وليد شقير

إعتذار بتشكيلة أو بخطة لما بعد؟

14 حزيران 2021

02 : 00

في وقت يرجح معظم المصادر السياسية أن يتجه الرئيس المكلف سعد الحريري نحو الاعتذار بعد استكمال اتصالاته مع سائر الفرقاء المعنيين بقراره، ولا سيما رئيس البرلمان نبيه بري، فإن قلة من القادة تعتقد أن عليه ألّا يقدم على هذه الخطوة.

من المؤكد أن الحريري لن يبقى مكلفاً إلى ما لا نهاية على رغم أن جزءاً من مناصريه يريده ألا يسلك هذا الخيار ويتحدى الفريق الرئاسي الذي يريد خروجه من الحلبة الحكومية منذ البداية فيبقى رئيساً مكلفاً. وفي بعض الأحيان يفاجأ بالمواقف التي تطالبه بالبقاء، مثلما حصل خلال حضوره اجتماع المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى أول من أمس، حتى ممن ينتمون إلى قوى سياسية منافسة له، فدعاه هؤلاء إلى الاحتفاظ بالتكليف وتحميل الرئيس ميشال عون وفريقه مسؤولية التعطيل.

إلا أن الحجة المقابلة لهذا الخيار ترى في تسارع الانهيار العام في مرافق الدولة والخدمات وسعر صرف الدولار، ما يؤدي إلى تحميل زعيم "المستقبل" نصف المسؤولية على الأقل، خصوصاً أن البلد مرشح لانفجار شعبي كبير، بفعل انزلاق الأوضاع المعيشية للبنانيين نحو قعر أكثر عمقاً.

بعض من يؤيدون اعتذاراً مشروطاً للحريري يرون ألّا يقدم عليه من دون خطة لما سيتبعه. وفي هذه الحال نُصح بأن ينجز صيغة حكومية جديدة من 24 وزيراً اختصاصيين غير حزبيين، على قاعدة الثلاث ثمانيات، من دون ثلث معطل لأي فريق، استناداً إلى مبادرة الرئيس نبيه بري التي أشار بيان المجلس الشرعي إليها بما يعطي دفعاً لجهوده، ويقدمها إلى عون ويناقشه فيها، فإذا رفضها يتريث يومين في انتظار جوابه النهائي. ويتبع ذلك جولة اتصالات جديدة محلية وخارجية لشرح الموقف، وسرد ما لديه من معطيات عن معاناته مع الفريق الرئاسي، ويستعيد بعض علاقاته التي اضطربت مع حلفاء وفرقاء عديدين بفعل المرحلة السابقة، بحيث يضع بالاشتراك مع هذه القوى سقفاً سياسياً لعملية تأليف الحكومة، ويحمل الفريق الرئاسي مسؤولية ما نجم عن استمرار الفراغ بعد الاعتذار، من مآسٍ معيشية وإنسانية في البلد.

وبين معارضي الاعتذار من دون خطة من يعتبر أنه مساهمة في خرق اتفاق الطائف، بالانصياع لما يريده الفريق الرئاسي في حين أناط الطائف تكليف رئيس الحكومة العتيدة بالمجلس النيابي. ويدعو هؤلاء إلى أن تشمل الخطة اتفاقاً مسبقاً على الحكومة البديلة ورئيسها لئلا تقع البلاد في المأزق إياه الذي واجه السفير مصطفى أديب، والحريري. فالمشكلة ستكون في الحصول على تأييد الكتل النيابية للمرشحين الذين يسعى الفريق الرئاسي إلى تسميتهم، في وقت لن يكون متاحاً لأي مرشح سني أن يحصل حتى على كل أصوات "اللقاء التشاوري"، هذا على رغم اعتقاد مصادر سياسية أن اعتذار الحريري يحقق للفريق الرئاسي التخلص منه بحيث يتساهل مع بديله في عملية التأليف.

ويخشى بعض الأوساط المسيحية من أن ينتقل البلد من أزمة رئيس مكلف بلا حكومة، إلى لا رئيس مكلف ولا حكومة. كما أن بعض هذه الأوساط المسيحية يسأل عن جدوى "شكوى" الحريري إلى المجلس الشرعي الإسلامي ودار الفتوى، خصوصاً أن لا أحد يشكك بموقعه التمثيلي لطائفته، ما يجعل مشكلة تعطيل الحكومة مسيحية إسلامية، بينما البطريركية تحمّل الأطراف الفاعلة كلها المسؤولية، بدءاً بالرئاسة، وفي وقت سبب المشكلة إمساك "حزب الله" البلد ورقة في الصراع الإقليمي، وانصياع الفريق الرئاسي له بفعل تحالفه معه. وترى هذه الأوساط أن الاعتذار بلا اتفاق مسبق يؤدي إلى التسليم بمواصلة هيمنة الحزب على السلطة.