مسلسل إغتيال الناشطين مستمرّ في العراق

02 : 00

خلال تشييع الوزني في كربلاء أمس (أ ف ب)

ما زال مسلسل تصفية الناشطين مستمرّاً في "بلاد الرافدين"، إذ كتم هجوم مسلّح فجر الأحد في كربلاء صوت الناشط إيهاب الوزني، مُحدثاً صدمة هائلة وغضباً عارماً بين مؤيّدي "ثورة تشرين"، التي خسرت عدداً كبيراً من ناشطيها المناهضين للفساد ولتدخّل إيران في شؤون العراق.

وأثناء عودة الوزني إلى منزله في ساعة متأخّرة من بعد منتصف ليل السبت - الأحد، ظهر مسلّحون على متن درّاجات نارية في أحد أزقة كربلاء، المدينة الشيعية المقدّسة في الجنوب، حيث تنتشر فصائل مسلّحة تدور في فلك طهران، وقتلوه برصاصات غدر لم تعد غريبة على البلاد.

ويبدو أن الناشط إيهاب فهم على الفور ما ينتظره، هو الذي نسّق تظاهرات كربلاء وشارك على مدى سنوات في كلّ النضالات السياسية والاجتماعية في المدينة. فقبل نحو سنتَيْن، في كانون الأوّل 2019، نجا من مصير مماثل قُتِلَ خلاله أمام عينيه رفيقه فاهم الطائي برصاص أطلقه مسلّحون على درّاجات نارية من مسدّسات مجهّزة بكاتم للصوت.

وعلى إثر مقتل الوزني، خرجت تظاهرات في كربلاء وفي الناصرية والديوانية في جنوب العراق، احتجاجاً على عملية الإغتيال. وبعد تشييع كربلاء الناشط، تعهّد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بمعاقبة المجرمين الذين تورّطوا باغتيال أحد أبرز وجوه المدينة.

وفي هذا الصدد، رأى الكاظمي خلال اجتماع دوري للحكومة أن المجرمين أفلسوا من محاولات خلق الفوضى واتجهوا إلى استهداف النشطاء العزّل، مؤكداً أنهم لن يفلتوا من العقاب، وقال: "القانون سيُحاسبهم مثلما سقط آخرون في قبضة العدالة من قبل"، مضيفاً: "سنُلاحق القتلة ونقتصّ من كلّ مجرم سوّلت له نفسه العبث بالأمن العام".

من جانبه، اتهم عضو مفوضية حقوق الإنسان الحكومية علي البياتي السلطات بالضعف، قائلاً إنّ اغتيال الوزني "يطرح السؤال مرّة أخرى: ما هي الإجراءات الحقيقية التي اتخذتها حكومة الكاظمي لمحاسبة الجناة على جرائمهم؟".

وبينما أعلنت شرطة كربلاء بعد وقت قصير من الحادث أنها لا تدّخر جهداً للعثور على "الإرهابيين" الذين يقفون وراء الجريمة، دانت الولايات المتحدة وبريطانيا بشدّة اغتيال الوزني. ومثلما حدث لدى اغتيال عشرات الناشطين برصاص مجرمين يستقلّون درّاجات نارية قبل أن يتواروا في الظلام، لم تُعلن أي جهة مسؤوليّتها عن عملية القتل. لكن الناشطين في العراق يتّهمون الميليشيات الموالية لإيران بالوقوف وراءها.

وشهد العراق منذ اندلاع "ثورة تشرين" الشعبية في تشرين الأوّل 2019، حملة واسعة من الاغتيالات وعمليات الخطف والتهديدات ضدّ منظّمي الاحتجاجات التي لم ترَ لها البلاد مثيلاً من قبل، وسقط خلالها نحو 600 قتيل، بينهم من كان في التظاهرات أو قرب منازلهم.