مايا الخوري

غسان صليبا: فَلْنوحّد جهودنا وثورتنا لتحقيق التغيير

17 نيسان 2021

02 : 00

لطالما صدحت أغنياته في ساحات الحريّة ضدّ قمعٍ وفسادٍ وتسلّطٍ. هو الحامل بصوته قضايا الإنسان والوطن والشهادة، مجسّداً عن حق مقولة أن الفنان إبن بيئته. الفنان القدير غسان صليبا، عبّر بصوته عن صرخة "الشعب الغاضب" يوم إندلعت الثورة، وعندما إغتيلت بيروت، كانت "معقولة شي نهار" رسالة أمل من تحت الأنقاض.عن الوطن، الثورة، الإنسان، تحدث الفنان غسان صليبا إلى "نداء الوطن".

"معقولة شي نهار" مهداة بصوتك إلى بيروت وجروحها بعد 4 آب. كيف تفاعلت شخصياً مع هول الدمار والموت؟

تأثرت كثيراً بما حدث في بيروت، كأي لبناني ذي ضمير وإحساسٍ إنساني. فما حدث موجع وصادم جداً لأن هذا الإنفجار نتيجة إهمال وفساد معيّن وهو أمر لا يتصوّره العقل. لو كانت كميّة النيترات كلها كما قُدّر حجمها، لإنمحت المدينة بأكملها. جاءت الأغنية وفق رأي الجمهور حقيقية بمعانيها وتعابيرها وهي أيضاً ردّة فعل طبيعية للكاتب والموسيقي جاد الرحباني. أمّا أنا فتبنّيت هذا الكلام واللحن وأديتها بصوتي.


برأيك، سنزيل يوماً ما ثوب الحداد عن هذه المدينة لتنهض مجدداً؟


يجب ألا نفقد الأمل. ولكن، إن لم نسعَ ونكون جادّين برغبتنا في التغيير لن نحقق حلمنا. إذا استمرينا متراخين، تاركين الفاسدين يسرحون ويمرحون، متحكّمين بالبلد وبنا، لن نبلغ أي نتيجة. يجب أن نوحّد جهودنا وثورتنا لتحقيق التغيير.


عبّرت أغنيتك "الشعب الغاضب" عن صوت الثورة، هل نجحت "ثورة تشرين" أم أخفقت؟


يقدّم الفنان إحساسه والثورة التي في داخله من خلال الأغنية، كلاماً ولحناً وأداءً. هو بمعيّة سائر الناس المتفاعلين مع هذه المعاني، قادر على التغيير كما فعلت الثورة. إنما تواجه هذه الأخيرة طغمة متحكّمة بالبلد منذ 40 عاماً، مشلّشة في كل المؤسسات، لديها أزلامها المتأثرين بها، فأصبح الفساد معمّماً لا على الطبقة السياسية فحسب، بل وعلى فئة كبيرة من الناس التي تعتمد عليه في أدائها اليومي، مقتنعة بأن الشطارة في السرقة. يحتاج التغيير إلى وقتٍ، ويجب أن يبدأ من ذهنية الناس، وصولاً إلى إزالة المسؤولين بالقوة. من جهة أخرى، وجب على الفنانين والإعلاميين والمؤثرين نشر الوعي أكثر لدى الناس ليتحرروا من الولاء للزعيم والطائفة والإقطاع، ليصبح الولاء للوطن والمبادئ.



أي مسؤولية يتحمّل الشعب؟


نتحمّل كشعب مسؤولية كبيرة، بدءاً من طريقة تصرفنا في يومياتنا مع محيطنا وبيئتنا وبلدنا. يجب إثبات أننا شعب حضاري يريد التغيير والإلتزام بالقوانين، يحب وطنه وهو ذو إنتماء واحد. يجب أن يبادر هو أولاً وعدم رمي المسؤولية على الدولة دائماً، لأن كل شيء أصبح مستباحاً لديه، من تلويث البحر والنهر، وأذية الطبيعة، من هنا أرى أن أكثرية الشعب اللبناني بحاجة إلى إعادة تأهيل.

في ظلّ هذا الواقع، هل لا يزال الوطن يغتني بأبنائه وهم يغتنون به على رأي أغنية "وطني بيعرفني"؟


الشعب هو من يصنع الأوطان. يمكن أن يكون الوطن أرضاً صحراوية فيحوّلها ناسها إلى جنّة أو على العكس تكون جنّةً مثل لبنان، يحرقها الناس ويلوّثونها. لذا الشعب بوعيه وتصرفاته يحافظ على هذا الوطن الجميل الذي وهبنا إياه الله.


تبدأ الثورة في المفهوم الرحباني من الثورة البيضاء وصولاً إلى الحمراء، أي منهما يحتاج لبنان؟


اذا استطعنا من خلال الثورة البيضاء تحقيق ما نريد أفضل بكثير من الحمراء التي فيها دم وضحايا. وهذا ما حصل أخيراً، حيث مات شباب، وخسر آخرون عيونهم. هناك سلطة متحكمة لا يمكن إزالتها بسهولة، لذا نحتاج إلى نفس طويل وإيمان بأنفسنا وأن نحبّ هذه الأرض فنسعى لتنظيفها من الفساد وممن يخرّبها.


ما الذي تبقيه في ذاكرتك من مسرح الرحابنة ومن رسالتهم الوطنية التي حرصوا على تقديمها في فنّهم؟


حملوا في كلّ أعمالهم همّ الإنسان والمواطن والشعب المقهور ضحية المسؤول الجشع والمتسلّط الذي يستغلّ منصبه للإستقواء على الناس. وهم يدعون إلى رفع الظلم مسلّطين الضوء على قضايا إنسانية وسياسية وإجتماعية.

حافظت على صورة الفنان الملتزم معبّراً بصوتك عن القضايا الإجتماعية والوطنية العظمى علماً أنك انطلقت من الأغاني الشعبية الراسخة في وجداننا مثل "يا حلوة شعرك داري، وغريبين وليل"، هل ظلمك الفنّ الملتزم أم أنصفك؟


لا يهم إن أنصفني أو لا، لأنني لا أفكّر بهذه الطريقة، بل أقدّم قناعاتي من خلال الفنّ وصوتي. إذا وجدت أن ثمة قضيّة يجب الإضاءة عليها ويمكنني من خلال صوتي نشر التوعية لدعمها مثل "التوحّد" أو "الأطفال المرضى بالسرطان" أو أي قضية إنسانية أخرى، عندها أقدّم ما أراه مناسباً. وكذلك من خلال المسرح الذي هو الأرقى بين سائر الفنون، كونه يجمع الغناء والتمثيل والرقص. أنا فخور بما ساهمت فيه على المسرح طيلة 30 عاماً، لذا من المؤكد أنه أنصفني. وفي النهاية، الجمهور هو من يقوّم الفنان ويحكم على مسيرته، لا هو.




يعكس الفنّ وجهاً من وجوه البلد الثقافية، فأي صورة له حالياً في الخارج؟

صراحة خطف الوضعان السياسي والإقتصادي في لبنان الضوء من أي شيء آخر، لأن الناس حالياً لا يتابعون سوى أخبار الدولار والأدوية والبنزين وفقدان المواد الغذائية والوضعين الإقتصادي والصحي الصعب، ما ينعكس على المجالات كافة. فيما يحارب بعض الفنانين للإستمرار. أمّا على الصعيد الدرامي، فيعملون قدر المستطاع وفق ما يناسب الإنتاج. كما يعاني المسرح والسينما أيضاً.

ثمة نشاط درامي ناشط في ظلّ إقفال المسرح ودور السينما، ألست في وارد تقديم مسلسلٍ جديد؟

وفق العروض، في حال كان العرض بمستوى "وأشرقت الشمس" ممكن أن أعود إلى الدراما، وإلا سأستمرّ في إطلالاتي الغنائية من خلال المهرجانات والريسيتال والمسرح.

برأيك، بعد إنتهاء هذه الأزمات المتخبطة في الوطن، ستكون العودة إلى المسرح متيسّرة؟

إذا أصبح الوضع الصحي طبيعياً، وانتعش الإقتصاد في البلد، ستكون العودة إلى المسرح سهلة، لأنه حاجة ثقافية وترفيهية ضرورية.

كيف تعايشت مع الأزمات الصحية والإقتصادية التي عصفت بنا منذ عام؟


عدت إلى قراءاتي، كما هربت إلى الطبيعة التي أعشق وهي أفضل دواء. من جهة أخرى إستفدت من وقت الفراغ لتنظيم ذاتي وأرشيفي الفنّي.

MISS 3