روي أبو زيد

ألكو داوود: "نداء الوطن" يجب أن يكون في قلبنا وضمائرنا

9 حزيران 2021

02 : 00

يقدّم الممثل القدير ألكو داوود شخصيّة تعكس سمات بعض الرجال الشرقيّين في مسلسل "راحوا"، فيضع الإصبع على الجرح محاولاً إظهار فداحة الظلم الموجود في الكثير من المنازل اللبنانيّة. "نداء الوطن" تواصلت مع داوود في هذا الحوار.

ما الهدف من تجسيد دور رجل شرقيّ بإمتياز في العمل؟

يتأثر الرجل بعاداته وينمو بحسب إيديولوجيّات مجتمعه، الّا أنّ العادات الشرقية ليست جميعها "ذكورية" وبالتالي لا يمكن إطلاق مقولة "رجل شرقيّ" بشكل عام على كل الرجال في مجتمعاتنا. وأردنا من خلال هذا الدور ايصال رسالة مفادها أنه على الرجل أن يتعامل مع الواقع بعقلانية رغم كل المشاكل التي قد تواجه منزله، وأن يبقى متعاوناً مع نصفه الثاني وداعماً لأولاده.

هؤلاء الرجال هم ضحايا مجتمـــــــــع أم جلّادون؟

إنهم ضحيّة تربية خاطئة مبنيّة على تراكمات غير صحيحة أبداً. لذا يتحوّل الرجل الى جلّاد حين يبدأ بتطبيق قناعاته المغلوطة على كل من يعيش حوله.

يعاني مجتمعنا الكثير من المشاهد الذكوريّة كالإغتصاب الزوجي والعنف الأسري وتزويج القاصـــــــرات. ما رسالتك لهؤلاء؟

كونوا حنونين، ولا تمنعوا دمعتكم من الظهور فهي تشير الى كمية الحب الموجود داخلكم. أطلب من كل رجل أن يكون على قدر مسؤولية صفته كـ"رب عائلة"، وأن يكون المثل الصالح لأفراد أسرته. كما أنّ الإصغاء والنقاش مهمان جدّاً والنماذج المذكورة في السؤال تعود لرجال لا يصغون ولا يعلمون ما هي متطلّبات من حولهم.

ما الدور الذي تحلم بتجسيده؟

ليس هناك من دور معيّن، فأنا مستعد لتجسيد كل أنواع الشخصيات بطريقة مميزة، لإيصال الرسائل الهادفة من ورائها. نشعر بـ"فراغ" بعض الأدوار لدى قراءتها على الورق، لذا يبقى على الممثل أن يضفي عليها أبعاداً معيّنة خلال التصوير. على سبيل المثال لا الحصر، أشارك في عمل جديد لا يمكن الكشف عنه حاليّاً وقد كُتِبَ دوري بجملتين على الورق، لكنني والمخرج نفّذناه بحرفيّة. حتى أنّ مساعد المخرج تفاجأ لدى المقارنة بين النص المكتوب والمُنفَّذ. فالتمثيل يتعلّق بما "لا تقوله"، وبالاحساس الذي يظهره صمتك فضلاً عن لغة الجسد ومهنية المخرج بتصوير هذه التفاعلات.

واكبت انطلاقة الدراما المحليّة منذ عقود. أيمكنك استعراض تطوّرها منذ الثمانينات حتّى اليوم؟

تميّزت كلّ حقبة عن الأخرى بظروف إنتاجها، مواضيعها، عقباتها وممثّليها. بدأت الدراما المحليّة "على قدها" إزاء وجود محطّة تلفزيونيّة واحدة أو محطتين آنذاك. أذكر أننا نفّذنا مسلسل "بيت خالتي" على الـ"LBCI" عام 1986 بظروف ماديّة ضئيلة وما زال العمل يُعرض حتى يومنا هذا. واسمح لي في هذا السياق أن أوجّه عبركم تحيّة الى كميل سلامة. من هنا، يمكن القول إنّ الدراما ترتكز على النصّ الذكيّ والجيّد فضلاً عن الإنتاج الكريم، المخرجين والممثلين. ومن هذا المنطلق، باتت الدراما بارزة أكثر منذ ولادة المحطات المحليّة وكثرة الطلب على العرض وتعزّزت أيضاً حين انفتحنا على البلدان المجاورة وأسّسنا لتعاونات مشتركة فانتشرت الأعمال الدراميّة على محطات عدّة وفضائيّات مختلفة، وصولاً الى عرض المسلسلات على المنصّات الإلكترونيّة.


مع زوجته نهلا وابنته لنا


ما هي نقاط الإختلاف بين دراما الأمس ودراما اليوم؟

دخل التلفزيون عالمنا في خمسينات القرن الفائت، وكان الناس يتابعون روائيّاً يسرد بعض الوقائع من دون تجسيدها أو تصويرها. اختلف اليوم هذا الموضوع وباتت الصورة ضرورية لدعم النص المكتوب وإظهار جوانبه كافة. ترتكز الدراما الأجنبيّة على مقولة: "Show me don’t tell me" لذا أضحى إشراك المشاهد في العمل الدرامي أمراً أساسياً جدّاً.

هل دعمت الدراما المشتركة الأعمال المحليّة؟

بالطبع، إذ كانت مدخلاً مهمّاً لانتشارها. ولكن لبنانياً، ما زلنا ضعفاء في مجال التسويق، ما يفرض علينا المجاهدة بإنتاج مشترك أو حتى بتطوير جودة إنتاجاتنا المحليّة لتسليط الضوء على الممثلين اللبنانيين عربياً وأجنبيّاً. العين اليوم على الممثلين الجيّدين من سوريين ومصريين وخليجيّين بفضل ولادة جيل جديد يكتب بنفس مختلف ويخرج بإبداع وذكاء. لذا تحيّة للدراما الخليجيّة التي تتطوّر رويداً رويداً بفضل روح جديدة وإنتاجات ضخمة.

هل كنتَ مقدّراً أكثر لو عشت في بلاد أخرى؟

بالطبع! فلبناننا مختلف كثيراً عن لبنان هؤلاء الفاسدين والسارقين. لكن لا يمكننا الإستمرار بهذه الأوضاع خصوصاً أننا مسؤولون عن عائلاتنا. سأسافر بعد 10 ايام الى الإمارات للمشاركة بمشروع دراميّ جديد، إذ لا يمكننا البقاء مكتوفي الأيدي. وسنعمل قدر المستطاع لتغيير لبنان، علماً أنّ هذا الأمر يتطلّب نفساً طويلاً ومؤشّرات من دول الخارج. لذلك، يجب أن نوحد انتماءاتنا لنبني سوياً دولة المؤسسات من دون أي تدخل خارجي. تبقى الخطوة الأولى بطاقم سياسي شبابيّ جديد يحمل نظرة مختلفة، يتقدّم بمشاريع جديدة لتحقيق الخير العام.

والثورة... أليست الحجر الأول؟

أظهرت ثورة "17 تشرين" معاناة الشعب وسلّطت الضوء على أوجاعنا. لكن الثورة لا تكون سلمية بشكل عام الّا أننا لا نمتلك القدرات لتحقيق هذا النوع من الثورات في ظل وجود سلاح غير شرعي وتجاذبات متعددة والأحزاب ذات الإيديولوجيّات المتنوّعة. "حتى بنزين ما معنا" لنشارك بالثورة!

كيف عشت تجربة "كورونا"؟

أدركت قيمة الحياة أكثر وجعلتني اقرب الى مسيحيّتي كما حثّتني على الوقوف أمام ذاتي وتقييمها وتقدير من هم حولي من عائلة وأصدقاء مقرّبين. آمل أن تكون الأزمة الصحيّة قد مرّت على خير وأن نستخلص العبر منها.

كلمة أخيرة للقرّاء؟

يلفتني اسم صحيفتكم، خصوصاً أنّ "نداء الوطن" يتطلّب الكثير من التضحيات، الوفاء، الصدق والإستقامة. "نداء الوطن" يجب أن يكون في قلبنا وضمائرنا عبر اعتماد لبنان وطناً نهائيّاً لنا جميعاً، فنفتخر بهويّته ونلبّي نداءه دوماً.