واشنطن لا تريد الحرب... وإصبعها "على الزناد"

السعوديّة تستنهض "أرامكو": قادرون على الردّ

01 : 42

الملك سلمان بن عبد العزيز مترئساً جلسة مجلس الوزراء السعودي أمس

تزداد المخاوف الإقليميّة والدوليّة من احتمال خروج الأمور عن السيطرة وتفجّر الوضع في الشرق الأوسط برمّته، بعد هجوم "أرامكو" الأخير، كما تتوالى ردود الفعل في عواصم عدّة من حول العالم، تتباين فيها المواقف بحسب التموضعات الجيوسياسيّة لكلّ دولة. لكن ما هو أكيد في الآونة الأخيرة، أن السعوديّة تتحضّر لأسوأ السيناريوات، بالرغم من تمسّكها بالتحقيقات وضرورة التوصّل إلى نتائج ثابتة ونهائيّة حول الجهة التي شنّت الهجمات على أراضيها، والتي وصفها بعض المراقبين بأنّها بمثابة "11 أيلول سعوديّة".

وجدّدت المملكة خلال جلسة مجلس الوزراء التي ترأسها الملك سلمان بن عبد العزيز، التأكيد على "قدرتها على الدفاع عن أراضيها ومنشآتها الحيويّة والردّ على الأعمال العدائيّة أيّاً كان مصدرها"، وأهابت بالمجتمع الدولي أن "يقوم بإجراءات أكثر صرامة لإيقاف هذه الاعتداءات السافرة، التي تُهدّد المنطقة وأمن الإمدادات البتروليّة واقتصاد العالم، ومحاسبة وردع كلّ من يقف خلفها". كذلك، جدّد العاهل السعودي التأكيد على "قدرة المملكة على التعامل مع آثار مثل هذه الاعتداءات الجبانة، التي لا تستهدف المنشآت الحيويّة للمملكة فحسب، إنّما تستهدف إمدادات النفط العالميّة، وتُهدّد استقرار الاقتصاد العالمي".

في الموازاة، أعلن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أنّ إمدادات النفط السعوديّة للأسواق العالميّة عادت إلى ما كانت عليه قبل هجمات السبت، بعدما استعانت المملكة بمخزونات احتياطيّة. كما أكّد الوزير خلال مؤتمر صحافي في جدة أنّه تمّ خلال اليومَيْن الماضيَيْن "احتواء الأضرار واستعادة أكثر من 50 في المئة من الانتاج" الذي خسرته، لافتاً إلى أن الانتاج سيعود إلى مستوياته الطبيعيّة بحلول نهاية الشهر الحالي. لكنّه تجنّب توجيه الاتهام إلى أيّ جهة بالوقوف خلف الهجمات. من ناحيته، أكّد رئيس مجلس إدارة شركة "أرامكو" ياسر بن عثمان الرميان أن خطّة طرح 5 في المئة من أسهم الشركة العملاقة للاكتتاب العام مستمرّة ولن تتوقف، على الرغم من الهجمات الأخيرة.

وفي الوقت الذي تتّهم فيه واشنطن، طهران، بالوقوف خلف الهجمات التي استهدفت منشآت نفطيّة في السعوديّة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّه يُفضّل ألا يلتقي نظيره الإيراني حسن روحاني على هامش اجتماعات الجمعيّة العامة للأمم المتّحدة. وقال ترامب ردّاً على سؤال لأحد الصحافيين عمّا إذا كان من الممكن أن يلتقي روحاني في نيويورك: "أنا لا أستبعد شيئاً أبداً، لكنّي أفضّل ألا ألتقيه"، بينما أعلن نائبه مايك بنس أن وزير الخارجيّة مايك بومبيو توجّه إلى السعوديّة "للتباحث في الردّ الأميركي" على الهجمات، وذلك في إطار جولة على المنطقة ستشمل كذلك الإمارات العربية المتحدة. وكرّر بنس التأكيد أن الجمهوريّة الإسلاميّة تقف وراء الاعتداءات الأخيرة، وقال: "كما قال الرئيس، لا نُريد حرباً مع أحد، ولكن الولايات المتّحدة مستعدّة"، مضيفاً: "نحن جاهزون وإصبعنا على الزناد، ومستعدّون للدفاع عن مصالحنا وعن حلفائنا في المنطقة، يجب ألا يكون لدى أحد شك في ذلك".

وما يُعزّز توجيه إصبع الاتهام الأميركي لإيران، ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" ووسائل إعلام أميركيّة أن مسؤولين أميركيين أطلعوا الرياض على معلومات استخباراتيّة تُشير إلى أن الهجمات التي استهدفتها بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستيّة، شُنّت من إيران. ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تُحدّدها، أن التقييم الأميركي توصّل إلى أن "إيران أطلقت أكثر من 20 طائرة مسيّرة و10 صواريخ على الأقلّ". كما أفاد مسؤول أميركي وكالة "فرانس برس" بأنّ واشنطن باتت متأكّدة أنّ الهجوم الذي استهدف منشآت نفطيّة سعوديّة انطلق من الأراضي الإيرانيّة، وقد استُخدمت فيه صواريخ عابرة، إلّا أنّه رفض الكشف عن عدد الصواريخ التي أُطلقت. وأوضح هذا المسؤول، الذي طلب عدم كشف اسمه، أن الإدارة الأميركيّة تعمل حالياً على إعداد ملف لإثبات معلوماتها وإقناع المجتمع الدولي، وبخاصة الأوروبيين بذلك، خلال أعمال الجمعيّة العامة للأمم المتّحدة.

وفي طهران، رفض المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي احتمال إجراء أيّ مفاوضات مع واشنطن، وقال: "هناك إجماع لدى كلّ المسؤولين في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، على عدم إجراء أيّ مفاوضات مع الولايات المتّحدة، على أيّ مستوى كان"، في حين اعتبر وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف أنّ "الولايات المتّحدة في حالة إنكار للواقع"، لرفضها التصديق بأنّ الهجمات التي استهدفت منشآت نفطيّة في السعوديّة، انطلقت من اليمن وليس من بلاده.

تزامناً، جدّدت الكويت تضامنها مع السعوديّة، مؤكّدةً أنّها تقف ضدّ كلّ ما يمسّ أمن واستقرار المملكة. ودعا وزير الخارجيّة الكويتي، القوّات المسلّحة، إلى الاستعداد لمواجهة أيّ خطر أو أحداث قد تؤدّي إلى زعزعة الأمن في البلاد.

أوروبّياً، دعت بريطانيا وألمانيا، المجتمع الدولي، إلى "ردّ جماعي" على الهجمات التي تعرّضت لها السعوديّة. وقبيل اتصاله بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للتأكيد على التزام لندن بأمن السعودية، ناقش رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والمستشارة الألمانيّة أنغيلا ميركل، الهجمات على "أرامكو"، خلال مكالمة هاتفيّة، واتفقا على "ضرورة العمل معاً إلى جانب الشركاء الدوليين للاتفاق على ردّ جماعي"، بحسب الحكومة البريطانيّة. كذلك، دعا وزير الخارجيّة الفرنسي جان ايف لودريان من القاهرة، إلى "تضافر كلّ الجهود من أجل وقف التصعيد" في الخليج. ووصف الوضع الراهن بأنّه "لحظة توتر إقليمي كبير". وحيّا التحقيق الذي أطلقته السعوديّة "لمعرفة الحقيقة" حول مصدر هذه الهجمات.

وفي السياق، حذّر الأمين العام لمنظّمة العفو الدوليّة كومي نايدو من أنّ أيّ تدخّل عسكري أميركي ردّاً على الهجوم على المنشآت النفطيّة السعوديّة، لن يؤدّي إلّا إلى تفاقم المعاناة في الشرق الأوسط.


MISS 3