بوتين مستعدّ لـ"تبادل أسرى" قبل لقاء بايدن

"الأطلسي" يرسم "خطوطه الحمر" في وجه روسيا والصين

02 : 00

خلال لقاء الوفدَيْن الأميركي والتركي في بروكسل أمس (أ ف ب)

بعدما اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن لدى وصوله إلى بروكسل للمشاركة في أوّل قمّة له في مقرّ "حلف شمال الأطلسي" أنه "خلال السنتَيْن الماضيتَيْن، أصبح هناك إدراك متزايد أن لدينا تحدّيات جديدة"، مشدّداً على "الحاجة إلى تنسيق أكبر بين الحلفاء"، قرّرت دول الحلف رصّ صفوفها في مواجهة طموحات الصين المُعلنة و"التهديد المتنامي" الناجم عن تعزيز روسيا ترسانتها العسكرية.

وعبّر البيان الختامي للقمّة عن مخاوف الحلفاء، فتضمّن النصّ الصادر في 45 صفحة، 79 نقطة في طليعتها روسيا والصين والتهديدات الجديدة في الفضاء وعلى الإنترنت والإرهاب وصعود الأنظمة المتسلّطة. وتبقى روسيا مصدر القلق الأوّل للحلف، إذ قال أمينه العام النروجي ينس ستولتنبرغ: "سنُوجّه رسالة مهمّة إلى موسكو: ما زلنا متّحدين وروسيا لن تستطيع تقسيمنا".

وأكد الحلفاء في البيان أنّه "ما دامت روسيا لا تظهر أنها تحترم القانون الدولي وتفي بالتزاماتها ومسؤولياتها الدولية، لا يُمكن أن يعود الوضع إلى طبيعته"، لكنهم أضافوا: "نبقى منفتحين على حوار منتظم وجوهري"، فيما يلتقي بايدن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء في جنيف.

وفي هذا الصدد، وعد الرئيس الأميركي الذي وصف نظيره الروسي بأنّه رجل "ذكي وصلب"، بأن يُحدّد لبوتين خلال لقائهما ما هي "خطوطه الحمر". وقال بايدن خلال مؤتمر صحافي في ختام القمّة: "لا نسعى إلى نزاع مع روسيا، لكنّنا سنردّ إذا واصلت أنشطتها"، مديناً "الأنشطة العدوانية لروسيا"، وشدّد على وجود نيّة لديه ولدى الحلف الأطلسي لـ"دعم وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها".

وبينما تساءل مراقبون ما إذا كان بوتين سيُقدم على عملية تبادل أسرى كبادرة حسن نية لإخراج العلاقات الروسية - الأميركية من مأزقها، أبدى "القيصر الروسي" استعداده لذلك خلال مقابلة مع شبكة "إن بي سي" الأميركية، قبل يومَيْن من قمّة تجمعه مع بايدن الذي يواجه بدوره ضغوطاً للتوصّل إلى إطلاق سراح أميركيين معتقلين في روسيا. واعتبر بوتين أنّه سيكون من الأفضل إجراء نقاش حول إمكان "إبرام اتفاق تسليم مطلوبين".

كذلك، باتت الصين مصدر قلق لحلف الأطلسي، بحيث شدّد الحلفاء على أن "طموحات الصين المعلنة وسلوكها المتواصل، تُشكل تحدّيات لأُسس النظام الدولي المستند إلى قواعد، وفي مجالات لها أهمّيتها بالنسبة إلى أمن الحلف". لكن من غير الوارد الدخول في "حرب باردة جديدة". وأكد ستولتنبرغ في هذا الصدد أن "الصين ليست خصمنا وليست عدوّنا. لكن علينا أن نُواجه التحدّيات التي تطرحها الصين على أمننا".

وتابع ستولتنبرغ: "نُلاحظ أن روسيا والصين تتعاونان بشكل متزايد في الآونة الأخيرة، سواء على الصعيد السياسي أو على الصعيد العسكري. وهذا يُمثل بُعداً جديداً وتحدّياً جدّياً للحلف الأطلسي". ونجح بايدن في "إدراج التحدّي الأمني الذي تطرحه الصين ضمن البيان"، ولو أن بعض الحلفاء الأوروبّيين، لا سيّما فرنسا، أبدوا تحفظات.

كما أطلقت القمّة مراجعة للمفهوم الإستراتيجي للحلف الذي أُقرّ العام 2010، لتمكينه من مواجهة التهديدات الجديدة المطروحة في الفضاء وفي المجال الإلكتروني. وإن كان الإنسحاب الأميركي من أفغانستان الذي قرّرته واشنطن من دون التشاور مع حلفائها، سدّد ضربة لصدقيّة العمليات الخارجية للحلف الأطلسي، إلّا أن الحلفاء لن يتخلّوا عن هذا البلد لحركة "طالبان".

وفي هذا الإطار، سيتمّ تخصيص تمويل لضمان استمرار تشغيل مطار كابول الدولي، ما يُعتبر أساسياً للحفاظ على وجود غربي في أفغانستان. وعرضت تركيا إبقاء قوّة لضمان أمنه، بحيث بحث الرئيس رجب طيب أردوغان مع نظرائه سُبل هذه المساهمة العسكرية، فيما دعا قادة "الأطلسي" أيضاً إيران إلى وقف كلّ أنشطة الصواريخ الباليستية، ودانوا دعم طهران المالي والعسكري للميليشيات في الشرق الأوسط.

وحول لقاء بايدن مع أردوغان، أعلن الرئيس التركي أنه أجرى محادثات "صريحة ومثمرة جدّاً" مع نظيره الأميركي، معتبراً أنه "ليس من مشكلة في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة لا يُمكن تجاوزها"، في حين رأى بايدن أن الولايات المتحدة ستُحقق تقدّماً في العلاقات مع تركيا "قريباً جدّاً"، موضحاً أن لقاءه مع أردوغان كان "إيجابياً ومثمراً للغاية".

كما إلتقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره التركي في اجتماع استمرّ 45 دقيقة وعُقِدَ في "أجواء هادئة"، تعهّدا خلاله "العمل معاً" في ملفَيْ ليبيا وسوريا، وفق سيّد الإليزيه. وأجرى أردوغان محادثات أيضاً مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، فيما أشار مصدر حكومي في أثينا إلى أن اللقاء "جرى في أجواء جيّدة"، لافتاً إلى أن "تحسّن العلاقات بين البلدَيْن سيحصل بشكل تدريجي". كما شدّد المصدر المقرّب من رئاسة الحكومة اليونانية على أن "خلافات كبيرة لا تزال قائمة بين البلدَيْن، خصوصاً حول ترسيم المناطق البحرية" في شرق المتوسط.


MISS 3