وانغ من دمشق: للتخلّي عن وهم تغيير النظام

"رسائل" صينية إلى الشرق الأوسط

02 : 00

الأسد مستقبلاً وزير الخارجية الصيني في دمشق أول من أمس (سانا)

في ظل ترقب مآل محادثات فيينا النووية وإنعكاسها على تقاسم مناطق النفوذ في الشرق الأوسط، حمل وزير الخارجية الصيني وانغ يي رسائل شفهية من الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الرئيسين السوري بشار الأسد والمصري عبد الفتاح السيسي، تأكيداً على حرص الصين على علاقتها الاستراتيجية في المنطقة، حيث تركزت المباحثات بشكل خاص في مصر حول آخر مستجدات ملف سدّ النهضة، في حين طرح وزير الخارجية الصيني مقترحاً لحل الأزمة السوريّة، يقوم على "احترام سيادة سوريا والتخلي عن وهم تغيير النظام".

وذكرت الرئاسة المصريّة في بيان أن السيسي "أكد موقف مصر الثابت بالحفاظ على أمنها المائي المتمثل في حقوقها التاريخية في مياه النيل، وذلك بالتوصل الى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة يحقق مصالح الجميع بشكل عادل"، مضيفة أن وزير خارجية الصين في المقابل "أوضح تفهم بلاده التام للأهمية القصوى لنهر النيل لمصر ومن ثم مواصلة الصين اهتمامها بالتوصل لحل لتلك القضية على نحو يلبي مصلحة جميع الاطراف".

ولفت البيان إلى أن وانغ نقل إلى السيسي رسالة شفهية من الرئيس الصيني شي جين بينغ تضمنت تأكيد حرص الصين على استمرار تطوير علاقاتها الاستراتيجية مع مصر، واحترام بكين لمصر والسيسي "في ظل دوره المحوري كركيزة أساسية لاستقرار منطقة الشرق الأوسط"، وتعرب عن "ثبات دعم الصين لمصر في جهود التنمية الشاملة ومكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة".

وأكد السيسي حرص القاهرة على الاستفادة من الخبرات الصينية المتميزة في دعم البرامج والأنشطة التنموية والمشاريع القومية، خاصة في ضوء البنية التحتية الحديثة التي باتت تتمتع بها مصر والتي تتكامل مع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية.

وتطرق السيسي إلى الدور الهام الذي تضطلع به المنطقة الصينية المصرية للتعاون الاقتصادي والتجاري ضمن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، باعتبارها "نموذجاً ناجحاً للتعاون الاستثماري بين البلدين".

وكان الوزير الصيني وانغ يي وفي زيارة هي الأولى من نوعها منذ عقد، دعا بعد زيارته الرئيس بشار الأسد إلى رفع جميع العقوبات والحصار الاقتصادي عن سوريا بشكل فوري، وأعرب عن إشادته بالإنجازات التي حققتها سوريا "في محاربة الإرهاب ومعارضة التدخل الخارجي"، مؤكداً أن "التدخلات الخارجية الفاضحة في سوريا فشلت في الماضي ولن تنجح في المستقبل". وقال وانغ إن الصين تقدر دعم سوريا الثابت في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والشواغل الرئيسية للصين، مضيفاً أن الصين مستعدة للتعاون مع سوريا في دفع الصداقة التقليدية قدماً وتعزيز التعاون المتبادل والمنفعة من أجل مصلحة الشعبين.

وتعهد الوزير الصيني بأن تواصل بلاده دعمها القوي لسوريا في مكافحة جائحة كوفيد-19، من خلال توفير اللقاحات والمستلزمات الطبية الأخرى، كما أن بكين ستدعم سوريا في تحسين رفاهية الشعب وتسريع عملية إعادة إعمار البلاد، وفي معارضة العقوبات أحادية الجانب، وتخفيف أزمتها الإنسانية، ومكافحة القوى الإرهابية.

ومن جانبه، قال الأسد إن سوريا تقدر بصدق مساعدة الصين الكبيرة وموقفها العادل من القضية السورية، مضيفاً أن سوريا صمدت بدعم القوى الصالحة بما في ذلك الصين، أمام التدخلات الخارجية وتجاوزت أصعب فترة.

وتتسم هذه الزيارة بأهمية كبيرة مع بداية تحول في السياسة الخارجية الصينية نحو مزاحمة الغرب في عدة مناطق في العالم. وخلال سنوات الثورة السورية التي سرعان ما تحولت إلى حرب أهلية، قدمت بكين دعماً سياسياً ومالياً وعسكرياً لحكومة بشار الأسد، ظهر ذلك في استخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن لصالح الأسد 4 مرات. ومع ذلك، لم يزر مسؤولون صينيون كبار سوريا، مما يؤشر إلى أن هذه الزيارة تبرز مساعي جديدة من جانب الصين لزيادة دعم سوريا، التي تتعرض لعقوبات أميركية خانقة.