الكرملين يأسف لتفويت فرصة إحياء الحوار

الاتحاد الأوروبي يرفض فكرة عقد قمّة مع بوتين

02 : 00

الكرملين: بوتين يؤيّد إقامة علاقات عمل بين موسكو وبروكسل (أ ف ب)

إصطدمت رغبة ألمانيا وفرنسا في استئناف الحوار مع موسكو عبر عقد قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برفض عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ما أثار استياء المستشارة أنغيلا ميركل، وأسف الكرملين الذي أكد أن الرئيس الروسي "كان ولا يزال مهتماً بإقامة علاقات عمل" مع التكتل.

وبعد مناقشات طويلة مع نظرائها الأوروبّيين المجتمعين في قمة في بروكسل، قالت المستشارة الألمانية: "لم يكن ممكناً الإتفاق على أنّنا يجب أن نلتقي على الفور في قمة" مع روسيا، مضيفةً: "كنت أفضل شخصياً نتيجة أكثر جرأة".

وبعد أسبوع على القمّة بين الرئيسَيْن الأميركي والروسي، سعت ميركل إلى تنظيم اجتماع مع بوتين لمناقشة قضايا ترتدي أهمّية كبرى للاتحاد الأوروبي قبل أن تُغادر الساحة السياسية في الخريف. لكن القادة الأوروبّيين لم يتوافقوا بسبب معارضة دول البلطيق وبولندا والسويد وهولندا، التي تتهم روسيا بتبنّي سياسة عدوانية تجاه الأوروبّيين.

وأعرب الكرملين عن أسفه لتفويت فرصة إحياء الحوار بين الاتحاد الأوروبي وبوتين، محمّلاً دولاً في شرق أوروبا مسؤولية ذلك بعدما عطّلت اقتراحاً فرنسياً - ألمانياً في هذا الإتجاه. ووصف المتحدّث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف القرار الأوروبي بأنّه "غير منطقي ويضرّ بالمستقبل"، مؤكداً أن بوتين "يبقى في شكل عام مؤيّداً لإقامة علاقات عمل بين موسكو وبروكسل".

وإذ أشار إلى معارضة خصوم موسكو في شرق أوروبا، أي الأعضاء السابقين في الكتلة الشرقية، الذين يخشون الطموحات الجيوسياسية الروسية، قال المتحدّث الروسي: "نعلم أن مجموعة من الدول اعترضت على هذا الحوار، ونعلم أن الأمر يتصل أوّلاً بالدول الأوروبّية "الفتية"، دول البلطيق وبولندا، وأن هذه الدول نفسها تتحدّث من دون أساس عن تهديدات مصدرها روسيا".

وفي الجانب الأوروبي، كرّر المعسكران مواقفهما التي تظهر انقسامات عميقة. ولم يعقد الاتحاد الأوروبي وروسيا أي قمة منذ 2014، مع ضمّ موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية. ومذّاك، توالت العقوبات والعقوبات المضادة.

وعلّق رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي قائلاً: "رفضت بولندا هذا الاقتراح الألماني لأنّنا نرى أن هذا سيُعزز موقع الرئيس فلاديمير بوتين بدلاً من معاقبة سياسة عدوانية". لكن هذه الحجة لم ترق لميركل، معتبرةً أن رئيس الولايات المتحدة التقى بوتين في سياق جدّي من دون أن يُعطي ذلك انطباعاً أنه مكافأة للرئيس الروسي.

وشدّدت المستشارة الألمانية على أن "اتحاداً أوروبّياً سيادياً، في رأيي، ينبغي أن يكون قادراً على تمثيل مصالح الاتحاد الأوروبي في لقاء مماثل"، بينما فضّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يُركّز على النصف الملآن من الكوب"، معتبراً أن رفض العديد من الدول الأعضاء "ليس مأساة" لأنّ فكرة إجراء حوار بين أوروبا وروسيا أحرزت تقدّماً في بروكسل رغم كلّ شيء.

كما شدّد وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان على ضرورة إقامة تواصل "على أعلى مستوى" مع موسكو، مع تذكيره بالأخطاء التي ارتكبتها روسيا وسياسة الترهيب التي تنتهجها، وقال: "نُطبّق عقوبات ولدينا موقف حازم. لكن هذا لا يمنع أهمّية التحدّث إلى روسيا من دون سذاجة"، مضيفاً: "علينا أن نتحدّث من أجل تحقيق الإستقرار الإستراتيجي".

من جانبها، أعلنت أوكرانيا التي تنظر بريبة إلى الاقتراح الفرنسي - الألماني، عقد اجتماع مع السفيرَيْن الفرنسي والألماني للحصول على توضيحات. وباريس وبرلين هما الوسيطان بين أوكرانيا وروسيا في النزاع المستمرّ منذ 2014 بين كييف والإنفصاليين الموالين لموسكو في شرق البلاد، حيث أسفرت الحرب عن أكثر من 13 ألف قتيل.

من جهته، قال المستشار النمسوي سيباستيان كورتس: "دعمتُ ألمانيا وفرنسا لإجراء حوار على أعلى مستوى مع روسيا"، لكن "من الضروري الآن تحديد أيّ قنوات حوار ستكون مفيدة". والنتائج التي أُقرّت في شأن روسيا تؤكد ضرورة أن يُحاور الاتحاد موسكو حول قضايا مرتبطة بمصالحه، إذا توافرت الشروط لذلك.

وفي هذا الإطار، رأى ديبلوماسي أوروبي أنه "على الاتحاد الأوروبي إبداء حزم وتحقيق توازن في القوى لمواجهة روسيا، ويجب أن يُصبح في وضع يكون فيه قادراً على المقاومة، لا سيّما الهجمات الإلكترونية".

وتابع أنه "يجب أن يكون الاتحاد الأوروبي قادراً على خوض حوار مع روسيا حول المسائل المرتبطة بمصالحه"، مؤكداً في الوقت نفسه أنه من الضروري "الإتفاق على الإستراتيجية قبل الحديث عن اجتماعات قمّة وأماكن عقدها". وتساءل: "كيف يجرى هذا الحوار؟ على أي مستوى؟ عبر أي قناة؟ وما هو الدور الذي يجب أن يُعطى للمؤسّسات الأوروبّية؟".


MISS 3