مايا الخوري

حبيب التبشراني: "بيروت" ستُحقّق أهدافها مهما حطّموها

17 تموز 2021

02 : 00

في ذكرى انفجار مرفأ بيروت، يفتتح النصب التذكاري "عروس بيروت" في شارع باستور في منطقة الجميزة لاستقبال الزوّار الراغبين في إضاءة الشموع واستذكار ضحايا إنفجار المرفأ. نُفّذ هذا النصب بمبادرة من النحّاتيْن "هاني" و"حبيب" سيمون التبشراني اللذين تطوّعا لإزالة الردم من شوارع بيروت. عن إنطلاق هذه المبادرة ومراحل تنفيذها كان لقاؤنا مع "حبيب التبشراني".

كيف وُلدت فكرة النُصب التذكاري؟

سمعنا شقيقي هاني وأنا صوتاً مدويّاً في "بتغرين" لحظة وقوع إنفجار 4 آب، فظننا للوهلة الأولى أنه قصف إسرائيلي في أعالي صنين. لكننا عندما رأينا حجم الدمار في بيروت إنضممنا إلى صفوف المتطوّعين لمساعدة الأهالي. وأثناء رفع الردم، لفتنا دور المرأة اللبنانية المتطوّعة والمقدامة من أجل الآخرين، فتأثرنا بحضورها وصورتها المشرقة. من هنا وُلدت فكرة تجسيدها في تمثال "عروس بيروت". نحت هاني التمثال وصمّمت النصب ومحيطه لتخليد هذه الذكرى.

ممّ يتألف النصب؟

يتضمّن التصميم جدراناً متدرّجة بشكل ممرٍّ مخصّص للزائرين أو الراغبين في إضاءة الشموع. كما تنقسم الجدران إلى جزأين، "جدران الموت" التي تخلّد أسماء الضحايا، وجدرانٍ فارغة مخصصة للشعراء والفنانين وأهالي الضحايا وأصدقائهم للتعبير بطريقتهم الخاصة عن هذه الذكرى.

كم استغرق إعداد التصميم وبدء التنفيذ؟

بعدما تطوّعنا لمساعدة أهالي بيروت في تنظيف الشوارع، بادر شقيقي بعد أسبوعين أو أكثر إلى استخدام الردم لتصميم التمثال. فتحوّل الزجاج الأزرق إلى إكليل للعروس فيما نحت الفستان من مخلّفات الباطون والحجر.

يصمد لبنان بفضل مبادرات شبابه الفردية، فهل تكفي برأيك للنهوض بالوطن؟

سينهض الوطن حتمًا بهمّة من يفكّر مثلنا ويأمل خيراً في المستقبل. نحن نرفض الهجرة والرحيل عن أرضنا مهما ساء الوضع. لذا نوجّه من خلال مبادرتنا هذه، رسالة إلى الآخرين بأنه لا بدّ من أن يقوم لبنان مجدداً بإرادة جيلنا الذي سيعيد إعماره.

وجه العروس جميل حالم بالمستقبل رغم آثار الألم والندوب على فستانها، كيف تفسّر ذلك؟

عبّر وجه العروس عن العنفوان، فهي تشبه "بيروت" التي استطاعت أن تقوم 7 مرّات بعد كل دمارٍ. كما يجسّد ممشى "جدران الموت" والردم المتدرّج من أسفل فستانها وصولاً إلى وجهها النقي والكامل والجميل، قدرتها على تحقيق أهدافها السامية مهما كانت مُحطّمة. برأيي نعيش حالاً من الحرب، ربمّا تكون المرّة الأخيرة التي ستنهض فيها بيروت لتبلغ الكمال الذي صوّرناه في التمثال.

ما إن ينتهي إعمار "بيروت" حتّى تختفي معالم الجريمة، فما أهمية موقع النصب التذكاري في الجميزة؟

أردنا من خلال تصميم التمثال وتنفيذ جدران الموت إظهار الوجع الذي عانى منه اللبنانيون في ذلك اليوم. سيُرمّم كل شيء عاجلاً أم آجلاً، بدءاً من الشوارع مروراً بالمنازل وصولاً إلى المرفأ، ما يُمحي تفاصيل الحدث في ذاكرتنا. لكنّ فستان هذه العروس وجسدها المجرّح سيذكّرنا دائماً بالوجع. إلى ذلك حفرنا أسماء الضحايا بالحديد لتكون مثبّتة عميقاً في الباطون فيصعب محوها مع مرور الزمن.

هل تكفي التماثيل والنصب التذكارية لإبقاء الذاكرة حيّة؟

نحن بادرنا فنيّاً من خلال النحت، ربّما يبادر آخرون موسيقياً أو سياسياً، فنتضامن معاً من أجل بناء الوطن، لأن أحداً لا يمكنه تحقيــق ذلك بمفرده.

من دعمكم مادياً لتنفيذ مشروعكم؟

إجتهدنا وفق قدراتنا الشخصية لتنفيذ المشروع خصوصاً أننا متخرجون حديثاً من كلية الهندسة. كما أطلعنا أصحاب مؤسسات معيّنة على هذه المبادرة، تصميماً وتنفيذاً، وعلى كيفية إستخدامنا ردم الإنفجار لصب قوالب الباطون، فتعاطف معنا كثيرون مقدّمين لنا موادّ أولية بكلفة أقل.

أي رسالة توجّه إلى الشباب اللبناني؟

حققت مبادرتنا إنتشاراً غير متوقّع في لبنان، على رغم إستمرار الأعمال في التمثال ومحيطه، لتنفيذ الممر وإنشاء الحديقة وزرع الأشجار في الساحة. برأيي كل من يبادر من أجل وطنه سيحقق مثلنا الإنتشار والنجاح، لأن تلك المبادرات الفردية المتتالية هي الكفيلة بنهوض لبنان، لا الهجرة والإنتشار في دول الإغتراب. والدليل على ذلك، عدم قدرة المغتربين، على بناء الوطن، رغم تفوّق عددهم. لذلك أدعو الشباب اللبناني المقيم إلى المبادرة مثلنا من أجل نهوض وطننا.


MISS 3