مارك بيتزكي

مايكل وولف عن كتابه الأخير: ترامب لم يُخطّط لشيء بل إنه مجنون ببساطة!

14 تموز 2021

المصدر: DER SPIEGEL

02 : 01

متظاهرون أثناء إقتحامهم لمبنى الكابيتول - 6 كانون الثاني 2021

أصدر الصحافي والكاتب مايكل وولف (67 عاماً) كتابَين مليئين بأخبار عن دونالد ترامب والفوضى السائدة في البيت الأبيض خلال عهده الرئاسي: الأول بعنوان Fire and Fury (نار وغضب) في العام 2018، والثاني بعنوان Siege: Trump under Fire (الحصار: ترامب تحت النار) في العام 2019. أحدث هذان الكتابان ضجة كبيرة وتمّت ترجمتهما إلى 12 لغة. يؤكد وولف على أنه أراد أن يكتب عن موضوع مختلف بالكامل لكن غيّرت أحداث 6 كانون الثاني خططه.

نُشر كتابه الثالث حول الرئيس الأميركي الخامس والأربعين في 13 تموز، وهو يحمل عنوانLandslide: The Final Days of the Trump Presidency (الانهيار: الأيام الأخيرة من عهد ترامب).

في ما يلي مقابلة وولف مع صحيفة "دير شبيغل"...

سبق وأصدرتَ كتابين عن دونالد ترامب وقد هدد هذا الأخير بمقاضاتك بتهمة التشهير. لكنه عاد وتكلم معك لمدة طويلة خلال تحضيراتك لكتابك الجديد. كيف حصل ذلك؟

آخر شيء كنتُ أريده هو أن أكتب كتاباً آخر عن ترامب. لكني لم أستطع تجاهل الهجوم الذي استهدف مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني وجميع الأكاذيب التي تلت الانتخابات. لذا بدأتُ بإجراء بعض الاتصالات مع أشخاص في محيط الرئيس السابق، ثم اتصلوا بي وسألوني إذا كنتُ أريد مقابلته.

كيف تفسّر ما حصل؟

أخبر ترامب المحيطين به بأن ذلك الرجل، أي أنا، يحقق مبيعات عالية واقترح مقابلتي. أراد ترامب بهذه الطريقة أن يجذب انتباه وسائل الإعلام بغض النظر عن الموضوع. أنا لستُ الكاتب الوحيد الذي اجتمع به، لكني أفترض أنني أكثر كاتب يكرهه من بين الذين قابلهم. لكن لا تتماشى هذه الفكرة مع رؤيته للعالم. هو لا يهتم بما يحبه وما يكرهه أو بالخطأ أو الصواب. بل يهتم في المقام الأول بالمنافع التي يستطيع حصدها من الآخرين. هو يريد تلبية حاجاته ورغباته في الزمن الحاضر. لقد فكر على الأرجح بالطريقة التالية: ما الضير من مقابلة رجل يبيع عدداً كبيراً من الكتب؟ لكنّ من يقابله لن يحصل على شيء في المقابل.

ما الذي استفدتَ منه إذاً؟

هو لا يهتم إلا بسماع صوته الخاص ويعجز عن التواصل مع الأطراف التي يتحاور معها.

حين كنتَ تجري أبحاثك استعداداً لإصدار كتاب Fire and Fury، جلستَ على كنبة صغيرة في ردهة "الجناح الغربي" لسمــــــــــــــاع آخر الشائعات المتداولة.هذا صحيح. حين انتهى لقاء ترامب مع أحد أعضاء مجلس الشيوخ ورآني هناك، شعرتُ بأنه رأى أقرب وأقدم أصدقائه. قال لي إن الكتب التي كتبتُها خبيثة وخاطئة جداً لكنه لا يلومني، بل يلوم الأشخاص الذين تحدثتُ معهم. ثم دعاني لتناول العشاء معه ومع ميلانيا.


الصحافي والكاتب مايكل وولف


عند النظر إلى الأحداث الحاصلة منذ الانتخابات، يبدو أن ترامب لا يعترف حتى الآن بخسارته رغم خطورة ما حدث.

هذا صحيح. الوضع خطير لأنه يعيش في واقع مختلف وينجح في سحب جزء كبير من البلد إلى ذلك الواقع، مع أن أحداً في البيت الأبيض أو في فريق حملته الانتخابية أو عائلته لم يأخذ مزاعمه على محمل الجد. لم يصدّق أحد أنه فاز في الانتخابات، ولم يصدّق أحد أنه يستطيع تعطيل نتائج الانتخابات، ولم يصدق أحد أن جو بايدن لن يستلم الرئاسة في 20 كانون الثاني.

ألم تكن أحداث 6 كانون الثاني محاولة انقلاب إذاً؟

يحاول المراسلون السياسيون تحليل المنطق الكامن وراء ما حصل بهذه الطريقة. لكن ما من تفسير منطقي لما حدث. ترامب لم يخطط لشيء، بل إنه مجنون بكل بساطة. لا يستطيع هذا الرجل أن يكمل جملة واحدة حتى النهاية. يعرف الجميع أن نتائج الانتخابات لم تكن مزورة، باستثناء ترامب ومحاميه رودي جولياني. يبدو أنهما يعيشان على كوكب آخر.

هل أغفل ترامب عما يمكن أن يحصل في 6 كانون الثاني فعلاً؟

هو طلب من مثيري الشغب التوجه إلى مبنى الكابيتول وأخبرهم بأنه سيرافقهم إلى هناك.

لم يكن يعني ما يقوله. هو أخبر مارك ميدوز، رئيس موظفي البيت الأبيض المرعوب، بأنه لم يكن جدياً في ما قاله. سأله جميع المحيطين به: ماذا تعني بتوجهك إلى مبنى الكابيتول؟ هل ستذهب إلى هناك فعلاً؟ لكنه غير معتاد على التوجه إلى أي مكان.

هل يعرف في هذه المرحلة أن هجوم مثيري الشغب اليمينيين حصل باسمه؟ ما كان انطباعك عن هذا الموضوع؟

لا تزال أحداث 6 كانون الثاني تربكه حتى الآن. هو يتساءل عن هوية هؤلاء الأشخاص ولا يعتبر ذلك الهجوم مرتبطاً به. لقد أراد بكل بساطة أن يرفض نائب الرئيس مايك بينس نتائج الانتخابات في الكونغرس كي يبقى في منصب الرئاسة.

ما كان دور جولياني في كل ما حصل؟

رودي شـــــخص "ترامبي" بامتياز، لكنه كان كذلك قبل ظهور ترامب. كذلك، تختلف شوائب رودي عن أخطاء ترامب. اليأس هو الذي يحركه.

أنتَ تعرف عمدة مدينة نيويورك السابــــــق منذ وقت طويــــــــــل. ما هو وضعه الحقيقي؟

يحمل رودي نزعة واضحة إلى تدمير الذات. هو يفرط في الشرب طوال الوقت ويبدو بديناً على نحو غير مألوف. حتى ترامب يدرك ذلك. يقول ترامب للكثيرين إن رودي مجنون وثمل، لكنه يبحث دوماً عن أشخاص مستعدين لقول ما يريد سماعه. وإذا لم يخبره أحد بما يريده باستثناء رودي، يعني ذلك أن رودي ممتاز. هو يسمّيه "العمدة".

هل تكلم معك صهر ترامب، جاريد كوشنر، وابنته إيفانكا؟


اسمح لي ألا أفصح عن الأسماء التي تواصلتُ معها.

ولا حتى الأشخاص الذين تكلمتَ معهم علناً؟

لم يتكلموا معي بطريقة علنية (يبتسم).

ما الذي اكتشفته عنهم إذاً وراء الكواليس؟


قصة جاريد كوشنر مثيرة للاهتمام فعلاً. هو الناجي الوحيد من آخر أربع سنوات. كان جاريد ثاني أقوى شخص في البيت الأبيض منذ اليوم الأول وحتى اليوم الأخير. وكان الشخص الوحيد الذي أجاد التعامل مع ترامب، فكان يعرف متى يستطيع تجاوزه ومتى يُفترض أن يخرج من غرفته. يُعتبر صمود جاريد قصة فرعية مثيرة للاهتمام في عهد ترامب.

لا بد من التساؤل إذاً: من كان يدير البلد في آخر أربع سنوات؟


تولّت مجموعة من الشخصيات في البيت الأبيض إبقاء الأوضاع تحت السيطرة قدر الإمكان. كان جاريد واحداً منهم. لكن بقيت تلك الجهود ضعيفة في مطلق الأحوال. كان البيت الأبيض في ذلك العهد الرئاسي شائباً بمعنى الكلمة. لقد عجزوا عن توظيف الناس. وحين كانوا يوظفون البعض، لا مفر من أن يُطرَد هؤلاء الموظفون بسرعة. كانت إنجازات ذلك العهد تقتصر عملياً على إنجازات الأغلبية الجمهورية في الكونغرس. من ناحية معينة، كان ميتش ماكونيل المسؤول عن إدارة البيت الأبيض، فيما انشغل الفرع التنفيذي في معظم الأوقات بمحاولة إلهاء الرئيس لمنعه من اتخاذ أسوأ قراراته الانفعالية.

هل كان ترامب ليصبح رئيساً ناجحاً في ظروف مختلفة؟

نعم... لو كان شخصاً مختلفاً! هل كان تأثيره ليتضاعف؟ أفترض ذلك. لكنه لم يكن يهتم بتحقيق هذه الأهداف. حتى أنه لا يهتم بالمشاركين في تجمعاته الحزبية. كل ما يهتم به هو تسليط الأضواء عليه. ترامب رجل استعراضي وليس سياسياً، وقد أصبح البيت الأبيض بمثابة مسرح له وتحولت قاعدته الشعبية إلى جمهور خاص به، فكان يقدّم العرض الذي يروق لهؤلاء الأشخاص.



في كتاب Fire and Fury، كتبتَ أن روبرت مردوخ، مؤسس قناة "فوكس نيوز"، لا يحب ترامب. أنتَ على تواصل جيّد مع إمبراطورية مردوخ. هل رحّب بخسارة ترامب في الانتخابات؟

كانت تجربة مردوخ مأسوية. لا يستطيع روبرت تحمّل دونالد ترامب فعلاً. عندما كنتُ أكتب سيرة مردوخ (The Man Who Owns the News (الرجل الذي يملك الأخبار)، في العام 2008))، كان يتكلم عن ترامب دوماً بازدراء كبير. لقد كان يشمئز منه فعلاً. لكن سرعان ما أصبح ترامب رئيس الولايات المتحدة، بفضل قناة "فوكس نيوز" جزئياً، فاضطر مردوخ لتملّقه. كانت تلك التجربة مؤلمة جداً بالنسبة إلى مردوخ. من المعروف أن اثنَين من أولاده يؤيدان الحزب الديموقراطي ولم يستطيعا تقبّل ما حصل بأي شكل، ما أدى إلى تفكك العائلة.

سبق وفككت هذه التجربة إمبراطورية مردوخ كلها. هل تظن أن مردوخ يجب أن يخاف على إرثه بسبب ترامب؟

نعم لأنه كان رجلاً دائم التركيز على إرثه وعائلته، لكن لم يعد الوضع كذلك. إنه أمر مؤسف جداً بالنسبة إليه. لكني لا أعرف حقيقة ما يشعر به الآن. هو لم يعد يتكلم معي.

يقول الكثيرون إن ترامب، بعد الانتخابات مباشرةً، اقتنع بأن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعما كذبته حول الانتخابات.

حاول الموظفون في البيت الأبيض أن ينقلوا له الأنباء السارة فقط. لذا بدأ الجميع يخبرونه بأنهم تلقوا رسائل عبر قنوات غير مباشرة مفادها أن ميركل وماكرون وبوريس جونسون كانوا يدعمون عدم اعترافـــه بخسارته للانتخابات.

هل كانت تلك الأخبار ملفّقة؟

كانت تلك الأخبار ملفّقة طبعاً، لكنه صدّقها في مطلق الأحوال. تكلمتُ معه عن ميركل لأنني كنتُ أتوقع منه أن يقول أموراً مريعة عنها وظننتُ أن هذا النوع من المواقف سيُحدث ضجة كبيرة في ألمانيا. لكنه قال فجأةً: لا، لا، أنجيلا من أكبر المعجبين بي.

كان رأيه بستيف بانون متقلباً أيضاً. لقد طرده من منصبه ككبير المستشارين ثم أعاده فجأةً. كيف حصل ذلك؟

كان الوضع بسيطاً بقدر ما أوحى به. احتاج ستيف (الذي أُدين بتهمة الاحتيال وتبييض الأموال) إلى نيل العفو. لذا أخبر ترامب بما يريد سماعه بكل بساطة. هذا هو ثمن العفو.

سبّبت قرارات العفو في اللحظة الأخيرة ضجة واسعة. هل اكتشفتَ معلومات أخرى عنها؟

لقد اقترح على جولياني أن يمنحه العفو أيضاً. لكن رفضه هذا الأخير كي لا يبدو مذنباً. أكثر ما يلفت النظر في قرارات العفو هو عدم اهتمام ترامب بها. هو لم يرغب في تخصيص وقتٍ طويل للتفكير بالآخرين. لكن سرعان ما ظهرت قضية غيسلين ماكسويل (إنها الحبيبة السابقة لجيفري إبستاين الذي دخل إلى السجن وينتظر محاكمته بتهمة ارتكاب جرائم جنسية). سأل ترامب جميع المحيطين به: هل ستنقلب غيسلين على أحد؟ ما الذي ستقوله؟ هل ستسحقنا؟ يستعمل ترامب دوماً مصطلحات العصابات في كلامه.

في النهاية، لم يُصدِر ترامب عفواً بحقها. ما كان رأيه بجيفري إبستاين؟ كانا صديقين في السابق قبل أن يتبين أن إبستاين يدير حلقة لاستغلال القاصرين جنسياً ثم انتحر في السجن.

وفق الأخبار التي سمعتُها، كان ترامب يظن أن جيفري إبستاين قُتِل ولم ينتحر في السجن. ظننتُ أن التكلم عن هذا الموضوع معه سيكون مثيراً للاهتمام. لكن أخبرني مستشاره جايسون ميلر بألا أتطرق إلى هذه المسألة. نتيجةً لذلك، استنتجتُ أن هذا النوع من المواضيع كفيل بإنهاء المحادثة مع ترامب.

هل سيكون هذا الكتاب آخر إصداراتك عن ترامب؟

نعم، أعدكم بذلك.