جاد حداد

معالجة انقطاع التنفّس أثناء النوم... خطوة مفيدة للقلب والعقل؟

5 حزيران 2021

02 : 00

يرفع هذا النوع من اضطرابات النوم خطر الإصابة بأمــــراض القلب والاكتئاب...

تتعدد المؤشرات التقليدية على انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم، منها الشخير الصاخب، وأصوات الاختناق، ووقف التنفس المخيف خلال النوم. في معظم الأحيان، لا يلاحظ الناس هذه الأعراض بأنفسهم بل يعرفون بها من أحد أفراد العائلة أو من يشاركهم السرير.

قد تترافق هذه الحالة مع تداعيات صحية خطيرة إذا لم تُعالَج بالشكل المناسب. عند الإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم، يعيق النسيج الناعم في الجهة الخلفية من الحلق مجرى الهواء خلال النوم موقتاً. ثم يتكرر توقف التنفس على مر الليلة، حتى أن إيقاعه قد يصل إلى مئة مرة في الساعة أحياناً.

تداعيات المشكلة

يُعتبر الترنح والصداع الصباحي والإرهاق والنوم المتكرر في اليوم التالي جزءاً بسيطاً من المشكلة، وقد يكون النوم أثناء قيادة السيارة أخطر تهديد على الإطلاق. لكن يؤثر انقطاع التنفس أثناء النوم على القلب والدماغ أيضاً. تقول الدكتورة سوغول جواهري، خبيرة في مشاكل النوم في مستشفى "بريغهام" للنساء التابع لجامعة "هارفارد": "كل نوبة من وقف التنفس تؤدي إلى تسارع ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم.

وقد تتراجع مستويات الأوكسجين حين تطول هذه النوبات أو تتكرر أثناء النوم". مع مرور الوقت، قد يؤدي إجهاد القلب إلى تضرر الأوعية الدموية وعضلة القلب. ويصبح المصابون بهذه المشكلة أكثر عرضة لارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري، والنوبات القلبية، والرجفان الأذيني، والجلطات الدماغية.

على صعيد آخر، قد يؤثر انقطاع التنفس أثناء النوم على المزاج أيضاً. أحياناً، يكتشف الناس إصابتهم بالاكتئاب لكن تنجم أعراضهم فعلياً عن مشكلة في النوم. تكثر الأدلة التي تثبت أن معالجة انقطاع التنفس أثناء النوم قد تُخفف حدة الاكتئاب. وفق دراسة نشرتها "المجلة الأوروبية للجهاز التنفسي السريري" في 17 شباط 2021، تبيّن أن العلاج بضغط مجرى الهواء الإيجابي لا يُحسّن مدة النوم ونوعيته فحسب، بل إنه يُخفف أعراض الاكتئاب والقلق أيضاً. قد ينسف التعب والاكتئاب حماستك لممارسة الرياضة وتبنّي حمية صحية، وهما عادتان مفيدتان للحفاظ على صحة القلب. لم تثبت هذه الدراسة أي منافع على مستوى فقدان الوزن بعد معالجة انقطاع التنفس أثناء النوم، لكن تتعدد الدراسات الأخرى التي أثبتت هذه المنفعة.

يُعتبر الوزن الزائد جزءاً من عوامل الخطر الأساسية للإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم. قد تنشأ هذه المشكلة في أي مرحلة من الحياة، لكنها تصبح أكثر شيوعاً مع التقدم في السن وتصيب الرجال أكثر من النساء بمرتَين. كذلك، ترتفع نسبة الخطر بسبب الإفراط في شرب الكحول والتدخين وتوسّع محيط العنق.

تشخيص الحالة

إذا اشتبهتَ بإصابتك بانقطاع التنفس أثناء النوم، اطلب من طبيبك تقييم وضعك. وإذا أمكن، ابدأ باستشارة اختصاصي في اضطرابات النوم. يجيد هذا الاختصاصي طلب الفحوصات التشخيصية المناسبة لتجنب المشاكل أو التأخّر في تلقي الرعاية الطبية اللازمة.

اليوم، يمكن تشخيص هذه الحالة عبر اختبار منزلي بدل تمضية ليلة كاملة في مختبر النوم، علماً أن هذه الطريقة كانت شائعة في الماضي. عند ظهور أعراض تشير إلى حالة معتدلة أو حادة من انقطاع التنفس أثناء النوم تزامناً مع غياب أي مشاكل صحية بارزة أخرى، تكون مراقبة النوم في المنزل دقيقة بقدر التقنية المستعملة في مختبر النوم لرصد المشكلة ليلاً.

حلول محتملة

يُعتبر ضغط مجرى الهواء الإيجابي العلاج الأكثر شيوعاً في هذا المجال، وهو يستعمل جهازاً صغيراً يوضع بالقرب من السرير ويضخّ الهواء في قناع يغطي الأنف وحده أو الفم والأنف معاً. يمنع ضغط الهواء المجرى الهوائي من الهبوط حين ترتخي العضلات أثناء النوم. كذلك، يسهم ضغط مجرى الهواء الإيجابي في تخفيض ضغط الدم المرتفع. لم تثبت الدراسات بعد أن هذا العلاج يمنع أمراض القلب والأوعية الدموية، لكنه قد يُخفّض مخاطر الجلطات الدماغية.

قد يصعب استعمال هذه الآلة طوال الوقت، لكن يمكن الاستفادة من إصلاح مشاكل محددة. تقضي أفضل خطوة على الأرجح بإيجاد قناع يناسب مقاس الوجه. تختلف وجوه الناس من حيث الحجم والشكل، لذا قد تضطر لتجربة أقنعة عدة قبل أن تجد قناعاً مريحاً. كذلك، قد تعتاد على الآلة عند استعمالها لفترات قصيرة أثناء القراءة أو مشاهدة التلفزيون.

تتعدد العلاجات المتاحة اليوم، منها ابتكار يشبه جهاز تنظيم ضربات القلب ويُزرَع عن طريق الجراحة في أعلى الصدر. يحمل هذا الجهاز اسم Inspire وقد حصل على مصادقة "إدارة الغذاء والدواء" الأميركية، وهو يحفّز الأعصاب في اللسان وعضلات المجرى الهوائي للسماح باستمرار مرور الهواء. تكشف أحدث النتائج تحسناً في مدة النوم ونوعية الحياة لدى مستخدمي الجهاز.


MISS 3