"محادثات فيينا" النووية تُستأنف اليوم

"تسريبات ظريف" تُثير البلبلة في إيران

02 : 00

الرئيس العراقي برهم صالح مستقبلاً ظريف في بغداد أمس (أ ف ب)

بعدما أثار تسريبه جدلاً واسعاً هزّ هيكل نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، أوضحت الخارجية الإيرانية أمس أن التسجيل الصوتي للوزير محمد جواد ظريف تضمّن "مواقف شخصية" واقتطع من حديث غير معدّ للنشر.

وفي التسجيل الذي أكدت الخارجية صحته، مشدّدةً على أنه كان من ضمن حديث مطوّل، يتحدّث ظريف عن قضايا عدّة أبرزها الدور الواسع الذي أداه اللواء الراحل قاسم سليماني في السياسة الخارجية الإيرانية، ما أدّى إلى التضحية بالديبلوماسية من أجل الميدان العسكري.

وإذ أوضح المتحدّث باسم الخارجية سعيد خطيب زاده خلال مؤتمر صحافي أن "ما نُشِرَ لم يكن مقابلة مع وسائل الإعلام"، بل "حوار ضمن اللقاءات الروتينية في إطار الحكومة"، أكد أن نقاشات كهذه دائماً ما تكون "جدّية، شفافة ومباشرة".

كما قلّل خطيب زاده من حجم الجدل في شأن التصريحات، مشدّداً على أن ظريف "يوضح (في التسجيل) أن تصريحاته هي رأيه الشخصي"، مشيراً إلى أن ما نشر هو "3 ساعات ونصف الساعة" من حديث امتدّ "7 ساعات".

وبالفعل، فقد أثارت التصريحات المسرّبة انتقادات سياسيين ووسائل إعلام محافظين، لا سيّما أنها طالت سليماني، الذي يُعدّ من أبرز مهندسي السياسة الإقليمية الإيرانية، ويحظى بمكانة كبيرة خصوصاً بعد اغتياله بضربة جوّية أميركية العام الماضي.

وفي هذا الإطار، رأى رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف أن "حكمة وشجاعة الحاج قاسم غزّتا الميادين ومهّدتا الطريق أمام الديبلوماسية"، معتبراً أن منتقدي القائد العسكري الراحل يُمارسون "لعبة سياسية" ويتّسمون بـ"السذاجة"، من دون أن يذكر ظريف أو تصريحاته بشكل مباشر.

بدوره، كشف عضو هيئة الرئاسة البرلمانية أحمد أمير آبادي أن البرلمان الإيراني سيقوم بالتحقيق في "تسريب المعلومات السرّية عن البلاد"، موضحاً أنه "بعد التحقيق في قضية المقابلة المسرّبة، ستتمّ إحالة الخونة إلى القضاء".

كما رأى النائب المحافظ نصرالله بجمن فر أن ظريف في تسجيله "يُشكّك بمسائل تندرج ضمن الخطوط الحمر للجمهورية الإسلامية، التي يتولّى فيها منصب وزير الخارجية"، وفق ما نقلت وكالة "فارس" للأنباء. وطلب توضيحات من ظريف في شأن ما أدلى به.

من جهتها، انتقدت "فارس"، المقرّبة من "الحرس الثوري"، تقديم ظريف نفسه خلال الحديث المسرّب بمثابة "رمز للديبلوماسية" في مواجهة سليماني، الذي يُشكّل "رمز ميدان المعارك"، معتبرةً أنّه "لم يكن خفياً على أحد المواقف واختلافات ظريف مع التوجّه العام للثورة الإيرانية، وبالطبع أصبحت أكثر وضوحاً بهذا التسريب الصوتي".

كذلك، حذّرت من أن ظريف في هذا التسريب "وصل إلى حدود الدمار السياسي"، فيما تساءلت وكالة أنباء "تسنيم" المحسوبة أيضاً على "الحرس الثوري"، حول ما إذا كان تسريب هذا الملف مخطّطاً له بشكل غير رسمي للتأثير على انتخابات الرئاسة المقبلة.

نووياً، أعلن الاتحاد الأوروبي أن "محادثات فيينا" حول الإتفاق النووي الإيراني ستُستأنف برئاسة المدير السياسي للاتحاد الأوروبي إنريكي مورا اليوم. وأضاف الاتحاد في بيان: "سيُواصل المشاركون مناقشاتهم لبحث إمكانية عودة الولايات المتحدة (إلى الإتفاق) وكيفية ضمان التنفيذ الكامل والفعال (للإتفاق)".

وبينما جدّدت إيران على لسان خطيب زاده رفضها لمبدأ "خطوة مقابل خطوة" في شأن العودة إلى الإتفاق النووي، مطالبةً بحوار إقليمي لضمان أمن المنطقة، ومؤكدةً استعدادها لتسوية خلافاتها مع السعودية، كشفت المتحدّثة باسم البيت الأبيض جين ساكي أن الإدارة الأميركية ستُطلع الوفد الإسرائيلي الذي يزور واشنطن على تطوّرات المفاوضات غير المباشرة مع إيران في فيينا.

وفي الأثناء، زار ظريف بغداد بالأمس بعدما كان قد زار الدوحة الأحد. وقام بُعيد وصوله إلى العاصمة العراقية بالتوقف في موقع استهداف سليماني، حيث تلا الفاتحة، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا". وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره العراقي فؤاد حسين، حيا وزير الخارجية الإيراني، سليماني، واصفاً إيّاه بـ"بطل القتال ضدّ داعش"، بينما لم يتطرّق إلى الجدل حول تصريحاته.

وأبدى ظريف ترحيب طهران بالدور الذي تلعبه بغداد في المنطقة، معبّراً عن أمله في أن "يُحقّق أداء هذا الدور من قبل الإخوة العراقيين تطوّرات إيجابية في المنطقة". وشدّد على احترام "سيادة العراق وعدم التدخّل في شؤونه الداخلية"، فيما قال حسين: "وصلنا إلى حدود مهمّة خلال النقاشات مع الجانب الإيراني، ونُتابع المفاوضات بين الجانب الأميركي والإيراني في فيينا"، مشيراً إلى أن ظريف سيُجري زيارة إلى مدينة النجف وإقليم كردستان.

وكان وزير الخارجية الإيراني قد نقل مساء الأحد رسالة شفهية من الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تتّصل بالعلاقات الثنائية بين البلدَيْن وسُبل دعمها وتعزيزها والقضايا ذات الإهتمام المشترك. كما التقى ظريف وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وبحث الجانبان ملفات عدّة، من بينها القضايا ذات الإهتمام المشترك التي تهمّ المنطقة.

وكان لافتاً بالأمس تسليم وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان رسالة إلى أمير قطر من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، يدعوه فيها إلى زيارة المملكة. وكان في استقبال بن فرحان فور وصوله إلى الدوحة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. وعقد الرجلان جلسة مباحثات ثنائية، تناولت "تفعيل آليات مجلس التنسيق السعودي - القطري، وكلّ ما من شأنه تعزيز العلاقات الثنائية وتطوير العمل المشترك بمختلف مجالات التنسيق والتعاون بين البلدَيْن الشقيقَيْن"، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السعودية "واس".