الشهرة حلم يُراود آخر بائع غاز في شوارع بغداد

02 : 00

يستيقظ أهالي حي الكرادة في بغداد كل صباح على صوت بائع قوارير الغاز منتظر عباس مردّداً كلمات أغنية الفنان العراقي المعروف ياس خضر "رجع قلبي يحن"، وهو يحلم بأن يفتح له شغفه بالغناء أبواب الشهرة. هذا الشاب البالغ 22 عاماً هو آخر موزع غاز في بغداد يغنّي متنقّلاً على عربة مثبتة الى دراجة نارية يسميها العراقيون "ستوته"، ليعرف زبائنه أنه وصل، ويستقبلونه بابتسامة تحفّزه لمواصلة التجوال والغناء.

ورث منتظر هذه المهنة عن والده الذي علّمه كل شيء، وهو يجوب شوارع وأروقة ذلك الحي التجاري في وسط بغداد منذ العام 2007. يروي عباس قائلاً: "أنا آخر بائع يغني وعندما يتعرف الناس على صوتي يفتحون باب منزلهم وينادونني. آخرون يتصلون بي ويطلبون أيضاً مني الغناء لجمع العمل بالمتعة".

يحبّ أحمد علي، صاحب محل بقالة غناء منتظر. ويقول:"طريقة غنائه جميلة وممتعة لا سيما في هذه الايام. سنفتقد ذلك مستقبلاً".

من جهته، يتذكّر كمال المقيم في منطقة بغداد الجديدة شرق المدينة، بدوره الأيام التي كانت تعج فيها بغداد بباعة الغاز الجوالين المغنين. ويقول: "أخبرتهم حينها بأن أصواتهم جميلة وشجّعت العديد منهم للمشاركة في سباقات الإذاعة، لكنّ بعضهم لم يتجرأ على ذلك، فقد كانت ملابسه رثّة". واضمحلّ تقليد الغناء لبيع الغاز في أغلب دول المنطقة. في عمّان مثلاً وبهدف الحد من الضجيج، أرغمت البلدية عمّال التوصيل على اعتماد مقطوعة بيتهوفن "من أجل إليزه"، فقط، لإعلام الزبائن بقدومهم.

في لبنان وسوريا، اندثر الباعة الجوّالون على عربات تجرها الحمير أو الأحصنة، وأصبح الأشخاص بغالبيتهم يذهبون بأنفسهم لشراء قوارير الغاز، أو يتّصلون بعامل توصيل لإحضارها.

لا يحكم منتظر على طريقة عمل عمال التوصيل الآخرين. ويقول: "أنا أفضّل الطريقة التقليدية. غالبية زبائني يحبّون غنائي". ولا يريد منتظر مع ذلك أن يورث هذه المهنة لأولاده فهذا "عمل صعب جداً وأجره قليل" كما يقول.

ويأمل هذا الشاب الذي لا يكف عن الغناء خلال عمله ومع أصدقائه وفي جلساته العائلية، أن يصبح يوماً مثل حاتم العراقي، المغني العراقي المشهور الذي يعيش حالياً في دبي. ويقول عن العراقي بأنه "إنسان رائع، من مدينة الصدر مثلي، كوّن مستقبله من مهنة بسيطة وأصبح مغنياً رائعاً".

MISS 3