"تراث" اللبنانية الأميركية: أوراق من سنديانة مارون عبود

01 : 40

هنري زغيب ووليد عبود خلال الندوة

عقَد مركز التراث اللبناني في الجامعة اللبنانية الأَميركية LAU ندوته الشهرية الإِلكترونية التاسعة عشرة في موضوع "أَوراق من سنديانة مارون عبود"، أَعدَّها وأَدارها مدير المركز الشاعر هنري زغيب مستضيفاً إِليها الإِعلامي وليد عبود.

زغيب: علَم في ذاكرة لبنان

إفتتح زغيب الندوة بكلمة جاء فيها: "سحابة نصف قرنٍ كَتَب، فأَغنى مكتبتَنا بكنوز من أَدب، وأَغنى تراثَنا اللبناني أَغماراً من مؤَلَّفاتٍ باقية في ذاكرتنا مراجعَ نحُجُّ إِليها كلما جاعت مناقيدُنا إِلى غِذاءٍ من نُسْغ سنديانته المباركة. مارون عبود- والاسم وحده دنيا من النتاج الوفير- نعود إِليه اليوم عشية ستين عاماً على غيابه في مثل هذا الشهر (2 حزيران 1962).

أَقول الوفرة فأَقول بها الجودة تَوَازياً: في التاريخ كتَب فسلَخَ من تراثنا اللبناني أَعلاماً ومعالم، في النقد كتَب فكان قلمُه سوطاً على خطإٍ وصوتاً على الصواب، في الرواية كتَب فاستلَّ من واقعنا اللبناني وقائع جمَّلَت واقعنا وتجمَّلَت به، في القصة القصيرة كتب فجاءَت شخصياته وجوهاً نابضةً من ريفنا وقُرانا ما زلنا حتى اليوم نلتقيها ونلاقيها، في السيرة كتَب فرسَم أَصحابَها خالدين ملامح ومطامح في ذاكرة لبنان، وفي الأَدب كتَب فحُقَّ له أَن يسمَّى، في عصره وفي عصرنا سياقاً، "شيخ الأُدباء"، هو الذي كان في عصره مرجع أدبائنا وما زال في عصرنا مصدر عودتنا إِلى معجنه، نستقي منه رغيف الكلمة المسلوخة من عُمق الحقيقة على أَعمق تعبير. وهو بلَغ من شَعِّه في ذاكرة لبنان أَنه ابنُ قريةٍ غافيةٍ بسُكونٍ في قلب بلاد جبيل جعلَها على خارطة لبنان الأَدبية شمساً تشعُّ من صباحات عين كفاع.

عبُّود: حفظ الإِرث



مارون عبود، التاركُ لنا تراثاً أَدبيّاً من صفحاتٍ آلاف، نستعيدُه اليوم في نحو ساعة، لنكون معه على موعد ينسجه لنا حفيدٌ لم يعاينْه على حياته، لكنه عايَنَه تأْليفاً ومتابعةً وحفاظاً على إِرثه من خطر اندثار. وها وليد نديم عبود ينسُج معنا اليوم خارطة استعادية لجَدِّه الأَديب الكبير، فنعيش معه لحظاتٍ نابضةً عاشها أَبو محمد مارون عبود وما زالت تهمس بها تذكاراً طيباً "سنديانةُ عين كفاع".

بعد المقدمة كان عرض لمجموعة 28 غلافاً من مؤَلَّفات مارون عبود المتنوعة المواضيع، ثم عرض حفيدُه الإِعلامي وليد عبود تجربة جده الأدبية الطويلة التي بدأَها في الصحافة منذ 1906 متلمِّساً طريقه الأَدبي عبر تحريره ثلاثَ صُحُف: "الروضة"، "النصير"، "الحكمة"، تبلورَت فيها أَفكاره في طلاب الحرية ونضاله في مناهضة العثمانيين، بمقالات متتالية تكوَّنت خلالها مطالع شخصيته الأَدبية حتى 1934 حين اكتملت في صفة الناقد الأَدبي الذي ملأَ عصره كتاباتٍ وكتُباً باتت معه وبعده مراجع وُثقى.

الرجل والأَب والأَديبثم سرد الحفيد، نقلاً عن والده القاضي نديم، شخصية مارون عبُّود والداً ومُربّياً ومُدرّساً، مروراً على مجموعة صوَر فوتوغرافية من مراحل طفولته وشبابه والمدارس التي تنقَّل إِليها، وتفاصيل عن بيته في عين كفاع وما فيه من مكتبة غنية جدّاً، ولوحات أَصلية لمجموعة كبيرة من وجوه عصر وما قبله، إِذ خصص مارون عبود قاعة كبرى لأَعلام النهضة في لبنان. وكان بيتُه في عين كفاع ملتقى الطبقة الأَدبية والفنية، كما كان هو مرجعاً أَدبيّاً لزملائه الأُدباء.

وختاماً نوَّه عبود برسالة الجامعة اللبنانية الأَميركية في تسجيل ذاكرة الإِبداع بالحفاظ على الإرث في نشاط مركز التراث اللبناني، ودعا إِلى تعميم هذا التراث على الجيل الجديد في المدارس والجامعات كي يبقى الإِرث اللبناني حيّاً في ذاكرة أَبنائه من جيل إِلى جيل.


MISS 3