خطوات لمعالجة تضخم البروستات

مع التقدم في السن، يصاب عدد كبير من الرجال بتضخــــم البروستات الحميد.

تقع غدة البروستات تحت المثانة. مع مرور الوقت، قد يكبر حجمها من حبة جوز إلى ما يساوي حبة حامض. يتراوح وزنها بين 30 و35 غراماً في عمر الخمسينات، لكنها قد تنتفخ وتصل إلى مئة غرام. يضغط البروستات المتضخّم على الإحليل، أي الأنبوب الذي يحمل البول من المثانة عبر العضو الذكري إلى خارج الجسم. تؤدي هذه الحالة إلى جميع أنواع المشاكل عند التبول، أبرزها صعوبة البدء بالتبول، وتسرّب البول، والشعور بعدم تفريغ المثانة بالكامل.

ويميل البول الذي لا يخرج من الجسم ويتراكم في المثانة إلى الالتهاب. حتى أنك قد تضطر لدخول الحمّام بشكلٍ متكرر، لا سيما خلال الليل، وقد تخسر سيطرتك على المثانة.

يقول الدكتور مارتن كاثرينز، طبيب مسالك بولية في مستشفى "بريغهام" للنساء التابع لجامعة "هارفارد": "لا يزيد تضخم البروستات الحميد خطر الإصابة بسرطان البروستات ولن يؤدي بالضرورة إلى مشاكل جنسية حادة، لكنه قد يترافق مع مشاكل تبوّل مزعجة".

العلاجات المحتملة: بين الأدوية والجراحة

لمعالجة تضخم البروستات الحميد، يقضي أول خيار علاجي بتغيير أسلوب الحياة لتخفيف الأعراض. تتعدد الخطوات المفيدة في هذا المجال، منها الحفاظ على وزن صحي، وتجنب أدوية مثل مضادات الهيستامين ومزيلات الاحتقان، وتبنّي حمية غذائية صحية، والحد من مادة الكافيين لأنها قد تهيّج المثانة وتزيد الحاجة إلى التبول. إذا لم تستفد من هذه الخطوات، قد تحتاج إلى أخذ الأدوية للسيطرة على الأعراض أو تقليص حجم البروستات. ثمة نوعان أساسيان من الأدوية: حاصرات الألفا، ومثبطات الاختزال 5-ألفا. قد يصف لك طبيبك واحداً منهما أو النوعَين معاً، بحسب طبيعة أعراضك. تبيّن مثلاً أن أخذ جرعات منخفضة ويومية من دواء تادالافيل المستعمل لضعف الانتصاب قد يُخفف أعراض تضخم البروستات الحميد. لا يلاحظ الرجل أحياناً أي تحسّن بفضل هذه الأدوية قبل مرور بعض الوقت، لذا يوصي الأطباء بالالتزام بها طوال ثلاثة أشهر تقريباً. لكن لن تكون الأدوية كافية أحياناً. حين لا تعطي الأدوية المفعول المنشود أو يجد الرجال صعوبة في أخذها بالشكل المناسب، يمكن اللجوء إلى جراحات غازية بالحد الأدنى.

تستطيع العمليات الجراحية أن تعالج تضخم البروستات الحميد بثلاث طرق: نزع فائض نسيج البروستات الذي يعيق تدفق البول، أو تعديل موقع البروستات كي يتوقف عن إعاقة مجرى البول، أو تقليص حجم البروستات. تدوم هذه العمليات بين ساعة وساعتين. يمكن إجراء جزء منها في عيادة الطبيب أو في مركز جراحي، لكن تتطلب عمليات أخرى المبيت في المستشفى لفترة قصيرة. بحسب نوع العملية، يلاحظ معظم الرجال أن أعراضهم بدأت تتحسّن خلال بضعة أسابيع بشكل عام. لكن قد تترافق الجراحة التي تستهدف تضخم البروستات الحميد مع آثار جانبية محتملة. يعاني بعض الرجال من ضعف الانتصاب لفترة قصيرة، مع أن هذه المشكلة قد تصبح دائمة أحياناً. تتعلق مشكلة أخرى بقذف السائل المنوي في المثانة بدل أن يخرج من العضو الذكري. قد ينزعج بعض الرجال من هذه الحالة، مع أنها لا تؤثر على الأداء الجنسي وغالباً ما تكون جزءاً من تداعيات معالجة البروستات عن طريق الجراحة.

يتوقف نوع الجراحة التي تحتاج إليها على عوامل عدة مثل حجم البروستات وشكله ومستوى راحتك (قد يستعمل طبيبك فحص المستقيم الرقمي أو الموجات فوق الصوتية أو تصوير الحوض بالرنين المغناطيسي لتحديد الحجم والشكل). في ما يلي مجموعة من أكثر الخيارات شيوعاً وبعض الابتكارات الجديدة أيضاً. تكلم مع طبيب المسالك البولية عن أنسب خيار لك:

استئصال البروستات عبر الإحليل: إنها أول عملية يلجأ إليها الطبيب لمعالجة تضخم البروستات الحميد وتقليص أحجام متنوعة من البروستات (بين 30 و100 غرام). خلال هذه العملية، يدسّ الجراح في مجرى البول أداة تحتوي على ضوء وحلقة كهربائية، اسمها منظار القطع، لتقطيع النسيج وإغلاق الأوعية الدموية. ثم يستعمل حلقة من الأسلاك لتفريغ النسيج الذي يعيق الإحليل ويمنع تدفق البول. يحتاج معظم الرجال إلى أنبوب قسطرة للتبول خلال بضعة أيام.

التبخير: هذه المقاربة تناسب البروستات متوسط الحجم وهي تشمل التبخير الانتقائي الضوئي وتبخير البلازما ثنائي القطب. يستعمل الخيار الأول الليزر عالي الطاقة لتبخير نسيج البروستات، ويستعمل الخيار الثاني الطاقة لتسخين قطب كهربائي على شكل زر وتدمير فائض النسيج. يكون هذان الخياران أقل غزواً من استئصال البروستات عبر الإحليل ويمكن التعافي منهما خلال وقت أقصر. لكن يواجه بعض الرجال أعراضاً مزعجة بعد هذه الجراحة أكثر من استئصال البروستات عبر الإحليل.

استئصال البروستات بليزر هولميوم: إنه خيار مناسب للبروستات الأكبر حجماً (60 غراماً وما فوق). تقضي هذه العملية باستخدام جهاز ليزر صغير وإدخاله عبر الإحليل للقضاء على فائض نسيج البروستات. غالباً ما تُسبب هذه الجراحة نزيفاً خفيفاً ويمكن التعافي منها سريعاً بشكل عام، لكنها ليست متاحة في جميع الأماكن.

رفع الإحليل البروستاتي: غالباً ما تستهدف هذه العملية البروستات الذي يتراوح حجمه بين 30 و80 غراماً. يُمرر الطبيب زرعاً صغيراً عبر الإحليل ويضعه في البروستات كي يسحب النسيج الذي يعيق المجرى ويزيله من الطريق. من الناحية الإيجابية، تميل هذه العملية إلى تقليص مخاطر ضعف الانتصاب والقذف الشائب.

العلاج الحراري ببخار الماء: خلال هذه العملية، يدسّ الطبيب أداة مزوّدة بكاميرا ويُمررها عبر الإحليل وصولاً إلى البروستات حيث تبث كميات صغيرة من البخار. يُسبب هذا البخار أضراراً في خلايا النسيج التي تعيق مجرى البول ويقلّص حجم البروستات. تُستعمل هذه العملية مع البروستات في الحالات التي تنطبق على جراحة رفع الإحليل البروستاتي وتَحِدّ من الآثار الجانبية المحتملة على المستوى الجنسي.

الاجتثاث بالماء: تستعمل هذه العملية تقنية نفث الماء التي يتحكم بها روبوت للتخلص من فائض النسيج وتُعتبر بشكل عام خياراً مناسباً للبروستات الذي يفوق حجمه 80 غراماً. تبيّن أن الاجتثاث بالماء يحدّ من الآثار الجانبية الجنسية أكثر من استئصال البروستات عبر الإحليل، لكنّ هذا الخيار ليس شائعاً بعد على نطاق واسع.

إصمام الشريان البروستاتي: صادقت "إدارة الغذاء والدواء" الأميركية على إصمام الشريان البروستاتي في الولايات المتحدة في العام 2018، مع أن الأوروبيين يستعملون هذه التقنية منذ سنوات. يدسّ الطبيب أنبوباً صغيراً في أعلى الفخذ أو المعصم ويوصله إلى الشرايين التي تَمُدّ البروستات بالدم. ثم يستعمل الطبيب الأنبوب نفسه لوضع جزيئات صغيرة في الشرايين حيث تعيق تدفق الدم جزئياً. تسمح هذه العملية بتقليص حجم البروستات في نهاية المطاف.

من الناحية الإيجابية، لا تتطلب عملية إصمام الشريان البروستاتي المبيت في المستشفى ويتراجع احتمال ضعف الانتصاب بسببها. لكنّ "الجمعية الأميركية للمسالك البولية" لم تدعمها بعد بسبب قلة الدراسات التي تثبت منافعها. يوضح الدكتور كاثرينز: "قد يحتاج المريض إلى جراحة أخرى لاحقاً، بحسب العملية الأولى التي اختارها. يتابع بعض الرجال أخذ مثبطات الاختزال 5-ألفا طوال حياتهم منعاً لنمو البروستات مجدداً".

أخيراً، تذكّر أن الجراحة لن تُحسّن جميع المشاكل البولية. لهذا السبب، من الأفضل أن تكون التوقعات التي تحملها واقعية منذ البداية. يستطيع طبيبك أن يفسر لك ما تستطيع توقّعه من الجراحة كي تستعد مسبقاً للنتيجة النهائية.

• سرطان البروستات