خلف: طفح الكيل من قضاء يخاف القوي

02 : 00

العدالة في خطر

أطلق نقيب المحامين ملحم خلف نداء خلال لقاء عام عقد في قاعة الخطى الضائعة في قصر العدل امس، بدعوة من مجلس نقابة المحامين في بيروت، بالرغم من إضرابهم المستمر منذ أكثر من عشرة أيام، وشارك فيه حشد من المحامين، وسبقته دقيقة صمت وقوفاً على أرواح القضاة الشهداء الأربعة، بعدما كان مجلس النقابة وضع إكليلاً من الزهر على نصبهم التذكاري.

خلف

وأكد النقيب خلف في ندائه انه طفح الكيل"من قضاء يخاف القوي ويمارس القوة على الضعيف"، و"من قضاء مسخر مطواع مسير"، و"من قضاء متشاوف متعال مكابر"، و"من قضاء غير فاعل غير منتج وغير حرّ"، و"من قضاء يصرف النفوذ ويذهب الى حدّ مخالفة القوانين"، ومن "تقويض القضاء بالمحاباة والمصالح"، و"من قضاء اسقط استقلاليته مقابل مراكز طائفية ومذهبية".

وحذّر من "التطاول على المحاميات والمحامين"، ومن "تجاهل مطالب النقابة" و"التعرّض لكرامة المحامين" و"المسّ برسالتهم" و"الحدّ من دخولهم قصور العدل"، ومن "تخطي الأصول".

وبعدما اعتبر ان "الكلام الإعتراضي الإحتجاجي لم يعد مجدياً أمام التدهور الدراماتيكي السريع على كل المستويات"، اعلن أن النقابة "منذ أشهر، تحاول، ولا تزال، إنقاذ الواقع القضائي المنهار، ليس حماية لقضاة شجعان شرفاء وحسب، ليس قناعة أن القضاء هو من ينشلنا من واقع أزماتنا المتراكمة وحسب، بل تحصيناً لقضاء- حجر زاوية الوطن- ممن يضربه بشكل ممنهج، ليسقط مرفق العدالة والوطن في آن". واعتبر أن السبب الأساس للتجاوزات "هو غياب إستقلالية القضاء"؛ وبغياب هذه الإستقلالية "تربّعت منظومة سياسية أمنية قضائية في قصور العدل حماية لمنظومة فاسدة أكبر".

وقال خلف: "إذا كان الإضراب وسيلة للإعتراض والتعبير دأبت عليه نقابة المحامين عشرات المرات منذ تأسيسها حتى اليوم، فإن هذه المنظومة تحاول إستغلاله للإيحاء أن مرفق العدالة متوقف بسبب نقابة المحامين والمحامين، وليس بسبب غياب كلي لحد أدنى من بيئة قضائية سليمة". وسأل: "ألم يغب عن قصور العدل كل شيء، من إستقلالية قضائية وإستقلالية بعض القضاة، وصولاً حتى الى الطوابع وأوراق المحاضر والكهرباء والصيانة، ناهيكم بالنفايات التي تغزو صروحها؟ ما هذا الذل الذي نعيشه؟ هل نبقى صامتين"؟ ونبّه خلف الى أن "العدالة في خطر على بقائها"، وقال: "حين تنحر العدالة، حين تغتال الحقيقة، حين تشوه مفاهيم القانون، حين تدمّر مسارات الحق، حين يعطل عمل القضاء، حين يستنكف عن إحقاق الحقوق، حين تحوّل أروقة قصور العدل والمحاكم العسكرية الى مذبحة لإستقلالية القضاء، حين تكرّس أساليب الدولة البوليسية الأمنية، حين تعود لغة الإنتقام وإستيفاء الحق بالذات وشريعة الغاب وعدالة القبائل، حينها لا يعود من مكان لتسويات قاتلة، حينها تضحي مسؤوليتنا الأخلاقية أن نكرس إنتفاضة كبرى لا هوادة فيها على من يصمم على تدمير الهيكل على رؤوسنا، رؤوسنا جميعاً". ورأى خلف أن "أي إصلاح لواقعنا المرير يبدأ بإستقلالية القضاء"، وأنّ في غياب إستقلالية القضاء "تجاوز بعض القضاء كل الأصول مع نقابة المحامين"، و"مُنِعَ المحامون من مزاولة المهنة بمخالفة صارخة للقوانين"، و"اعتدي عليهم وعلى الناس" و"انتهكت كرامتهم" و"تمّ سجنهم زوراً"، و"استشرى الفساد في كل وزارات وإدارات الدولة"، و"ضاعت ودائع المحامين والناس في المصارف"، و"حفظت ملفات الفساد" و"أطلق سراح الفاسدين" و"تبخّرت الأموال المنهوبة"، و"عاش القضاء الإنتقائي الإنتقامي"، و"انعدم مبدأ فصل السلطات"، و"سقط التدقيق المالي الجنائي في مصرف لبنان وفي كل مؤسسات الدولة..."

وتابع: "أناديكم اليوم، لتشعروا أن القضاة الشرفاء والشجعان هم إخوتنا في السراء والضراء، في المعاناة والنضال، وأنه في غياب إستقلالية القضاء، حرم هؤلاء القضاة من تشكيلات قضائية، وأنه في غياب إستقلالية القضاء، إنتهت، بخطورة جسيمة، ولاية أكثرية أعضاء مجلس القضاء الأعلى، وأنه من واجبنا الأخلاقي أن نناصر قضاتنا العادلين منهم، في كل حين، وأن نقابة المحامين شاركت بكل إندفاع في صياغة إقتراح قانون إستقلالية القضاء، المتواجد حالياً في أدراج مجلس النواب؛ ونقابة المحامين أرادته مطابقاً لمعايير الديموقراطية التي ترعاها "لجنة البندقية COMMISSION DE VENISE"، بعيداً من التعصب المهني ومن التقوقع المذهبي الطائفي الزبائني، وتكريساً لإستقلالية القاضي والقضاء".

واعتبر خلف ان "لبنان الكبير في خطر على الكيان" وان "ضرب المؤسسات الدستورية ممنهج"، و"كل ما يحصل، هو قتل متعمّد عن سابق تصور وتصميم، وجريمة منظمة ترقى الى مستوى الجريمة ضد الإنسانية، وكلنا ضحاياها".

وأعلن الاستمرار في الاضراب "لحين تصحيح العلاقة مع نقابة المحامين والرجوع عن الأخطاء بحقّ النقابة والمحامين"، كما اعلن "بدء إنتفاضة المحامين الكبرى"، ودعا الى ترجمة هذه الإنتفاضة "بخطوات عملية نافعة". وناشد اللبنانيين الإلتفاف حولها، ودعا نقابة المحامين في طرابلس والقضاة، للانضمام اليها.

وأعلن الخطوة الأولى من هذه الإنتفاضة بدعوة المعنيين لإقرار "إقتراح قانون إستقلالية القضاء فوراً في مهلة لا تزيد عن عشرين يوماً، على أن تعلن الخطوات اللاحقة في الأيام الآتية. وفي حال، عدم دخول هذا القانون حيز التنفيذ، لا أحد يلومنّ المحامين إذا أقفلوا جميع قصور العدل على كل الأراضي اللبنانية، ليس إيقافاً لمرفق العدالة بل إيقافاً للاعدالة".


MISS 3