"بدأنا باتّخاذ خطوات تمنع دخول المعطّلين والفاسدين إلى فرنسا"

لودريان مغادراً: إنها البداية...

02 : 00

لا مفرّ من احترام المواقيت الديموقراطية في لبنان

تعاطي الطبقة السياسية اللامسؤول مع مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وعدم التزامهم بتعهدات قطعوها امامه، دفع به الى توعّد المعرقلين والضالعين بالفساد بمزيد من الاجراءات ضدّهم بعدما اعلن، وبلسان وزير خارجيته جان ايف لودريان ان بلاده بدأت باتخاذ خطوات تمنع دخولهم الى اراضيها الفرنسية، مؤكدا انه هذه ليست سوى البداية.

وفي خطوة تعبّر عن سخط باريس، اكتفى لودريان بزيارات بروتوكولية الى قصر بعبدا وعين التينة، مستثنياً السراي الحكومي وبيت الوسط، واجرى لقاء مع الرئيس المكلف سعد الحريري في قصر الصنوبر حيث اجتمع ايضاً مع بعض الشخصيات السياسية التي تدور في فلك المعارضة كالنواب المستقيلين سامي الجميل وميشال معوض ونعمت افرام، ومع بعض مجموعات الحراك الشعبي والمجتمع المدني، فيما اعتذر عن الحضور كل من "الحزب الشيوعي" و"التنظيم الشعبي الناصري" و"مواطنون ومواطنات في دولة".

وختم لودريان زيارته الى لبنان بلقاء مع الصحافة المكتوبة، في قصر الصنوبر، بحضور السفيرة الفرنسية آن غريو. واكد انه "من الملح ان يخرج لبنان من المأزق السياسي الحالي" وقال: "هذه رسالتي الثالثة، ولقد عبرت بصراحة عن هذ الأمر خلال لقاءاتي مع الرؤساء الذين قابلتهم من منطلق أنهم معنيون دستورياً بالاتفاق على حكومة، ولاحظت أن الفاعلين السياسيين لم يتحمّلوا لغاية الآن مسؤوليتهم ولم ينكبوا على العمل بجدية من اجل اعادة نهوض البلد". وأضاف: "أنا هنا من أجل تلافي هذا النوع من الانتحار الجماعي، واذا لم يتحركوا منذ اليوم بمسؤولية فعليهم تحمل نتائج هذا الفشل ونتائج التنكر للتعهدات التي قطعوها. نحن نرفض ان نبقى مكتوفي الأيدي امام التعطيل الحاصل، ولقد بدأنا باتخاذ خطوات تمنع دخول المسؤولين السياسيين المعطلين والضالعين بالفساد الى الأراضي الفرنسية، وهذه ليست سوى البداية واذا استمر الأمر، فإن هذه الخطوات ستزداد حدة وستعمم وستكمل بأدوات ضغط يمتلكها الاتحاد الاوروبي وبدأنا بالتفكير بها معه".

وأكد ان "على الجميع تحمل مسؤولياتهم وبدورنا نتحمل مسؤولياتنا، وعلى المسؤولين اللبنانيين ان يقرروا اذا ما كانوا يريدون الخروج من التعطيل والمأزق الذي أوجدوه، وأعتقد أن الأمر ممكن اذا رغبوا في ذلك. كل ما تقوم به فرنسا هو من اجل اللبنانيين لكي لا يفقدوا الأمل بإمكان وجود دولة عادلة وحكم فعال. نحن هنا لمواكبة اللبنانيين في بناء مستقبل يحددون هم خطوطه العريضة، ولقد التقيت بالأمس لبنانيين قرروا رفع هذا التحدي بعزة وشجاعة، وقلت لهم إن فرنسا ستكون الى جانبهم وستساند تطلعاتهم المشروعة".

وقال: "انا هنا لتجنب التأجيل السياسي المنظم من البعض، واكثر ما لفتني في لقاءاتي امس هو حيوية المواطنين اللبنانيين ومقدرتهم على الإبتكار والحداثة وقد شعرت بعنصر القوة لديهم، ولا اعرف اذا كان المسؤولون السياسيون اللبنانيون يشعرون بها لكن أتمنى ذلك، وهذه القوة علامة للمستقبل تمكنني من القول إن لبنان سيجد فرصة للتجدد من خلال قواه الحية".

أضاف: "لقد قررنا زيادة الضغوط على المعرقلين ولا يمكننا ان نبقى مكتوفي الأيدي امام كل ما يحصل، بدأنا باتخاذ قرارات تمنع دخولهم الى الأراضي الفرنسية وهذا ليس الا بداية".

وهل يؤثر التقارب بين الأطراف المتنازعة في المنطقة مثل ايران والسعودية على الأوضاع في لبنان عموما أجاب: "منذ بداية الأزمات في الشرق الأوسط وفي لبنان ومنذ ان بدأت زياراتي الى هنا، كنت اسمع دوماً من كل المسؤولين اللبنانيين انهم مع مبدأ النأي بالنفس عما يحصل في المنطقة، وهذا ما سمعناه مع بدء الأزمة في سوريا، ونحن مع النأي بالنفس ايضاً في الأزمة وخلالها وبعدها، وأعتقد أنه من غير المبرر أن نبحث في مكان آخر عن التفسيرات والأعذار لما يحصل هنا، فالمسؤولية هي أولاً في لبنان".

وبالنسبة إلى الانتخابات النيابية، قال: "لقد أمضيت يومين ونصف اليوم في لندن خلال مشاركتي في مجموعة السبع، والتقيت وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن ووزراء خارجية الدول السبع، واذكر ايضاً بأن فرنسا عضو في مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة الذي سأتولى رئاسته بعد أسابيع. من جهة أخرى، ألتقي نظرائي في الاتحاد الأوروبي وأقول لهم جميعاً وأقولها أيضاً في بيروت، بأن احترام المواقيت الديموقراطية في لبنان امر لا مفرّ منه، ومحاولات تأجيل الانتخابات أمر لن تقبل به المجموعة الدولية وحتماً فرنسا، وكل مرة تطرح فيها المسألة اللبنانية في الهيئات الدولية الثلاث التي ذكرت تسأل فرنسا عن رأيها، وما قلته في هذا المجال نتشاطره جميعاً".

وردّاً على سؤال قال: "لم آت الى هنا للدخول في التجاذبات السياسية، واذا زرت رئيسي الجمهورية والمجلس والتقيت الرئيس المكلف فلأنهم يمثلون لبنان والمؤسسات، والمعيار الأساسي بالنسبة إلي هو التزامات تعهّد بها المسؤولون اللبنانيون والقوى السياسية اللبنانية هنا في قصر الصنوبر. الالتزام الأول يتعلق بخريطة طريق مع اتخاذ مجموعة من القرارات على الأمد القصير، وقد عبر كل ممثل عن القوى السياسية شخصياً عن موافقته عليها امام رئيس الجمهورية الفرنسية ايمانويل ماكرون. ثانياً: التزام تأليف حكومة مهمة مؤلفة من اختصاصيين والجميع وافق عليها شخصياً، كما تمّ التزام التأليف في مدة 15 يوماً ومرّ نحو 9 اشهر ولم يحصل شيء. على اللبنانيين القيام بمسؤولياتهم على ضوء التزامات تعهدوا بها. السؤال هو: هل يعرفون ان يبقوا مخلصين للتعهدات التي قطعوها، واحترام كلمتهم"؟

ولفت إلى أن "من التقاهم من المجتمع المدني والمعارضة امس عبروا عن ارادة للنهوض، وأن الشعب اللبناني يعتز بنفسه ولا يريد ان يتورط مع قياداته والمسؤولين عنه". وختم: "أنهي مهمتي بتصميم حول متابعة الضغوط على المسؤولين من اجل احترام تعهداتهم، وبنفس الوقت أغادر مع شيء من التفاؤل عندما أرى إرادة هذا الشعب الراغب بالتعبير عن قوته وفخره بتحديد مصير لبنان".


MISS 3