مايا الخوري

يعدّ ويقدّم "صوت صارخ" على شاشة "صوت المحبة"

مارون واكيم: كفى تهميشاً لذوي الإحتياجات الخاصة

18 أيار 2021

02 : 00

إنطلقت فكرة "صوت صارخ" للتعبير عن وجعٍ وضعفٍ وإختناقٍ لدى الناس جميعاً ومن ضمنهم ذوي الإحتياجات الخاصة والإرادة الصلبة. فشكّل هذا البرنامج، وفق معدّ ومقدّم البرنامج، الأول من نوعه في لبنان، مارون واكيم مساحة نقاش وحوار عن ظروف هذه الفئة الأساسية من المجتمع ومشكلاتها ووسيلة لإيصال صوتها الحقيقي بعيداً من الحملات الإنتخابية والخيرية.

ما هي رسالتكم في البرنامج وإلى من تتوّجهون؟

إنه وسيلة لإيصال الصوت، والتعبير عن وجودنا فينتبهون إلى قدراتنا ويركّزون على عطاءاتنا بدلاً من النظر في شكلنا وضعفنا والأمور التي نعجز عن القيام بها في المجتمع. إنها دعوة ليختبروا نعمة الله فينا، وما نستطيع تقديمه إلى مجتمعنا. وثانياً، هو وسيلة لنتكلم عن المجالات التي يستطيع أن ينشط ذوو الإحتياجات الخاصة من خلالها، فلا يُحصرون بموقع صغير كمشغلٍ يدويٍ، ولا يكونون مجرّد سبق إعلامي في حلقة تلفزيونية تضيء على موهبة معيّنة. يستطيع ذوو الإحتياجات الخاصة العمل في المؤسسات الرسمية وفي الطب والهندسة، لأن بعضهم لم يولد هكذا أو لم يعطب نتيجة خطأ طبي، بل تعرّض لحادث أو إنفجار، كإنفجار بيروت مثلاً الذي سبب حالات كثيرة من هذا النوع، وبالتالي لا يمكن وضع هؤلاء في خانة الأفراد غير النافعين في المجتمع، بل على العكس، يجب فتح الباب أمامهم ومنحهم الثقة والإعتراف بقدراتهم.

البرنامج من إعدادك وتقديمـــــــــك. أيّ تحديات واجهت؟

أوّد بدايةً شكر الأب مارون موسى داعمي الأول، فعندما إقترحت المشروع وافق سريعاً وبارك خطوتي من دون الإطلاع إلى التفاصيل. وكذلك الأب شربل حتّي الذي يساعدني في الإعداد وإختيار الضيوف. لأي عمل تحدياته ومطبّاته إنما علينا أن نعرف كيفية المواجهة ونجيد البحث عن السبل المناسبة لعدم الوقوع في الأخطاء.

كيف يتفاعل الجمهور مع المواضيع المطروحة خصوصاً في المباشر عبر أثير إذاعة وتلفزيون "صوت المحبة" ومواقع التواصل الإجتماعي؟

يأخذ البرنامج منحى علمياً وتوعوياً، حيث أركّز على 3 أمور في كل حلقة: إبراز قدرات ذوي الإحتياجات الخاصة والإرادة الصلبة، إستضافة أشخاص معروفين لإضفاء لمستهم الداعمة لهذه الرسالة، وإعطاء أهمية للشق النفسي.





هل يسهم دورك الإعلامي بتشجيع إنخراط ذوي الإحتياجات الخاصـــــــة في المهن المعتمدة على الشكـــــــل ومنها الإعلام؟

لقد عالجت هذا الموضوع في إحدى الحلقات تحت عنوان "ذوي الإحتياجات الخاصة والإعلام". صحيح أن المعايير الإعلامية المطلوبة في المحطات ترتكز على المظهر والكاريزما بغض النظر عن المضمون والإختصاص، إنما أنا أعدّ برنامجي شفهياً، معتمداً على العفوية وسرعة البديهة والحنكة في الحوار، فيأتي ضيفي محترماً إلى الإستديو ويغادر مرتاحاً ومكرّماً. للأسف، يبحث الإعلام بشكل عام عن خبطة إعلامية أو مهاجمة الضيوف لتحقيق نسبة مشاهدة عالية. لكني أرسم خطاً مغايراً، وفي حال تبّنتني إحدى المحطات، سأثبت قدرتي على نقل الإعلام من الشكل إلى المضمون.

ممّن تستمد هذه القوة وهذه الثقة بقدراتك المهنية؟

بعد كل خطوة ناقصة، يقف الإنسان مجدداً. يعلّمنا الوجع الصلابة وقوة الشخصية، فيفرض الإنسان نفسه بخروجه من قوقعته، ومن الزاوية التي وُضع فيها، لإثبات وجوده، كاسراً قضبان القفص الذي سُجن فيه. لذلك أدعو كل إنسان إلى تخطّي وجعه مستمدّاً القوة منه، لأنه يعلّمه القوة والصبر. وأشير هنا الى أنّ الله هو البداية والنهاية، بفضله وبفضل نعمه نستمرّ.

ما دور العائلة في تربية طفل من ذوي الإحتياجات الخاصة واثقاً وقوياً لتأمين مستقبله بنفسه؟

للأسف، يخجل البعض بأولاده، فيخفيهم عن المجتمع من دون دعمهم تحت ستار "العيب". في المقابل، يدعم البعض الآخر هذا الولد ويقوّي شخصيته، بدفعه نحو المجتمع ليقوى رغماً عن التنمّر. من ناحية أخرى ثمة عائلات ميسورة تؤمن احتياجات أولادها مكتفية بذلك، علماً أنّ الأمر غير كافٍ إذ يجب تكوين شخصية ذوي الإحتياجات الخاصة. ومن هنا أقول "كفى" للجمعيات والوزارات المهمّشة لدورهم. نطالب بنقابة ووزارة خاصة بهم ومقعد نيابي يعبّر عن صوتهم. يتذكّرونهم في الحملات الإنتخابية لكسب أصواتهم، ليتخلوا عنهم عند الحاجة، والدليل أنهم لم يجدوا نائباً يدعم حصولهم على لقاح "كوفيد 19" أسوة بكبار السنّ والجسم الطبّي.

برع كثيرون من ذوي الإرادة الصلبة في قطاعات مختلفة محققين نجاحات، ألا تسلّط الضوء على إنجازاتهم ليكونوا قدوة؟

نعالج في كل حلقة موضوعاً يسلط الضوء على ذوي الإحتياجات الخاصة في مختلف القطاعات مستضيفين من يتحدث عن خبرته في هذا الإطار. لكننا نحتاج أيضاً إلى شاشات تضيء على إنجازاتهم ودورهم في المجتمع، فلا تقتصر إستضافتهم على سبق إعلامي في برنامج ما، بل يجب تأمين مساحة إعلامية أكبر لهم.





ما الرسالة التي توّجهها لمن يخشى مواجهة المجتمع فينطوي على نفسه؟

أرغب في توضيح الفرق بين ذوي الإرادة الصلبة والإحتياجات الخاصة، برأيي كل من عانى في حياته، أي نجا من إنفجار، أو تخلّص من إدمان، أو تعرّض لتنمّر أو لاغتصاب واستطاع تخطّي وضعه هو من ذوي الإرادة الصلبة. فيما يعاني ذوو الإحتياجات الخاصة من حالة طبيّة معيّنة ومن وضع نفسي. أدعو كل شخص إلى عدم التأثر بالقيل والقال، فلو وُضع جمرك على الكلام لسكت الجميع وخفّت الأذية والتنمّر. الكلمة الجميلة غير مكلفة لكنها مؤثرة جداً. أدعو كل ذي إحتياجٍ خاص إلى الإنتفاضة على نفسه وأهله ومجتمعه لإثبات وجوده بوعيٍ. أتمنى أن يبني برنامجي مناعة ووعياً إجتماعياً كافياً.

وجّهتم نداءات كثيرة ونظّمتم حملات توعية للنظر الى وضعكم على صعيدي الحقوق والمســــــــــــاواة في الوظائف والشؤون الحياتية اليومية، هل حققتم أي تغيير؟

للأسف نحن نعيش في لبنان، حيث الأولوية للوضع الإقتصادي. لم لا يفسحون في المجال أمام توظيف ذوي الإحتياجات الخاصة فيستفيدون من قدراتهم في وظائف الدولة أو الإعلام طالما يتمتعون بالمؤهلات المهنية اللازمة؟ في الغرب يحترمون الإنسان، فيؤمنون له معاشاً وطبابة وشيخوخة لائقة. للأسف، لا تلقى المناشدات والمطالبات آذاناً صاغية في بلدي. ومن المعيب أكثر أن التعاطي معنا يختلف وفق المناطق أيضاً حيث نواجه في بعضها عقلية متخلّفة.

ما هي التحديات التي تواجهكم في ظلّ " كوفيد 19"، والوضع الإقتصادي الصعب؟

يستطيع من يتمتع بصحة كاملة التعبير عن حزنه ووجعه فيما لا إمكانية لذوي الإحتياجات الخاصة الذين يعيشون في الحجر أساساً، للخروج والترفيه عن النفس بسبب "كوفيد 19"، ما يعرّضهم لمشاكل نفسية إضافةً إلى المشاكل الجسدية. فضلاً عن حرمانهم من عاطفة أهلهم، بالعناق والقبل، خشية من إنتقال العدوى. نضيف كذلك عجز البعض من هذه الفئة عن تأمين دوائه ومأكله. بالتالي إنهم يعيشون ضغوطات نفسية وجسديّة مضاعفة. وتبرر الجمعيات موقفها المتقاعس بحجز الدولة للأموال وغياب دعمها علماً أن غالبيتها متعاونة مع جمعيات خارج لبنان وعلى تواصل دائم معها. لو خصص نائب واحد معاشه الشهري لدعم جمعية واحدة لما وصلنا الى هذا الدرك.

ما المطلوب برأيك؟

نحتاج إلى استقرار إقتصادي وصحي وأمني وبداية نهضة بوزارات جديدة عمادها الشباب الطموح ودمج ذوي الإحتياجات الخاصة بالوزارات، كمستشارين أو موظفين يوصلون رأي هذه الشريحة من المجتمع الى الناس.


MISS 3