د. روبرت شميرلينغ

ما تأثير الحمية الغذائية على حب الشباب في سن الرشد؟

23 نيسان 2021

02 : 00

حين كنتُ في سن المراهقة، كانت التوصيات المرتبطة بمعالجة حب الشباب واضحة ومتماسكة:

• تجنّب الأغذية الدهنية والشوكولا لأنها تزيد احتمال ظهور حب الشباب أو تزيده سوءاً.

• غسل الوجه بشكلٍ متكرر.

• استعمال علاج موضعي شائع يحتوي على بيروكسيد البنزويل (كليراسيل) أو حمض الساليسيليك (سترديكس).

عندما دخلتُ إلى كلية الطب، تغيرت هذه التوجيهات. فقد تعلّمتُ هناك أن الرابط بين الحمية الغذائية وحب الشباب غير صحيح وأن ما نأكله لا يؤثر على تحسّن المشكلة أو تفاقمها. لكن ظهرت دراسة جديدة الآن ويبدو أنها قد تقلب المعايير مجدداً، فهي تستنتج أن الحمية قد تؤثر على حب الشباب فعلاً، في سن الرشد على الأقل.

ما سبب ظهور حب الشباب؟

في حالات كثيرة، يكون مجرّد التفكير بمشكلة حب الشباب في سن المراهقة تجربة مؤلمة. لكن لا بد من فهم أسباب ظهور هذه الحبوب في المقام الأول.

يظهر حب الشباب على ما يبدو بسبب خليط من العوامل المؤثرة: إنتاج كمية مفرطة من الزيوت في البشرة، وانسداد المسام الجلدية، وانتشار الجراثيم على البشرة، والالتهابات. كذلك، تؤثر التقلبات الهرمونية (خصوصاً عند الفتيات في سن البلوغ أو عند الإصابة بمتلازمة المبيض متعدد الكيسات) والدورة الشهرية على ظهور حب الشباب لأن هذه العوامل تنعكس على إنتاج الزيوت في البشرة. قد تؤدي الأدوية أيضاً إلى نشوء حب الشباب أحياناً (لا سيما الستيرويدات والليثيوم)، وقد ينجم انسداد المسام عن منتجات الشعر والمكياج ومستحضرات أخرى. على صعيد آخر، تبرز أسباب مختلفة لظهور حب الشباب أو تفاقمه، منها العوامل الوراثية والتلوث والتدخين والضغط النفسي.

أخيراً، يبدو أن الحمية الغذائية تحتل أهمية معينة في هذا المجال. قد يزيد احتمال نشوء الالتهابات في أنحاء الجسم بسبب مأكولات معينة، ما يؤدي إلى تفشي حب الشباب. كذلك، قد تؤثر الحمية على الهرمونات التي تزيد حب الشباب سوءاً. على سبيل المثال، قد يؤدي الحليب والأغذية الغنية بالسكر إلى ارتفاع مستويات الأنسولين وتغيير مفعول هرمونات أخرى لها تأثير محتمل على البشرة. حتى أن الأبحاث تربط بين الحليب وبروتين مصل اللبن وحب الشباب. لكن رغم هذه الروابط المحتملة بين الحمية الغذائية وحب الشباب، لا يُجمِع العلماء بعد على فعالية الحمية كطريقة لمعالجة هذه المشكلة.

آخر المعطيات عن حب الشباب بسن الرشد

نشرت مجلة "غاما" لأمراض الجلد دراسة تقارن بين نتائج استطلاعات غذائية على مدار الساعة وتشمل أكثر من 24 ألف شخص راشد. بلغ متوسط أعمار المشاركين 57 عاماً وكانوا مصابين بحب الشباب في الوقت الراهن، أو واجهوا هذه المشكلة في الماضي، أو لم يصابوا بها يوماً. اكتشف الباحثون رابطاً بين احتمال ظهور حب الشباب واستهلاك الأغذية التالية:

• مأكولات غنية بالدهون (بما في ذلك الحليب واللحوم).

• مأكولات ومشروبات سكرية.

• حمية غنية بخليط من المأكولات الدهنية والسكرية. مقارنةً بالمجموعة التي لم تُصَب يوماً بحب الشباب، كان المشاركون المصابون بهذه المشكلة راهناً أكثر ميلاً إلى تبنّي هذا النوع من الحميات بنسبة 54%.

برز رابط بين زيادة استهلاك الأغذية الغنية بالدهون والسكريات وزيادة حالات حب الشباب المستمرة. مقارنةً بالمجموعة التي لا تحمل أي تاريخ بهذه المشكلة مثلاً، كان المصابون بحب الشباب خلال فترة الاستطلاع أكثر ميلاً بنسبة 76% إلى شرب خمسة أكواب من الحليب على الأقل في اليوم السابق، وأكثر ميلاً بمرتين إلى استهلاك خمس حصص من المشروبات السكرية على الأقل، وأكثر ميلاً بثماني مرات إلى استهلاك "وجبة كاملة من المنتجات الدهنية والسكرية" في اليوم السابق.

كذلك، برز رابط بين المأكولات السريعة والوجبات الخفيفة وحالات حب الشباب الماضية. أما الشوكولا، فهي لا ترتبط على ما يبدو بحالات حب الشباب الماضية أو الراهنة، سواء كانت داكنة أو مخلوطة مع الحليب.

تتعدد الأسباب التي تدعونا إلى تفسير هذه النتائج بحذر. قد يتبين مثلاً أن تلك السجلات الغذائية شائبة. قد يكون المصاب بِحَبّ الشباب أكثر ميلاً إلى تذكّر بعض عناصر حميته (مثل المأكولات الدهنية أو السكرية)، إذا كان مقتنعاً مثلاً بأن الحمية الغذائية تؤثر على صحة بشرته، مقارنةً بمن يشككون بهذا الرابط. قد يؤثر هذا العامل على نتائج الدراسات. كذلك، يبدو أن شريحة واسعة من المجموعة التي اعترفت بإصابتها بِحَبّ الشباب شخّصت حالتها بنفسها وقد لا تكون هذه التشخيصات دقيقة دوماً. على صعيد آخر، قد تبرز عوامل مختلفة وتتوصل إلى استنتاجات مُضللة. ربما يقيم الأشخاص الذين يشربون كميات إضافية من الحليب في مناطق أكثر تلوثاً فيكون التلوث، لا الحليب، مسؤولاً عن هذه النتائج.

أخيراً، يكتفي هذا النوع من الدراسات برصد رابط محتمل من دون إقامة علاقة سببية واضحة. بعبارة أخرى، قد يميل الراشدون المصابون بِحَبّ الشباب إلى استهلاك كميات إضافية من المأكولات الدهنية والسكرية، لكن لا تستطيع الدراسة أن تثبت أن الحمية بحد ذاتها مسؤولة عن ظهور المشكلة. حتى أنها لا تؤكد على انحسار حالات حب الشباب أو تراجع حدّتها عند تغيير الحمية الغذائية.

خــــــــــلاصــــــــــة

لم تكتمل طريقة فهم حب الشباب بعد، لكننا قد نحصل في نهاية المطاف على توجيهات أكثر وضوحاً حول أفضل الحميات الغذائية لمنع هذه المشكلة أو معالجتها. حتى الآن، لا تضمن أي حمية محددة تنقية البشرة، لا في مرحلة المراهقة ولا سن الرشد. لذا من الأفضل أن نتلذذ بمأكولاتنا المفضلة لكن باعتدال. وإذا لاحظنا أن أنواعاً معينة تؤدي إلى تفاقم وضع البشرة، فيجب أن نقرر حينها إذا كان تناولها يستحق العناء.