السلك الديبلوماسي "ينهار": شغور واستدعاءات ومعاشات من الـ"Petty cash"

بكركي: لتحديث "التشكيلة" وجلاء "النازحين"

01 : 59

من العرض الذي أقامه "السوري القومي" في شارع الحمرا أمس (فضل عيتاني)

إنقضت مسرحية "الأونيسكو"، بعرضَيْ التلاوة والمناقشة، على "ضحكات صفراوية" من رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، تقصّد افتعالها أمام عدسات الكاميرات لتورية خيبة أمله بعدما أعطت رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون مفاعيل عكسية أعادت تثبيت مقبض التكليف في يد الحريري. وإذا كان الرئيس المكلف ردّ الصاع صاعين لعون وباسيل بموقف عالي النبرة والسقف لم يخلُ من عبارات جارحة بلغت حد وصف مضمون المنهجية العونية في مقاربة تسمية الوزراء بـ"الكلام التافه" و"الحيل الخرقاء"، فإنّ ما جاء في خلاصة "نصيحته" لعون بالإقلاع عن "محاربة طواحين الهواء" من تأكيد على أنّ "لبنان يستحق محاولة جديدة"، اختزن في طياته مؤشراً واضحاً إلى اعتزام الرئيس المكلف إعادة الوصل مع بعبدا واستئناف جولة محاولاته مع رئيس الجمهورية للتوصل إلى تصوّر حكومي مشترك معه... وهو ما طالب به صراحةً أمس البطريرك الماروني بشارة الراعي، متوجهاً بالمباشر إلى الحريري بدعوته إلى "تقديم تشكيلة محدّثة من الاختصاصيين غير الحزبيين بأسرع وقت" إلى عون، والاتفاق معه "على الهيكلية والحقائب والأسماء".

غير أنه، وإلى أهمية الشق الحكومي في عظة بكركي، برزت كذلك رسالة لا تقل أهمية في جوهر موقف الراعي حيال مجريات الأحداث الاستفزازية التي استهدفت "منطقة تعج بشهداء سقطوا في المعارك مع الجيش السوري"، يوم الاقتراع للرئيس السوري بشار الأسد، مشدداً إزاء ما حصل من إشكالات افتعلتها قوافل "النازحين" الموالين للأسد، على ضرورة جلائهم عن لبنان وإعادتهم إلى وطنهم، لا سيما وأنّ "الحرب انحسرت في سوريا وتوسعت المناطق الآمنة وصاروا مواطنين سوريين عاديين لا نازحين".

وعلى هذا الأساس، أعرب الراعي عن "رفض ربط مصير لبنان بالحل السياسي في سوريا"، مطالباً من جهة "الدولة السورية بأن تفتح جدياً باب العودة الآمنة والكريمة لمواطنيها"، والدولة اللبنانية من جهة موازية بأن تقلع عن مجرد "التصريح من دون تنفيذ خطة لإعادة النازحين"، والمبادرة إلى اتخاذ "الإجراءات العملية لتحقيق هذه العودة الآمنة سريعاً"، مع التشديد في الوقت عينه على وجوب أن تعمل "منظمة الأمم المتحدة على إدارة وجودهم في لبنان وإدارة إعادتهم إلى وطنهم".

وفي الغضون، تواصل تفليسة الطبقة الحاكمة تمدّدها في بنية الدولة ومؤسساتها، ويواصل "الهريان" تشعباته في أكثر من اتجاه وعلى أكثر من مستوى داخلي وخارجي وصولاً إلى السلك الديبلوماسي الذي وصل حافة "الانهيار"، حسبما حذرت مصادره عبر "نداء الوطن"، واصفةً ما يعانيه السلك من تصدعات متزايدة بـ"الكارثة الديبلوماسية على لبنان".

ونقلت المصادر أنّ أجواء بلبلة عارمة تسود أوساط العاملين في السلك في الخارج وسط ارتفاع نسبة "الشغور في مواقع السفراء والعجز المالي الخانق في العديد من السفارات حول العالم، والاتجاه الأكيد نحو إعداد وزارة الخارجية سلة استدعاءات كبيرة منهم إلى بيروت جراء انعدام القدرة على تحمل تكاليفهم التشغيلية بالعملة الصعبة"، موضحةً رداً على ما تردد عن مبادرة وزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر، إلى استدعاء ما نسبته 40% من الموظفين الديبلوماسيين في الخارج للعودة والالتحاق بالوزارة في لبنان، أنّ قراراً كهذا "لم يصدر بعد لكنه قرار حتمي لا مفرّ منه في نهاية المطاف بعد عقد اجتماعات لهذه الغاية بين الوزيرة وأركان الوزارة، في سبيل بلورة تصوّر نهائي حيال مسألة الاستدعاءات ليصار بعدها إلى رفعه إلى مجلس الوزراء، خصوصاً وأنّ الموضوع قد يشمل قرارات تقضي بإقفال سفارات في بعض العواصم واللجوء إلى تقليص حجم الممثليات اللبنانية حول العالم، عبر الاعتماد على سبيل المثال على خيار إقامة سفارة واحدة في دولة محددة تتولى تأمين خدمات للمغتربين في أكثر من دولة محيطة بها".

وإلى كرة الشغور المتدحرجة بين السفارات، حيث لا يوجد سفير أصيل في العديد من العواصم والدول، كواشنطن والكويت والدوحة وعمّان وسيراليون وأندونيسيا، فضلاً عن ارتفاع أعداد السفراء الذين تجاوزوا مدة تكليفهم وبات لزاماً عليهم العودة إلى بيروت، سردت المصادر "نماذج مؤسفة عن الحالة المأسوية التي يعاني منها السلك الديبلوماسي في الخارج"، كاشفةً أنه في بعض المقرات الديبلوماسية اللبنانية اضطر القيّمون على السفارة أحياناً إلى صرف المعاشات من الـ"petty cash" نظراً للعجز الحاصل في ميزانيتها، بينما أصبح عدد آخر من السفارات يتّكل على تبرعات من أبناء الجالية لصندوق السفارة أو ما يُعرف باسم "بيت السفير"، لتأمين استمرارية عمل السفارة والحؤول دون إيقاف خدماتها"، مع الإشارة إلى أنّ "نسبة كبيرة من مقرات السفارات اللبنانية هي مقرات مستأجرة ولا يمكن التخلف عن سداد بدل الإيجار لمالكيها بالعملة الصعبة".