ترامب يريد "اتفاقاً جديداً" مع إيران

لندن وباريس وبرلين: طهران مسؤولة عن هجوم "أرامكو"

01 : 26

ترامب خلال استضافته أوّل اجتماع حول الحرّيات الدينيّة في نيويورك أمس (أ ف ب)

الأنظار باتت شاخصة إلى نيويورك، حيث تنطلق أعمال الجمعيّة العامة للأمم المتحدة اليوم، في خضمّ موجات "المد والجزر" بين واشنطن وطهران، إذ لا تكاد "الديبلوماسيّة" تتقدّم خطوة إلى الأمام حتّى تُعيدها العقوبات، الهادفة إلى لجم السلوك الإيراني المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط، خطوات وخطوات إلى الوراء، مع مخاوف جدّية من احتمال اندلاع نزاع مسلّح في الخليج، خصوصاً بعد الهجوم الخطِر الأخير على منشآت لشركة "أرامكو" في السعوديّة، سارعت واشنطن إلى توجيه أصابع الاتهام فيه إلى الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، هذا فضلاً عن موقف مهمّ برز قبيل منتصف ليل أمس، والصادر بصيغة بيان مشترك عن بريطانيا وفرنسا وألمانيا، أعلنت فيه أنّه "من الواضح أن إيران مسؤولة عن الهجوم على منشأتي النفط في السعوديّة"، ودَعت طهران إلى "ضرورة تهدئة التوتر بمشاركة الأطراف كافة والامتناع عن القيام بأي استفزاز جديد في الخليج".

وفي موقف لافت قد يُعمّق الأزمة التي يعيشها الاتفاق النووي، منذ اللكمة "شبه القاضية" التي تلقّاها مع انسحاب واشنطن الأحادي منه، اعتبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أنّه حان الوقت لإبرام صفقة نوويّة جديدة مع إيران، وذلك بعدما كان اتّهم في وقت سابق، طهران، بالوقوف خلف الهجمات الأخيرة على السعوديّة، الأمر الذي رفضته الخارجيّة الإيرانيّة، في حين أثنى الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مقترح رئيس الوزراء البريطاني بخصوص "النووي الإيراني"، وقال: "أتفق مع جونسون أنّنا بحاجة إلى اتفاق نووي جديد مع إيران"، مشدّداً على أن "طهران كانت الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم، ولكنّها الآن تمرّ بأوقات صعبة". وردّاً على سؤال عن احتمال الاجتماع مع روحاني، أجاب ترامب: "سنرى ما سيحدث".

بدوره، أوضح المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران براين هوك أن "واشنطن تُريد حواراً مع إيران يشمل الاتفاق النووي والصواريخ الباليستيّة والإرهاب"، معتبراً أن "الإيرانيين يتحدّثون عن الديبلوماسيّة ويقومون بأعمال إرهابيّة". وجدّد اتهام طهران بالهجوم على "أرامكو"، مؤكّداً أنّه "لا بدّ من الردّ". ودعا كلّ الدول إلى الانضمام إلى واشنطن في الضغط على الجمهوريّة الإسلاميّة.

وبما لا شكّ فيه، أن هجوم "أرامكو" غيّر المعادلات الجيوسياسيّة بشكل جذري، لكنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي عقد وسيعقد لقاءات منفصلة مع ترامب والرئيس الإيراني حسن روحاني، لا يزال يُريد أن يؤمن "بأنّ شيئاً ما قد يحصل" هذا الأسبوع في نيويورك، ويُخطّط لعقد اللقاء الذي سيجمع ترامب وروحاني. ففي الكواليس يبدو أن الديبلوماسيّة ناشطة أكثر من أيّ وقت مضى، لكن تبقى العبرة في النتائج في نهاية المطاف.

ولم يُغلق وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف الباب لمباحثات مع الولايات المتّحدة، "شرط ألّا يكون الأمر مجرّد صورة من دون نتائج ملموسة"، بحسب قوله، في وقت قدّمت فيه الحكومة الإيرانيّة "مبادرة هرمز للسلام" لتشكيل تحالف إقليمي لضمان الأمن في منطقة الخليج، يضمّ كلاً من إيران والسعوديّة والإمارات والعراق والبحرين وقطر وعُمان والكويت وربّما اليمن، برعاية الأمم المتحدة. وأوضح ظريف أن روحاني، الذي اعتبر قبل وصوله إلى نيويورك أن سياسة الضغوط القصوى التي تُمارسها واشنطن لم تُحقّق أيّ نتائج، سيُعلن هذه المبادرة خلال كلمة سيُلقيها في إطار أعمال الجمعيّة العامة للأمم المتّحدة غداً.

تزامناً، أكّد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز خلال استقباله ملك البحرين حمد بن عيسى في قصر السلام في جدة، أن السعوديّة قادرة على التعامل مع آثار العمل التخريبي على معملي "أرامكو"، الذي يستهدف المملكة واستقرار إمدادات الطاقة العالميّة، بينما شدّد الملك البحريني على دعم بلاده للرياض في كلّ ما تتّخذه من إجراءات للحفاظ على الأمن والاستقرار وسلامة أراضيها.

إلى ذلك، أفاد مصدر مطّلع بأنّ السعوديّة استعادت نحو 75 في المئة من إنتاج النفط الخام الذي خسرته بعد الهجمات الأخيرة التي استهدفتها، مؤكّداً أن "أرامكو" ستعود إلى كامل الكمّيات بحلول أوائل الأسبوع المقبل.

في الموازاة، أعلنت الحكومة الإيرانيّة أنّها أفرجت عن ناقلة النفط السويديّة "استينا إمبيرو"، التي ترفع علم بريطانيا، بعدما احتجزتها طوال أكثر من شهرين، بينما دعت الحكومة البريطانيّة من جهتها، طهران، إلى "الإفراج الفوري" عن الناقلة وبقيّة أفراد طاقمها، "الذين ما زالوا موقوفين خلافاً للقانون".


MISS 3