بروكسل: لندن لم تُقدّم حلاً مقنعاً في شأن "بريكست"

09 : 48

يونكر وجونسون في لوكسمبورغ أمس (أ ف ب)

إثر اجتماع رئيس المفوضيّة الأوروبّية جان كلود يونكر مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في لوكسمبورغ، أعلن الاتحاد الأوروبي أن لندن لم تُقدّم حلاً مقنعاً لقضيّة الحدود الايرلنديّة الحسّاسة، وذلك قبل ستة أسابيع من موعد الانفصال. لكن جونسون رأى أن هناك "فرصة جيّدة" للتوصّل إلى اتفاق، بعد المحادثات التي شارك فيها رئيس وزراء لوكسمبورغ كزافييه باتيل.

وتغيّب جونسون عن مؤتمر صحافي مشترك مع باتيل، بسبب تظاهرة صاخبة ضدّ "بريكست". واعتبر رئيس وزراء بريطانيا أن أيّ اتفاق يتطلّب "حركة" من جانب الاتحاد الأوروبي، وذلك رداً على ما قاله باتيل من أنّه يتعيّن على جونسون "التحرّك بدلاً من الكلام" لإيجاد حلّ في شأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وشكّل هذا اللقاء الأوّل بين المسؤولين، منذ تولّي جونسون منصبه، فرصة "لاستعراض" الملف، بحسب تصريحات الطرفين.

وأوضحت المفوضيّة الأوروبّية في بيان أن "يونكر ذكر أنّه من مسؤوليّة المملكة المتّحدة أن تُقدّم حلولاً صالحة قانونياً، تكون متوافقة مع اتفاق الانسحاب"، مشيرةً إلى أن "يونكر أكّد استعداد المفوضيّة للنظر في مدى تلبية مثل تلك المقترحات أهداف شبكة الأمان في إيرلندا"، وأكّدت أنّه "لم تُقدّم مثل هذه المقترحات".

بينما وصِفَ الاجتماع من الجانب البريطاني بـ"البناء". وأعلنت لندن أن جونسون ويونكر اتفقا على أنّه "من الضروري تسريع المباحثات"، لافتةً إلى أنّه من المقرّر أن تُنظّم اجتماعات يوميّة قريباً، وليس فقط على المستوى الفني، بل بين كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه ووزير "بريكست" البريطاني ستيفان باركلي، اللذين كانا حاضرين في اللقاء أمس.

وتبقى القضيّة الإيرلنديّة في قلب المفاوضات، بحيث يطلب الاتحاد الأوروبي من لندن تقديم حلول بديلة عن "شبكة الأمان" المضمونة في اتفاق "بريكست"، الذي رفضه البرلمان البريطاني ثلاث مرّات. وهدف "شبكة الأمان"، تفادي عودة الحدود الماديّة داخل الجزيرة الإيرلنديّة، مع إبقاء المملكة المتّحدة ضمن "فضاء جمركي واحد"، إذا لم يُعثر على حلّ آخر. وقبل الاجتماع، كتب جونسون في مقالة نشرتها صحيفة "دايلي تلغراف" الأحد: "إذا تمكّنا من إحراز ما يكفي من التقدّم في الأيّام المقبلة، أنوي الذهاب إلى القمّة الحاسمة في 17 تشرين الأوّل، وإبرام اتفاق يحمي مصالح الشركات والمواطنين على ضفتي بحر المانش ومن جانبي الحدود في إيرلندا".

وحافظ الأوروبّيون حتّى الآن على هدوئهم إزاء جونسون. فعندما يُعلن جونسون تحقيق "تقدّم هائل" في طريقة معالجة مشكلة الحدود الإيرلنديّة الشماليّة، يردّ الأوروبّيون بأنّهم "ينتظرون اقتراحات ملموسة"، ويقولون إنّهم "غير متفائلين كثيراً" في شأن فرص حصول "بريكست" منظّم في 31 تشرين الأوّل. لكن يونكر أكّد لدى وصوله إلى لوكسمبورغ أن "أوروبا لا تفقد أبداً الصبر". وبدا جونسون من جهته، وكأنّه يُخفّف لهجة خطابه في الأيّام الأخيرة. لكنّه يُكرّر باستمرار أنّه رغم القانون الذي صوّت عليه البرلمان البريطاني، لن يطلب إرجاء موعد "بريكست" في حال عدم التوصّل إلى اتفاق.

إلى ذلك، أفاد ديبلوماسي أوروبي رفيع المستوى وكالة "فرانس برس"، بأنّ "لا شيء ملموساً حتّى الآن"، تعليقاً على اجتماعات العمل بين ديفيد فروست، مستشار جونسون وفريق ميشال بارنييه في بروكسل. وتخشى أوساط المال والأعمال في أوروبا، احتمال حصول انفصال من دون اتفاق. وأكّد مدير عام منظّمة "بزنس يوروب" لأرباب العمل الأوروبّيين ماركوس ج. بايرر، أن "ذلك سيكون كارثة".

وفي الوقت الذي قال فيه وزير الخارجيّة البلجيكي ديدييه رينديرز، لدى وصوله إلى اجتماع في بروكسل مع نظرائه، من دون ممثل عن المملكة المتّحدة: "نأمل بأن يأتي جونسون إلى القمّة الأوروبّية المقبلة، وربّما سيجلب معه بعض الأفكار"، كما حذّر نظيره النمساوي الكسندر شالنبرغ من أنّه "إذا لم يأتِ جونسون بشيء جديد إلى لقائه مع يونكر، فلن تعود هناك حاجة لنُناقش، وسيحصل "بريكست" من دون اتفاق".

وصعّد البرلمان الأوروبي، الذي ينبغي أن يُصادق على الاتفاق الذي قد يتمّ التوصّل إليه مع لندن، لهجته. وسيُصوّت غداً الأربعاء على قرار قاس جدّاً يفرض فيه بنداً وقائياً (شبكة الأمان)، لمنع إعادة الحدود الفعليّة بين جمهوريّة إيرلندا ومقاطعة إيرلندا الشماليّة، الأمر الذي يرفضه جونسون. وفي هذا الصدد، حذّر رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي من أنّه "إذا حصل الانفصال من دون اتفاق، ستتحمّل الحكومة البريطانيّة المسؤوليّة كاملةً، وسيترتّب عليها احترام التزاماتها الماليّة وحقوق المواطنين الأوروبّيين وموجباتها في شأن اتفاق الجمعة العظيمة مع إيرلندا".

وتابع ساسولي: "البرلمان الأوروبي لن يُعطي موافقته على مفاوضات جديدة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتّحدة إذا لم تُحترم هذه الموجبات". وذكر رئيس البرلمان بأنّ الحلّ سيكون، أن يقتصر البند الوقائي على إيرلندا الشماليّة. وستبقى هذه المنطقة تابعة جمركياً للاتحاد الأوروبي وستُصبح بمثابة حدود مع سائر أراضي المملكة المتّحدة (انكلترا واسكتلندا وويلز)، وهو حلّ يرفضه البريطانيّون حتّى الآن، كونه يفتح المجال أمام إعادة التوحيد في إيرلندا.


MISS 3