المحامي مجد حرب

حكومة فاشلة قبل أن تولد

3 تموز 2021

02 : 00

يعيش شعبنا في جهنّم التي وعدنا بها المسؤول الأول، بحيث بات يأمل الخلاص من حكومة أصحاب المصالح الضيقة والفاسدين الذين غطّوا شرعية الآمر الناهي في جمهورية خامنئي اللبنانية.

نتطّلع جميعنا إلى الحكومة التي ستجري إصلاحات، ليس بهدف بناء دولة مؤسسات أو غد أفضل، بل بهدف الإستحصال على 10 مليارات دولار من صندوق النقد ومؤتمر "سيدر"، مع العلم أنّ الدولة منذ بداية الأزمة قد هدرت من ودائعنا ضعفي الأموال "المشحودة"، والخير لقدّام.

كما في كل الأزمات الشبيهة بجهنّمنا اليوم يفرض العلم والواقع إصلاحات تصنّفها الجهات المانحة بالمؤلمة ولكن الضرورية، إذ أنها تهدف إلى تخفيض الإنفاق العام، وتحدّ من سياسة الهدر والفساد التي أفلست لبنان وأفقرت شعبه.

فما هو المطلوب فعلياً من الحكومة المقبلة؟

منذ سنة تقريباً صدر عن المديرة العامة لصندوق النقد الدولي بيان تؤكد فيه على ضرورة إعادة الأرباح الباهظة التي حققها البعض بهدف رسملة البنوك، وتحرير سعر الصرف وإعتماد سعر موحّد، وتخفيض الخسائر في القطاع العام والعمل بمبدأ الشفافية في هذه القطاعات ودعم المواطنين الأكثر فقراً.

وبالتالي يفترض بهذه الحكومة أن تكون حكومة رفع الدعم، حكومة صرف موظفي القطاع العام غير المجديين، حكومة تحرير سعر الصرف، حكومة مكافحة التهريب، حكومة معاداة أصحاب المصارف، حكومة محاسبة الفاسدين وضبط إدارة البلاد وحكومة الإنتخابات النزيهة.

عندما ننظر إلى القيّمين على تأليفها وإدارتها نعرف مسبقاً نسبة نجاحها.

- من استفاد من تهريب المواد المدعومة لتمويل نشاطاته العسكرية لن يرفع الدعم.

- من أدخل أكثر من 10 آلاف موظف إلى الدولة بعد قانون منع التوظيف لن يصرف من لا يعمل.

- من استفاد من الهندسات المالية وفوائدها لن يعيد أرباحه.

- من كان فاسداً عندما حكم البلاد خلال العقدين الماضيين لن يقبل بأن يدقَّق بجرائمه.

- ومن يخاف محاسبة شعبه لن ينظّم إنتخابات نزيهة. والأهم أن من يحضّر انتخاباته بعد سنة لن يتجرّأ على اتخاذ قرار إصلاحي واحد. فلماذا تتناتشون الحقائب؟ من سابع المستحيلات ان تكون قد دبّت في نفوسكم الشّهامة وتحوّلتم فدائيين تضحّون بقاعدتكم المبنية على الزبائنية لبناء الوطن.

أتى طرح حكومة التكنوقراط بداية كوسيلة للتخلّص منكم، ولكن لم تتبلور بأذهاننا ضرورة هكذا حكومة من الناحية العملانية.

الوزير التكنوقراطي ليس فقط وزيراً غير خاضع للكتل التي تأتي به، بل هو أيضاً وزير لا يحمل عبء طموحه السياسي الشخصي أو أجندات من أتى به، وزير صحة لا يبدّي مصالح المصانع الإيرانية على صحة الشعب، وزير خارجية لا يبدّي جنون عظمة من أتى به على مصالح اللبنانيين، وزيرة عدل لا تبدّي أجندات من أتى بها وطموحات أقربائها على استقلالية القضاء.

وزراء حكومة تكنوقراط لا يقتصر طموحهم على بناء زعامات، بل يجب عليها أن تنقذنا من جهنّم حتى ولو فرضوا علينا قبل ذلك إجراءات مؤلمة، ستولّد قدراً لا يستهان به من سباب شعب متألم. فعندما يتناتش رجال سياسة، أصحاب تاريخ حافل بالصفقات والسمسرات، الحقائب في حكومة، إعرفوا أنّ هذه الحكومة لن تكون مختلفة عمّا سبقها، وهي لن تنقذ سوى بعض مصالحهم السياسية الضيقة، فهي حكومة فاشلة وميتة قبل أن تولد.


MISS 3