وفد أميركي إلى المنطقة لمناقشة الملف الإيراني

رياح "التحوّلات الكبرى" تعصف بالشرق الأوسط

02 : 00

وزير خارجية سلطنة عُمان خلال استقباله ظريف في مسقط أمس (أ ف ب)

إنطلاقاً من التقارير التي تحدّثت عن محادثات سعودية - إيرانية في بغداد، والمساعي الحثيثة لإنهاء الحرب في اليمن، مروراً بالرسائل الصاروخيّة والمسيّرة والسيبرانية المتبادلة بين إسرائيل وإيران، وكذلك بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية، وصولاً إلى "محادثات فيينا" الهادفة إلى إعادة إحياء "النووي الإيراني" من خلال عودة الولايات المتحدة إليه، ترتسم خريطة جيوسياسية جديدة قد تُحدّد شكل المنطقة في العقود المقبلة.

وفي هذا الإطار، كان لافتاً حديث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال مقابلة مع قناة "السعودية" عن أنّ المملكة تطمح لأن تُقيم "علاقات طيّبة ومميّزة" مع إيران، معتبراً أنّها "دولة جارة". ورأى مراقبون أن ولي العهد السعودي يخطو خطوة أولى في اتجاه فتح صفحة جديدة مع طهران، خصوصاً في ما يتعلّق بالمصالح الإقتصادية المشتركة، إذ قال: "نُريد لإيران أن تنمو وأن يكون لدينا مصالح فيها ولديها مصالح في المملكة العربية السعودية لدفع المنطقة والعالم للنمو والإزدهار".

لكنّ المراقبين اعتبروا في الوقت عينه أن الرياض تبقى حذرةً في شأن قضايا حسّاسة عدّة مرتبطة بشكل مباشر بطهران، بانتظار تراجع الجمهورية الإسلامية عن سياساتها التدخليّة والعدائيّة تجاه دول المنطقة، مشيرين في هذا الإطار إلى أن الأمير محمد بن سلمان أكد كذلك أن "إشكاليّتنا هي في التصرّفات السلبية التي تقوم بها إيران، سواء من برنامجها النووي أو دعمها ميليشيات خارجة عن القانون في بعض دول المنطقة أو برنامج صواريخها الباليستية".

ورأى المراقبون أيضاً أن هناك نوعاً من التحوّل، ولو أنّه ليس جذرياً بعد، في كيفيّة مقاربة الملفات الشائكة في الشرق الأوسط بين الدول المتصارعة، فيما الكلام الأميركي لا يزال صارماً تجاه طهران على الرغم من مسار "محادثات فيينا"، خصوصاً مع إعادة تأكيد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالأمس أن إيران تُشكّل خطراً ومخاوف للولايات المتحدة لناحية زعزعتها الإستقرار في المنطقة ودعمها الإرهاب وقمعها حقوق الإنسان، إلى جانب برنامجها النووي.

وفي هذا الصدد، ذكرت تقارير إعلامية أن الإدارة الأميركية تُخطّط لإرسال وفد يضمّ عدداً من كبار المسؤولين إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع، للتباحث مع الحلفاء في شأن "محادثات فيينا" وطمأنتهم. ويتكوّن الوفد من أعضاء من الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع، وسيرأسه منسّق سياسة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماكغورك ومستشار وزارة الخارجية ديريك شوليت.

وستكون السعودية المحطّة الأولى للوفد، وفق ما كشفه مسؤولون لوكالة "بلومبيرغ" عن الخطط المبدئية للجولة، بينما ستكون المحطّة التالية هي الإمارات، فمصر والأردن، فيما يعقد مسؤولون أميركيون وروس جولة جديدة من المشاورات في فيينا اليوم ستتناول جهود إحياء الإتفاق النووي.

توازياً، أعلن البيت الأبيض أن مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شبات عبّرا خلال اجتماع لهما في واشنطن الثلثاء عن قلقهما البالغ إزاء التقدّم الذي تُحرزه إيران في برنامجها النووي، واتفقا على أن السلوك الذي تنتهجه طهران في الشرق الأوسط يُمثل "خطراً كبيراً". كما اتفقا على تشكيل فريق عمل مشترك لتركيز الاهتمام على التهديد المتنامي الذي تُمثله الجمهورية الإسلامية من خلال تزويدها حلفاءها بطائرات مسيّرة وصواريخ دقيقة التوجيه.

وفي الغضون، إلتقى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف المتحدّث باسم المتمرّدين الحوثيين محمد عبد السلام في مسقط، حيث أكد له موقف طهران المؤيّد لوقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب في اليمن. علماً أن تصريحات ظريف جاءت بعد ساعات على دعوة ولي العهد السعودي المتمرّدين المدعومين من إيران إلى وقف الحرب والتفاوض.

وبحسب الخارجية الإيرانية، فإنّ ظريف "جدّد التأكيد على موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بأنّ الحلّ السياسي هو السبيل الوحيد لتسوية الأزمة في اليمن، والمطالبة بوقف إطلاق النار وتفعيل المفاوضات اليمنية - اليمنية".

وعلى صعيد الإستفزازات البحرية الإيرانية، رأى رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي أن "اقتراب الزوارق الإيرانية من سفننا في الخليج يُعتبر عملاً استفزازيًا"، محذّراً من أن بلاده ستتّخذ الإجراءات المناسبة لحماية نفسها. وكانت البحرية الأميركيّة قد أطلقت الإثنين طلقات تحذيرية في اتجاه 3 زوارق تابعة لخفر السواحل الإيرانية اقتربت كثيراً من سفينتَيْن حربيّتَيْن تابعتَيْن لها في الخليج.

أمّا في ما خصّ الجبهة الداخلية الإيرانية المضطربة، فقد رأى الرئيس حسن روحاني أن توقيت تسريب التسجيل الصوتي لظريف يهدف إلى التسبّب بـ"اختلاف داخلي" تزامناً مع "محادثات فيينا"، في حين أسف ظريف لتسبّب تصريحاته بـ"اقتتال داخلي"، مع تقديره وجود حاجة إلى "تعديل ذكي" في العلاقة بين "الميدان العسكري" و"الديبلوماسية" في الجمهورية الإسلامية، في وقت أكدت فيه لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني أنّه "تمّ استدعاء" ظريف "لتقديم إفادة في اللجنة"، حول ما جاء في "التسريب الصوتي".

MISS 3