مايا الخوري

المخرج سامر حنّا: متعلّق بالوطن ولا أستطيع الهجرة

8 حزيران 2021

02 : 00

"هلع" مسرحية غنائية جاءت نتاج فترة حجر ومراقبات كثيفة للكاتب والمخرج والممثل المسرحي سامر حنّا، الذي إستلهم من محيطه شخصيات تعاملت مع جائحة كورونا بأسلوب مختلف، سيقدّمها الشهر المقبل بقالب فكاهي غنائي خفيف على مسرح "المدينة". عن التحضيرات والمسرح تحدث إلى "نداء الوطن".

نعيش في ظروف استثنائية صحيــــــــة وإقتصادية، كيف تشجّعتم على تقديم عمل مسرحي؟

منذ سنة و3 أشهر نعمل على تجهيز هذه المسرحية. مررنا بظروف صعبة ومشكلات كثيرة، ورغم ذلك إستطعنا كفريق عمل التحمّل والمضي قدماً في مشروعنا. منذ أن أُعلن إقفال البلد لأول مرة إنطلقنا في التحضير، حينها لم ندرك ماهية "الكوفيد"، مدى خطورته وكيفية إنتقاله. أضف إلى الأزمات الأخرى ومنها إنقطاع الكهرباء في بيروت ما أجبرنا على إستكمال التمارين في الظلمة. بعدها فكّرنا بتصوير المسرحية لأن مصير المسرح كان مجهولاً في ظلّ تلك الظروف. إنما وجدنا التصوير دون المستوى المطلوب لتقديمه إلى الجمهور. لذا قررت إعادة كتابتها، باحثاً عن مخرج، ومؤمناً كل ما يلزم إنتاجياً حتى تكون جاهزة في الوقت المناسب.

لقد إستنزفت تعباً كثيراً؟

طبعاً، تعبنا كثيراً حتى بلغنا هذه المرحلة. في النهاية، إذا كنّا نحبّ شيئاً ما ونريده بشدّة، يجب ألا نتوقّف عند أي عرقلة. مسيرة المسرح مستمرّة منذ آلاف السنوات لذا يجب ألا نفسح في المجال أمام جائحة لإيقافها. هذا هو السبب الحقيقي الذي دفعني إلى الإستمرار رغم الظروف. لكل منّا إختصاص مهني آخر، حاولنا العمل بعيداً من المسرح لكننا لم نستطع، فنحن شغوفون في المسرح ومتشوّقون للخشبة خصوصاً بعد توقّفه لعامين.

لماذا عنونتها بـ"هلع"؟

بدأت كتابة المسرحية في نيسان عام 2020، أي في عزّ إقفال البلد بعد تفشّي جائحة "كورونا". حينها كانت هناك شائعات كثيرة حول هذا الفيروس وكيفية إنتقاله وطرق الوقاية والإجراءات التي يجب إتباعها. سادت حال من الهلع حولنا، لذا قررت الإستفادة من تلك التجارب والكتابة عنها في الحجر. إستخلصت نصاً يجمع هذه الشخصيات النافرة، منها الشخصية التي تخاف كثيراً وتصدّق كل الشائعات والخرافات المتعلقة بالفيروس. ومنها الشخصية المقهورة، المحجورة مع عائلتها، والتي لا تستطيع الخروج لتأمين لقمة عيشها. وشخصية الشاب المحروم من ممارسة نشاطاته المعتادة كالسهر والرياضة، والشاب اللبناني الذي كان يُهاجر فعلق في لبنان بسبب إقفال المطار. بإختصار المسرحية مستوحاة من الظروف التي رافقت جائحة "كورونا"، وتدور حول شخصيات مختلفة حُجرت مع بعضها البعض في منزل واحد.

المسرحية غنائية تتضمن أغانـــــي من أفلام ومسرحيات أجنبية قمت بلبننتها، ما سبب إختيارك لهذا النوع؟

إنه نوعي المسرحي المفضّل، برأيي الأغاني قادرة على تجسيد المشاعر، نحن نغنّي في الفرح والحزن والغرام وفي كل الحالات. أحبّ ترجمة المشاعر من خلال الموسيقى. وأثناء كتابتي للمسرحية في فترة الحجر، أفسحت "برودواي" المجال أمام مشاهدة المسرح مجّاناً، فشكّلت فرصتي للإطلاع على أعمال مسرحية كثيرة ألهمتني. لقد كنت ملهماً بكل ما له علاقة بـ"jukebox musical". لقد إخترت أغاني معروفة وعرضتها على جوانّا طوبيا التي أعادت بناء هذه الأغاني ملبننة إيّاها بما يتلاءم مع مضمون المسرحية.

لا بدّ من مجهود مضاعـــــــــــف لإنتاج مسرحية مماثلة؟

صحيح، يحتاج إلى مجهود مضاعف، خصوصاً أنها تتطلّب من الممثل أيضاً إمتلاك مهارات في الرقص والغناء. لكنّني فرح لإعادة إطلاق هذا النوع في لبنان، ساعياً إلى إثبات تميّزه وأنه لا ينقصنا شيء لتقديمه بحرفية أسوة بالبلدان الأخرى.



كيف إستطعتم تأمين كل المستلزمات اللوجستية لإتمام عمل مسرحي غنائي في ظل ظروف إقتصادية صعبة؟

عندما قررت إنتاج هذه المسرحية، علمت سلفاً أن لا تمويل كبيراً لهذا المشروع، لكنني تشجعت عندما رأيت جهود فريق العمل وتعبه لجهوزية هذه المسرحية. صراحة إعتدنا كمتخرجي الجامعة اللبنانية على تحقيق طموحاتنا وتقديم عمل مسرحي من دون مقابل. لقد تعذّبنا حتى تخرّجنا من هذه الجامعة، وبمقدار ما نحن متعلّقون بها ونحبّها، بمقدار ما تعبنا لأننا تخرّجنا من دون أي مردود. لقد مررنا بظروف قاسية في فترة الدراسة ورغم ذلك نجحنا في تحقيق الكثير من لا شيء. من هذا المنطلق قررت ألا يعرقل شيء مسيرتي.

متى إنطلاق المسرحية؟

في الثالث من تموز على مسرح المدينة. أعد الجمهور بمسرحية تشبههم وتعكس الظروف التي مرّوا فيها خلال السنتين الماضيتين بنفحة غنائية كوميدية.

ما هي الإجراءات الصحية المتبعة؟

لقد إخترنا مسرح المدينة لأن مساحته واسعة وبالتالي من السهل إتخاذ إجراءات السلامة من حيث التباعد الإجتماعي. لن تتخطى نسبة الحضور 50%. الحضور ملزم بالتباعد الإجتماعي وبوضع الكمّامة.

كونك من المتخرجين حديثاً، كيف تضمن مستقبلك المهني في بلد يعاني الإنهيار على المستويات كافة؟

للأسف هاجر أصدقائي جميعهم. رغم تخصصي في إدارة الأعمال إلى جانب تخصصي في المسرح، ما يزيد من فرصي للهجرة، إلا أنني متعلق بهذا الوطن، الذي لم أستطع مغادرته. سأحاول دائماً العمل هنا والإستقرار وعدم التخلي عنه. برأيي مرّ الأسوأ وإن كانت هذه الظروف كلها لم تعرقلني، بالتالي لن يوقفني شيء.

هل ستمتهن الفنّ أم سيبقى هواية إلى جانب إدارة الأعمال؟

المسرح مهنتي لا هوايتي، أحاول العمل في الإثنين بتساوٍ، لهذا السبب أنتج مسرحياتي الخاصة.

لديك مشاريع سينمائية ودرامية إلى جانب المسرح؟


شغوف في المسرح والتمثيل معاً، لذا أصوّر مسلسلاً لصالح منصة "شاهد الأصلية" إلى جانب التمارين المسرحية. عنوان المسلسل "الزيارة" يضم الممثلين كارول عبود، تقلا شمعون، إيلي متري، سينتيا كرم، عبدو شاهين. وهو من إنتاج شــركة “6 hats entertainment".

ما أهمية تلك المنصّات؟

برأيي هي المستقبل، مثلما تمكّنت منصة "نيتفلكس" من سحب الإنتاجات التلفزيونية الأميركية كذلك "شاهد" وغيرها من المنصات العربية، لكنني لا أدري إلى أي مدى نحن قادرون في لبنان على مواكبة هذا التطوّر السريع.


MISS 3