائكة التي قد تُعالج عن طريق الديبلوماسية والحوار المتبادل.

لكن الردّ الروسي لم يتأخر، إذ حذّرت المتحدّثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا من أن "مثل هذا السلوك العدواني سيُواجه بردّ قوي"، معتبرةً أن "الولايات المتحدة ليست مستعدّة لقبول الحقيقة الموضوعية بأن هناك عالماً متعدّد الأقطاب يستبعد الهيمنة الأميركية". وتابعت: "لقد حذّرنا الولايات المتحدة مراراً وتكراراً من عواقب خطواتها العدائية التي تزيد بشكل خطر من درجة المواجهة بين بلدينا. الردّ على العقوبات أمر لا مفرّ منه".

تزامناً، أعلنت موسكو أنها استدعت السفير الأميركي جون سوليفان، لكن الأخير أكد أنه هو من طلب اللقاء الذي قال إنّه "اتّسم بالمهنية والإحترام"، بينما أعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باسم الدول الـ27 الأعضاء، "تضامن" التكتل مع الولايات المتحدة في شأن تداعيات الأنشطة الإلكترونية الخبيثة لروسيا.

من جهتها، أعلنت الخارجية البريطانية استدعاء السفير الروسي لدى لندن أندريه كيلين على خلفية "القلق العميق" للمملكة المتحدة من السلوك الخبيث (من قبل روسيا)، بما في ذلك الهجمات السيبرانية والتدخّلات في العمليات الديموقراطية وحشد القوّات الروسية قرب حدود أوكرانيا وضمّ القرم، في وقت أعلنت فيه بولندا طرد 3 ديبلوماسيين روس على خلفية "أعمال عدائية"، معبّرةً عن "تضامنها التام" مع واشنطن.

وعلى صعيد آخر، طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بضمّ بلاده إلى "حلف شمال الأطلسي" والاتحاد الأوروبي في ظلّ التهديد الروسي، وحضّ الأوروبّيين وفي مقدّمهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي سيستقبله اليوم في اجتماع تنضمّ إليه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عبر الفيديو، على ترجمة الأقوال إلى أفعال، في حين أشار وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إلى أن موسكو تُهدّد أوكرانيا علناً بالتدمير، فيما رأى قائد القوّات الأميركية في أوروبا الجنرال تود وولترز أن احتمال غزو روسيا لأوكرانيا في الأسابيع المقبلة "تقلّص إلى النصف".