أزمة مالية غير مسبوقة تهدّد قدرتها على إنجاز ولايتها

المحكمة الدولية لن تتمكّن من المواصلة بعد تموز وأهالي الضحايا يرفضون توقّفها

02 : 00

تأثير على إنهاء الإجراءات القضائية في قضيّتَي عياش

أسفت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ("المحكمة") في بيان إعلامي صادر عنها "أن تعلن أنها تواجه أزمة مالية غير مسبوقة. فمن دون تمويل فوري، لن تتمكّن المحكمة من مواصلة عملها بعد تموز 2021، الأمر الذي سيؤثّر في قدرتها على إنجاز ولايتها الحالية وإنهاء الإجراءات القضائية في القضيتين القائمتين حالياً أمامها، وهما قضية عياش وآخرين (STL-11-01) وقضية عياش (STL-18-10)".

ولفت البيان الى انه "من خلال مستندات أودعها رئيس قلم المحكمة دايفيد تولبرت أمام قضاة المحكمة، قدّم إشعاراً يتعلق بالوضع المالي للمحكمة كي تتمكّن رئيسة المحكمة وقاضي الإجراءات التمهيدية وغرفة الاستئناف وغرفة الدرجة الأولى، من اتخاذ أي خطوات يرونها ضرورية في ما يتعلق بإدارة المسائل المطروحة أمامهم. وللوفاء بالتزاماته في إدارة المحكمة وخدمتها، أفاد رئيس قلم المحكمة بأنّ لا خيار أمامه سوى تفعيل عملية فصل الموظفين في أجهزة المحكمة الأربعة وفقاً للنظامين الأساسي والإداري للموظفين، وإطلاق أنشطة التخفيض التدريجي المتعلقة بحماية الشهود وحفظ سجلات المحكمة والأدلة والمواد الحساسة الموجودة في عهدتها.

وقد أبلغ كبارُ مسؤولي المحكمة الأمينَ العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسمياً بالوضع المالي الذي سيترتّب عليه عجز المحكمة عن إكمال عملها، إذا لم تصلها أي مساهمات قبل نهاية شهر تموز".

وشرح البيان أنّ المحكمة تعتمد "بدرجة كبيرة على المساهمات الطوعية من الدول المانحة لتمويل نسبة 51 بالمئة من ميزانيتها، في حين أنّ لبنان مسؤول عن تمويل نسبة 49 بالمئة منها". وذكّر بأنّ المحكمة كانت "قد خفّضت ميزانيتها لعام 2021 بنسبة عالية بلغت 37 بالمئة تقريباً مقارنةً بالسنوات السابقة، نظراً إلى الظروف الصعبة الناتجة عن جائحة كوفيد-19 العالمية والوضع المقلق في لبنان. وفي آذار 2021، قدّمت الأمم المتحدة للمحكمة إعانة بلغ قدرها 15,5 مليون دولار أميركي تغطي نسبة 75 بالمئة من مساهمة لبنان في ميزانيتها، بهدف دعم استمرار العمل القضائي للمحكمة. وإذ تبدي المحكمة امتنانها للدعم الكبير الذي قدمته الأمم المتحدة، بانتظار مساهمات أخرى إلا أنها لا تزال تفتقر إلى الأموال اللازمة لأداء مهامها القضائية".

وتابع البيان: "تعرب المحكمة عن أساها الشديد إزاء تأثير هذا الوضع على المتضرّرين من الاعتداءات المندرجة ضمن ولايتها الذين وضعوا آمالهم وثقتهم بالعدالة الجنائية الدولية. فإجراءات المحكمة تثبت وقائع مهمة للبنان والمجتمع الدولي وضحايا الإرهاب، وتؤدّي إلى الاعتراف بالضرر الذي عاناه المتضرّرون والمجتمع اللبناني، وتبعث رسالة عالمية قوية بأنّ الإرهاب لن يمرّ من دون عقاب".

وأفاد رئيس قلم المحكمة دايفيد تولبرت بأنه "على الرغم من تقليص أعداد الموظفين بدرجة كبيرة والتخفيضات الشاملة، سوف تضطر المحكمة إلى إغلاق أبوابها في الأشهر المقبلة إذا لم تصلها أموال إضافية، تاركةً قضايا مهمة عالقة على حساب المتضررين، ومكافحة الإفلات من العقاب، وسيادة القانون".

وسوف تواصل المحكمة جهودها لجمع الأموال اللازمة من أجل إكمال عملها الهام، وتوجّه نداء عاجلاً إلى المجتمع الدولي لمناشدته الاستمرار في دعمها".

مؤتمر صحافي

في هذا الوقت، تعقد عائلات شهداء الاعتداءات الارهابية في قضايا اغتيال الشهيد جورج حاوي، وفي محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة وفي محاولة اغتيال نائب رئيس الحكومة الياس المر لدى المحكمة الخاصة بلبنان، مؤتمراً صحافياً في مقرّ نقابة الصحافة اللبنانية غداً الجمعة في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً، بغية التحدث عن التطورات الأخيرة التي طرأت على المحاكمات في ما خصّ القضايا المتلازمة لدى المحكمة الخاصة بلبنان.

وتوجهت عائلات الشهداء في قضايا حمادة وحاوي والمر بدعوة مفتوحة لكافة المنظمات والجمعيات المعنيّة بحقوق الانسان وبقضايا العدالة، وبقضايا الضحايا والمتضررين من الاعتداءات الارهابية والجرائم السياسية، لحضور هذا المؤتمر.

الجردي

وعن مخاطر توقف عمل المحكمة يتحدّث رئيس فريق الدفاع عن مصالح ضحايا عملية محاولة اغتيال حمادة المحامي نضال الجردي لـ"نداء الوطن"، فيؤكد ان توقفها قبل انهاء المحاكمة الثانية يشكل ضربة للردع، وعملياً هو تشجيع للقتلة او المرتكبين على القيام بجرائم اخرى وخلق انطباع خاطئ لدى الرأي العام اللبناني والضحايا، بأن العدالة الدولية لم تستطع تحقيق العدالة او ردع المرتكبين، وهذا غير مقبول لا محلياً ولا دولياً، كذلك فإن اهالي الضحايا وبعد انتظار طويل لن يقبلوا بمسار كهذا الذي سيكون له حتماً تداعيات على باقي الضحايا، سواء ضحايا الاغتيالات ام ضحايا انفجار مرفأ بيروت وسائر ضحايا الجرائم الدولية في لبنان، فتوقف عمل المحكمة يعني توجيه رسالة سيئة الى المرتكبين تتضمن دعوة للقتل من جديد.

وإذ يعتبر الجردي ان صعوبة تمويل المحكمة ليس بالامر السهل على الاطلاق، يؤكد انه لم يفقد الامل بامكانية تأمينه لكن من واجب المحكمة أن تهز العصا، فلبنان لم يدفع مستحقاته نتيجة وضعه المتعثر، ويجب ألا ننسى الازمة المالية التي عصفت بدول العالم وارهاق الدول المانحة بالتمويل نتيجة طول امد المحاكمة، اضف الى المصاريف التي تكبّدتها المحكمة. الا ان الجردي عبّر عن قناعته بأن الدعوى الثانية امام المحكمة سيتم تدارك الوقت خلال اجراءاتها، خلافاً لما جرى في دعوى اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ولفت الى ان الامم المتحدة ساهمت بمبلغ 15 مليون دولار ونيف لكنه مبلغ لا يكفي ويبقى اقله من 5 ملايين دولار الى 10 ملايين على الاكثر، فالمبلغ المتبقّي هذا ليس بالامر المستحيل في مفهوم المانحين ونحن كضحايا لا زلنا مؤمنين بعمل المحكمة الخاصة بلبنان لاحقاق العدل، ونطالب الدول والمانحين بايفاء التزاماتهم تجاهها".


MISS 3