طوني فرنسيس

لبنان والحرّية صنوان... كيف ولماذا؟

19 أيلول 2019

01 : 42

انتصر الاعلام اللبناني على ميول القمع وترسيم الحدود منذ تمت قوننته على يد السلطان العثماني العام 1909. بدأ يتوسع ممزقاً معه ثوب القوانين التي تفرضها السلطات المتعاقبة حتى صار هذا الثوب بحاجة الى تغيير كلي في عصر ثورة الاتصالات المفتوحة على شتى المفاجآت.

وضع الفرنسيون قانونهم للإعلام في لبنان العام 1924، وسنّت حكومة الاستقلال قانونها الأول العام 1948، وتعاقبت قوانين 1952 و 1962 وصولاً إلى القانون 330 في 1994.

كان الميل واضحاً في مختلف النصوص إلى الحد من حرية التعبير، وتوج هذا الاتجاه في المرسومين رقم واحد ورقم 104 فور تسلم القوات السورية السلطة في لبنان العام 1977. قضى الاول بالرقابة المسبقة فخرجت الصحف بصفحات بيض، ونص الثاني على معاقبة الصحافيين بالحبس وعلى منع المطبوعة من الصدور. لكن هواء الحرية أوسع من ان يحده جدار. والتقدم التكنولوجي لا توقفه سلطة. والى جانب الصحف انتشرت محطات الإذاعة ثم محطات التلفزة، واللبنانيون المعتادون على القول إن " لبنان والحريّة صنوان" متمسكون بممارسة حرياتهم. ألم يكونوا اصحاب اول مطبعة وأول نقابة صحافة في هذا الشرق؟

تمزقت تشريعات 1977 في العام 1994، وأصبح للبنان اول قانون للمرئي والمسموع في كل دول المشرق، وطورت النصوص وتطورت معها اجتهادات القضاء تحت سقف حماية الحريات التي لا سقف لها.

لقد كان التجمع الإعلامي الثقافي السياسي الكبير مواكبة لمثول "نداء الوطن " امام القضاء، تجديداً لتمسك اللبنانيين بحرية التعبير عن الرأي التي هي "المقدمة الاولى للديموقراطية" على حد قول الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وكان في الوقت عينه تمسكاً ودعماً للقضاء، السد الفاصل بين الطغيان والفوضى. وبالتأكيد سينتصر القضاء لحرية الرأي وسيخرج الاعلام كما فعل منذ 110 سنوات مكللاً بغار الحقيقة والجرأة، اما ما اثارته " نداء الوطن" فسيبقى القضية الفعلية التي تستوجب جهداً في المتابعة والمعالجة من اللبنانيين عموماً والذين يستسهلون استعداء صاحبة الجلالة خصوصاً.


MISS 3