روي أبو زيد

برناديت حديب: أرفض الهجرة وأريد تقديم الفوازير!

24 نيسان 2021

02 : 00

تجسّد الممثلة برناديت حديب شخصية "سندس" في مسلسل "راحوا" ولفتت الجمهور اللبناني والعراقي بأدائها اللهجة العراقية باحترافية. حديب، الممثلة المسرحية والسينمائية كانت من أولى المشاركات في ثورة "17 تشرين"، إذ ترفض الهجرة وتتطلّع الى بناء الوطن الحلم لكلّ لبناني. "نداء الوطن" التقتها في هذا الحوار.

كيف تمكنتِ من أداء دور "سندس" بهذه الحرفية؟

أنا من "علّقت نفسي بهل العلقة" فالدور مكتوب باللهجة اللبنانية، لكن عند قراءته لفتني كثيراً وشعرتُ أنه من الأنسب أن تكون الشخصية عراقية الأصل. لذا اجتمعت بالكاتبة كلوديا مرشيليان وشاركتها الفكرة فرحّبت بها. تواصلت حينها مع أصدقائي العراقيين واتّصلت بصديقي سيمون صادق فساعدني على تعلّم اللكنة، كما أنه جسّد دور زوجي في العمل. ولضيق الوقت، استعنت بالسيدة مليحة الصدر التي أوجّه لها كل التقدير، فاقترحت أن أتابع التعلم عند السيدة حسنات الصدر. بدأنا بعقد جلسات لإعادة كتابة بعض المشاهد في النص وتحويلها من اللهجة اللبنانية الى العراقية. واجهتنا عقبات متنوعة خصوصاً أنّ بعض العبارات والمصطلحات غير مدرجة في التعابير العراقية. تطلّب الموضوع جهداً كثيفاً ووقتاً طويلاً لتقديم الدور بهذا المستوى. تحدّيتُ نفسي في "سندس" وآمل أن أكون قد أديّتُ المهمّة على أكمل وجه.

ولكنك جمعت بين اللهجتين أحياناً كثيرة!

لا يخلو الأمر، فـ"سندس" تعيش في لبنان منذ سنوات وعمدنا الى تبسيط بعض العبارات كي نتمكّن من الوصول الى المشاهدين اللبنانيين. كذلك، أديتُ الشخصية من دون مرافقة مدقّق لغوي في موقع التصوير، فتبعت حدسي في بعض الأحيان. وجّهت من خلال "سندس" تحيّة الى أهل العراق الذين أكنّ لهم كل احترام ومودّة وأتمنى أن يسامحوني في حال صدور بعض الهفوات اللغوية.

لماذا اخترت العودة بهذا الدور بعــــــــد غياب طويل عن التلفزيون؟

أنا إنتقائية بطبعي وأختار الدور الذي يدغدغ خيالي ويستفزّني كممثلة. أيقنتُ أنه عليّ تقديم دور "سندس" خصوصاً أنه يحاكي الراية التي حملتها في مسيرتي المهنية وهي دعم المرأة العربية المقهورة والمظلومة. لذا حاولت إيصال هواجس وأوجاع الأم العربية، خصوصاً أنّ لبنان يضمّ لاجئين عراقيين وسوريين وفلسطينيين ولم نتطرّق لهذا الموضوع في مسلسلاتنا المحلية. أردتُ تسليط الضوء على هذا الموضوع عبر تقديم دور جديد برسالة هادفة. مع الاشارة، الى أنني قد لا أشارك في أعمال تلفزيونية مقبلة إلا إن وقعتُ على دور يحاكي تطلّعاتي كممثلة.





أنت ممثلة مسرحيّة. أتعتبرين أن على الممثـــلّ أن يكون مسرحيّاً كي يتقـن أدواره في السينمـــا والتلفزيون؟

ليس بالضروري أبداً، فالتمثيل موهبة فطرية قبل أن يتطوّر بالعلم والدراسة. بعض الأشخاص يبدعون في التلفزيون من دون أن ينطلقوا من المسرح، كما أنّ البعض الآخر يتقن دوره المسرحي لكنّه لا يكون مقنعاً أمام الكاميرا فلا يصل للجمهور. أنا ممثلة مسرحية بالدرجة الأولى، كما أنني سينمائية وممثلة تلفزيون. منّ عليّ الله بهذه النعمة كي أتمكّن من التميّز في هذه الأنواع الثلاثة.

كيف تقيّمين وضع الدراما المحلية اليوم؟

لست معياراً لتقييم الدراما بشكل عام، خصوصاً أنني لا أتابع أعمالها. لكنني أشاهد بعض المشاهد على "يوتيوب" أو اقرأ بعض الملاحظات العامة على وسائل التواصل الإجتماعي. من هذا المنطلق، أؤكد أنّ الدراما المحلية تصيب حيناً وتخيب حيناً آخر. يجب أن يكون العمل متكاملاً ومتجانساً بين تمثيل وإخراج وإنتاج وكتابة كي يتميّز على الصعد كافة. لكن يجب العمل على تعزيز الأعمال الدرامية وتفعيل الإنتاج كي نتعلّم من أخطائنا ونتطوّر.

هل ساهمت الدراما العربية المشتركة بانتشار الممثل اللبناني عربياً؟

التنوّع أمر إيجابي بشكل عام. ويبقى هذا الموضوع مشروطاً بكيفيّة التعاطي مع الممثل العربي عامةً واللبناني خصوصاً. فهل هذه الخلطة صحيحة وصحيّة؟ وفي هذا السياق، يفرض النص نفسه كي يكون العمل الدرامي المشترك متجانساً أو غير متجانس.

ما الشخصية التي تحلمين بتجسيدها؟

أريد أن أقدّم أعمالاً ترفيهية خصوصاً أنني شخص مرح وإيجابي في الحياة العادية، لكنني أمثّل الأدوار الحزينة والتراجيدية دوماً. لذا أريد أن أطلّ على الجمهور بوجه مختلف من خلال الشخصيات الفرحة أو عبر تقديم الفوازير المشابهة لشريهان ونيللي.

أتفكّرين بالهجرة؟

أنا احب لبنان كثيراً وأرفض مغادرته. وبالرغم من الأوضاع المترديّة التي نعيش فيها، اشعر أنني كسمكة بلا ماء حين ابتعد عن أرض الوطن. بالمقابل، أحثّ أولادي على متابعة تحصيلهم العلمي في الخارج وبناء مستقبلهم في بلاد الغربة بعد إنهائهم مرحلة التعليم المدرسي.

هل حققت ثورة "17 تشرين" أهدافها؟

بالطبع حققت بعضاً منها، إذ أسقطت الحكومة وفضحت سياسيين ورجال دين وساهمت بالكشف عن حقيقة وجوه مقنّعة. ناهيك عن أنها دفعت بالشعب اللبناني الى التحلّي بالجرأة للتعبير عن رأيه بحرية والإشارة بالإصبع الى كلّ مسؤول فاسد. لكنّ التغيير لن يتمّ بين ليلة وضحاها لذا تبقى الثورة ممارسة يومية وتتطلّب وقتاً للوصول الى تحقيق أهدافها عبر بناء دولة على أسس مدنية صحيحة وتعزيز استقلالية القضاء للدفاع عن الدستور، خصوصاً أنّ قيادة البلاد مبنيّة على الأعراف وليس على القوانين.

ما الذي تعلّمته من تجربة "كورونا"؟

لم أتعلّم شيئاً (ضاحكة). أنا إنسانة "بيتوتية" بطبعي، فمنزلي هو صومعتي ولا أخرج إلا قليلاً. أحبّ قضاء وقتي بالمطبخ وإعداد الأطباق الشهية. وحين أملّ أتنزّه في الطبيعة بين الأشجار وأتأمّل جمالها. لذا، لم يتغيّر نمط عيشي بعد انتشار الوباء. حثّنا "كورونا" على تقدير من نحبّهم وندرك قيمتهم، فجاهرنا بمحبتنا تجاه الآخر وأيقنّا أنّ الأوقات الجميلة ليست إلا لحظات ويجب الإستفادة منها عبر العيش بفرح وإيمان وحب.