هجوم "أرامكو" يُهدّد إمدادات النفط... وإيران في دائرة الاتّهام

02 : 15

أعمدة الدخان تتصاعد من معمل بقيق في السعوديّة (أ ف ب)

بعدما أسفر هجوم يُرجّح أنّه بطائرات مسيّرة على منشأتَيْن نفطيّتَيْن تابعتَيْن لشركة "أرامكو" السعوديّة، عن عرقلة إنتاج النفط بشكل كبير، وتوجيه أصابع الاتهام إلى إيران، خصوصاً على لسان وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو، الذي وصف الاعتداءات الأخيرة بـ"الهجوم غير المسبوق على إمدادات الطاقة"، أكّدت مستشارة البيت الأبيض كيليان كونواي في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" أمس، أن "الولايات المتّحدة مستعدّة للتحرّك في حال أيّ هجوم إيراني على السعوديّة"، كما أشارت إلى استعداد وزارة الطاقة الأميركيّة للسحب من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي، وذلك إذا اقتضت الحاجة لاستقرار إمدادات الطاقة العالميّة، التي باتت مهدّدة. لكن كونواي لم تستبعد احتمال عقد لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الإيراني حسن روحاني.

ولفتت إلى أن ترامب "سيُفكّر" في تنفيذ اقتراحه بعقد اللقاء الثنائي خلال الاجتماع المقبل للجمعيّة العامة للأمم المتّحدة في نيويورك، موضحةً أن "الظروف يجب أن تكون دائماً جيّدة لكي يُبرم الرئيس اتفاقاً أو يعقد اجتماعاً". وانعكاسات الضربات وحجم الأضرار ليست بالقليلة، وبخاصة أنّها استهدفت معملي بقيق، أكبر منشأة في العالم لمعالجة النفط، وخريص المجاور، حيث يوجد حقل نفطي شاسع في شرق السعوديّة، ما أدّى إلى خفض انتاج النفط إلى النصف تقريباً، في حين كثّفت الرياض الجهود لإعادة تشغيل المنشأتَيْن النفطيّتَيْن.

واتهام بومبيو إيران، استدعى رداً غاضباً من الأخيرة، بحيث اعتبر الناطق باسم وزارة خارجيّتها عباس موسوي أن "هذه الاتهامات ووجهات النظر الأميركيّة الباطلة وغير اللائقة، تأتي في سياق ديبلوماسي غير مفهوم ولا معنى له"، في وقت نفى العراق أيّ علاقة له بالهجوم. وأعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في بيان أن "العراق ينفي ما تداولته بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن استخدام أراضيه لمهاجمة منشآت نفطيّة سعوديّة بالطائرات المُسيّرة". وكانت نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مصادر لم تكشف عنها، أن مسؤولين سعوديين وأميركيين يتحدّثون عن احتمال أن تكون صواريخ "كروز" استُخدمت في الهجوم وأُطلقت من العراق أو إيران.

وفي لندن، ندّد وزير الخارجيّة البريطاني دومينيك راب بـ"الهجمات الإرهابيّة" على منشأتَيْ نفط سعوديّتَيْن، ووصفها بأنّها "محاولة طائشة للإضرار بالأمن الإقليمي وتعطيل إمدادات النفط العالميّة"، مشيراً إلى أنّه تحدّث عن هذا الأمر مع بومبيو. كما حذّر الاتحاد الأوروبي من "تهديد حقيقي للأمن الإقليمي في الشرق الأوسط".

كذلك، دان الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش، الهجمات، ودعا الأطراف كافة إلى "ضبط النفس منعاً للتصعيد". ودان وزراء خارجيّة دول "منظّمة التعاون الإسلامي" أيضاً، بأشدّ العبارات وبالإجماع، استهداف شركة "أرامكو" السعوديّة في بقيق وخريص في شرق المملكة، بينما اعتبر المتحدّث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن "أيّ اضطراب من هذا النوع لا يُساعد في استقرار أسواق مواد الطاقة".

ولم يتّضح بعد الحجم الفعلي للأضرار ولا نوع الأسلحة التي استُخدمت، بينما تمّ منع الصحافيين من الاقتراب من المنشأتَيْن وسط اجراءات أمنيّة مشدّدة. وأكّد المتحدّث باسم وزارة الداخلية منصور التركي لوكالة "فرانس برس"، عدم سقوط أيّ ضحايا في الهجمات. وأفادت "أرامكو" بأنّها ستلجأ إلى مخزوناتها النفطيّة لتعويض عملائها، وكلّ ذلك بالتزامن مع اقتراب موعد طرح جزء من أسهم المجموعة للاكتتاب العام الأوّلي.

بدوره، كشف وزير الطاقة السعودي الجديد الأمير عبد العزيز بن سلمان أن المملكة ستلجأ إلى منشآتها الضخمة لتخزين النفط المخصّصة لأوقات الأزمات لتعويض الانخفاض الذي طرأ على الإنتاج. وبنت الرياض خمس منشآت تخزين ضخمة تحت الأرض في مناطق عدّة من البلاد، قادرة على استيعاب عشرات ملايين البراميل من المنتجات البتروليّة المكرّرة على أنواعها.

وكان لافتاً إعلان الكويت أن الجهات الأمنيّة تُحقّق في تحليق طائرة مسيّرة على الجانب الساحلي، مؤكّدةً التنسيق مع السعوديّة بعد استهداف منشأتي "أرامكو". وذكرت وكالة "كونا" أن رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، "وجّه القيادات العسكريّة والأمنيّة إلى تشديد الإجراءات الأمنيّة حول المواقع الحيويّة داخل البلاد، واتخاذ كلّ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على أمن الكويت والمواطنين والمقيمين على أرضها من كلّ خطر".

يُذكر أن ترامب ندّد خلال اتّصال هاتفي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمس الأوّل، بالهجوم الذي استهدف المنشأتَيْن النفطيّتَيْن، إذ أعلن البيت الأبيض في بيان عقب الاتصال الهاتفي أنّ "الولايات المتّحدة تُدين بشدّة الهجوم على البنية التحتيّة الحيويّة للطاقة"، معتبراً أن "أعمال العنف ضدّ المناطق المدنيّة والبنية التحتيّة الحيويّة للاقتصاد العالمي، تؤدّي فقط إلى تعميق النزاع وانعدام الثقة". وأبلغ ترامب ولي العهد السعودي، "دعمه حقّ المملكة في دفاعها عن نفسها"، وذلك في أعقاب بيان سابق أصدرته الرياض جاء فيه أنّ ولي العهد أبلغ ترامب بأنّ المملكة "مستعدّة وقادرة" على الردّ على الهجمات. وأوضح البيان الأميركي أنّ "حكومة الولايات المتّحدة تُراقب الوضع وتبقى ملتزمة ضمان استقرار أسواق النفط العالميّة وتزويدها بالموارد الكافية".

وتسبّبت الهجمات في خفض امدادات النفط في العالم بنسبة 6 في المئة، وهو ما يُمكن أن يؤدّي إلى رفع الأسعار في الأسواق العالميّة، ولكن التأثير سيعتمد على سرعة تمكّن "أرامكو" من استعادة الانتاج، إذ توقّف تدفق حوالى 5.7 ملايين برميل نفط في اليوم، أيّ نصف إجمالي إنتاج الشركة بسبب الهجمات الأخيرة. وحالياً لدى "أرامكو" نحو 260 مليار برميل من احتياطي مؤكّد، الثاني في العالم بعد فنزويلا، إضافةً إلى 300 تريليون قدم مكعب من الغاز.