المنطقة تحبس أنفاسها بعد استهداف "أرامكو"

مخاوف من تصعيد عسكري بين واشنطن وطهران

02 : 00

صورة ملتقطة من قمر اصطناعي تُظهر حجم الضرر في حقل خريص

الهجوم الخطر على المنشآت النفطيّة السعوديّة، الذي تسبّب بانخفاض حاد في الإمدادات النفطيّة العالميّة، أثار مخاوف من تصعيد عسكري بين الولايات المتّحدة الأميركية وإيران، خصوصاً مع اتساع دائرة الاتهامات التي تطاول طهران بتنفيذ الهجمات على منشآت "أرامكو"، كان آخرها على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قال: "يبدو أن إيران تقف وراء الهجوم على المنشأتَيْن النفطيّتَيْن في السعوديّة"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "واشنطن تُريد أن تعرف بشكل مؤكّد من يقف وراء الهجوم". وأكّد ترامب لدى استقباله ولي عهد البحرين سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، تصميمه على مساعدة الرياض، لكنّه يودّ "تجنّب اندلاع حرب مع إيران"، على الرغم من استعداد بلاده "للاحتمالات كافة".

بدوره، أعلن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أن الولايات المتّحدة ستُدافع عن "النظام الدولي" الذي تُقوّضه إيران، بعد "الهجوم غير المسبوق" على المنشآت النفطيّة في السعوديّة. وكتب على "تويتر" أنّه حضر اجتماعاً في البيت الأبيض لتقييم الأوضاع مع الرئيس الأميركي، الذي أكّد في وقت سابق استعداده للردّ على المسؤولين عن الهجمات.

وتعهّد ترامب إمداد حلفاء بلاده بالنفط، وكتب على "تويتر": "لا نحتاج إلى نفط وغاز الشرق الأوسط، لكنّنا سنُساعد حلفاءنا!". وكان أعلن الأحد أنّ الولايات المتّحدة "على أهبّة الاستعداد" للردّ على الهجوم الذي استهدف البنية التحتيّة النفطيّة السعوديّة، مضيفاً: "ننتظر من السعوديّة أن تُخبرنا مَن تعتقد أنّه سبب هذا الهجوم، وبأيّ شكل سنمضي قدماً". كذلك، أجاز الرئيس الأميركي استخدام الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي من النفط، "إذا دعت الحاجة وبكمّية يتمّ تحديدها لاحقاً".

توازياً، تلقّى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اتصالاً هاتفياً من إسبر، الذي أكّد دعم واشنطن الكامل للمملكة في موقفها تجاه الاعتداءات الأخيرة، مشيراً إلى أن بلاده "تدرس كلّ الخيارات المتاحة لمواجهة هذه الاعتداءات". وأكّد بن سلمان من ناحيته أن "التهديدات الإيرانيّة ليست موجّهة ضدّ المملكة فحسب، وإنّما تأثيرها يصل إلى الشرق الأوسط والعالم".

وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة الخارجيّة السعوديّة أن التحقيقات الأوليّة تُفيد باستخدام أسلحة إيرانيّة في الهجمات، مشيرةً إلى أن "العمل جار على التحقق من مصدر تلك الهجمات". ولفتت إلى أنّها ستدعو خبراء دوليين للوقوف على الحقائق والمشاركة في التحقيقات، مؤكّدةً اتّخاذ "كافة الإجراءات المناسبة في ضوء ما تُسفر عنه تلك التحقيقات"، وشدّدت على أنّها "قادرة على الدفاع عن أراضيها وشعبها والردّ بقوّة على تلك الاعتداءات".

ولتأكيد موقفها وتدعيمه، كشفت الإدارة الأميركيّة عن صور التقطتها أقمار اصطناعيّة، واستشهدت بمعلومات استخباراتيّة تُشير إلى وقوف طهران وراء الهجمات، إذ أوضح مسؤولون أميركيّون، لم تُكشف هويّاتهم، أن الصور تُظهر أن المنشآت النفطيّة ضُربت من الغرب والشمال الغربي وليس من المنطقة التي يُسيطر عليها المتمرّدون الحوثيّون المدعومون من طهران، والواقعة إلى الجنوب الغربي، ما يُؤكّد أن الهجمات مصدرها العراق أو إيران. ونقلت وسائل إعلام عدّة، مثل "سي أن أن" و"وول ستريت جورنال"، أن طائرات مسيّرة وربّما صواريخ باليستيّة، قد تكون انطلقت من الشمال وليس من الجنوب لضرب السعوديّة.

وفي تلّ ابيب، أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جاهزيّة بلاده لاحتمال التورّط بمواجهة أميركيّة - إيرانيّة، وردّاً على سؤال حول ما إذا كانت إيران قد تسعى إلى استفزاز تل أبيب في حال اتساع رقعة الأزمة، أجاب نتنياهو: "بوسعي أن أقول لكم إنّنا مستعدّون جيّداً"، في وقت اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني أن الهجمات، التي شنّها المتمرّدون الحوثيّون من وجهة نظره، على منشآت النفط السعوديّة، تأتي في إطار "الدفاع عن النفس". كما أعلن المتحدّث باسم الخارجيّة الإيرانيّة عباس موسوي أن بلاده لا تُخطّط لترتيب لقاء بين روحاني وترامب، على هامش الاجتماعات المقبلة للجمعيّة العامة للأمم المتّحدة.

تزامناً، أعرب الأمين العام لـ"حلف شمال الأطلسي" ينس ستولتنبرغ عن "قلق بالغ" إزاء تصاعد التوتر بعد هجوم "أرامكو"، متّهماً إيران بـ"زعزعة" المنطقة. ودعا "كلّ الأطراف إلى منع وقوع هجمات من هذا النوع، لأنّ تداعياتها السلبيّة قد تنعكس على مجمل المنطقة". واتّهم المسؤول الأطلسي، إيران، بـ"دعم مجموعات إرهابيّة مختلفة، وبالمسؤوليّة عن زعزعة استقرار المنطقة بأكملها".

وفي السياق، حذّرت موسكو الأسرة الدوليّة من أيّ "استنتاجات متسرّعة" بعد الهجوم على منشآت نفطيّة سعوديّة. وقال المتحدّث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف للصحافيين: "ندعو البلدان كافة إلى الإحجام عن أيّ عمل أو استنتاج متسرّع من شأنه التسبّب بتفاقم الوضع، بل الحفاظ على خط يُساعد على التهدئة". بينما ندّدت وزارة الخارجيّة الروسيّة بشدّة بالهجوم وبـ"أيّ عمل من شأنه زعزعة استقرار العرض والطلب على الطاقة"، في حين اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على السعوديّة، بيعها منظومة صواريخ دفاعيّة لتمكينها من حماية أراضيها.

أوروبّياً، حضّ الاتحاد على "أكبر قدر ممكن من ضبط النفس"، بعدما حمّلت واشنطن إيران مسؤوليّة الهجمات على "أرامكو"، معتبراً أن الهجمات "تُشكّل خطراً فعلياً على الأمن الإقليمي".

على صعيد آخر، ذكر التلفزيون الحكومي الإيراني أن طهران احتجزت سفينة "يُشتبه في استخدامها لتهريب الوقود"، واعتقلت طاقمها المؤلّف من 11 فرداً بالقرب من مضيق هرمز.


MISS 3