الرئيس الأفغاني حذّر من "الإجرام العابر للحدود" وبلينكن ندّد بـ"فظائع المتمرّدين"

"طالبان" تُطمئن الصين وتتطلّع إلى اعتراف دولي وغطاء دبلوماسي

02 : 00

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مغادراً نيودلهي إلى الكويت (أ ف ب)

بعد تحذير وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من الهند، من أن أفغانستان ستصبح "دولة منبوذة" في حال سيطرت حركة "طالبان" على الحكم بالقوة و"ارتكبت فظائع ضد شعبها"، ورغم القلق الصيني إزاء الأجندة الدينية المتشددة لمتمردي طالبان، لقربهم من منطقة شينجيانغ، زار وفد من قادة "طالبان" المتشددة الصين من أجل كسب شرعيّة لـ"الحركة" التي تتوق إلى اعتراف دولي وغطاء دبلوماسي محتمل في الأمم المتحدة، لمواكبة توسّعها العسكري في أنحاء البلاد.

وشدّد الوفد المؤلف من تسعة أعضاء بقيادة المسؤول الثاني في حركة طالبان الملا عبد الغني بارادار، خلال "لقاءات منفصلة مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي ونائب وزير الخارجية والممثل الصيني الخاص لشؤون أفغانستان"، على أن الحركة لن تسمح باستخدام أفغانستان كقاعدة لشنّ هجمات تستهدف أمن دول أخرى، في وقت يثير التقدم الميداني للمتمردين أمام القوات الافغانية خشية دول مجاورة بينها الصين.

وأكّد الوفد أن الأراضي الأفغانية لن تُستخدم ضد الصين. في حين تعهّد المسؤولون الصينيون بدورهم "بعدم التدخل في الشؤون الأفغانية، إنما على العكس المساعدة في حلّ المشاكل وإرساء السلام".

في الموازاة، اعتبر بلينكن خلال زيارة إلى الهند، أن المعلومات التي تتحدث عن فظائع ارتكبها المتمردون أثناء هجومهم الشامل في المناطق التي سيطروا عليها، "مقلقة للغاية". وأشار إلى أن "أفغانستان (في حال باتت) لا تحترم حقوق شعبها وترتكب فظائع ضد شعبها، ستصبح دولة منبوذة".

وقال خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الهندي إن "متمردي طالبان يقولون إنهم يريدون الاعتراف الدولي والدعم الدولي لأفغانستان، يريدون على الأرجح أن يتمكن قادتهم من السفر بحرية في أنحاء العالم ورفع العقوبات... إلا أن السيطرة على الحكم بالقوة وانتهاك حقوق شعبهم ليسا الطريقة الصحيحة لتحقيق ذلك".

وفي كابول، حضّ الرئيس الأفغاني أشرف غني المجتمع الدولي على "مراجعة رواية طالبان لناحية استعدادها وأنصارها لتبني حل سياسي". وحذّر في كلمة ألقاها امس من أنه "من حيث الحجم والنطاق والتوقيت، نواجه غزواً غير مسبوق خلال الثلاثين عاماً الماضية". وتابع: "هؤلاء ليسوا طالبان القرن العشرين... لكن ترجمة للعلاقة بين الشبكات الإرهابية العابرة للحدود والمنظمات الإجرامية العابرة للحدود".

واعلن المتحدّث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان من بكين أن حركة طالبان الأفغانية قوة عسكرية وسياسية حاسمة في أفغانستان. وأكد أن "الصين التزمت طوال الوقت بعدم التدخل في شؤون أفغانستان الداخلية... فأفغانستان هي ملك الشعب الأفغاني"، بما يتناقض مع "فشل السياسة الأميركية تجاه أفغانستان". واعتبر أنه لدى الشعب الأفغاني اليوم "فرصة مهمة لتحقيق الاستقرار وتطوير بلده".

في موازاة ذلك، تكثّف حركة "طالبان" جهودها الدبلوماسية، في مسعى لانتزاع اعتراف دولي مع أملها بتولي مقاليد السلطة مجدداً على وقع تقدمها العسكري السريع.

ورغم أنه لا يجمع بين قادة الحزب الشيوعي الصيني في بكين ومتشددي طالبان الكثير من الأرضية الإيديولوجية المشتركة، لكن محللين يقولون إن البراغماتية المشتركة يمكن أن تؤدي إلى تقديم المصلحة الشخصية على الفوارق الحساسة، تحديداً مع تخوف الصين من وجود فراغ في السلطة خصوصاً على حدودها، لذلك سيكون إرساء الاستقرار بعد عقود من الحرب لدى جارتها الواقعة غرباً، الاعتبار الأول لبكين. وهي ترى أنّ من شأن إدارة مستقرة ومتعاونة في كابول أن تمهد الطريق أمام توسيع "مبادرة حزام وطريق" في أفغانستان وعبر جمهوريات آسيا الوسطى.

ويتقاسم البلدان حدوداً بطول 76 كيلومتراً، عبارة عن مرتفعات شاهقة لا تتخللها أي معابر حدودية. لكن الحدود التي تمتد بمحاذاة منطقة شينجيانغ ذات الاغلبية المسلمة، تشكّل مصدر قلق كبير لبكين التي تخشى أن يستخدم الانفصاليون الأويغور أفغانستان كنقطة انطلاق لشن هجمات.

من جانبها، ترى "طالبان" في الصين مصدراّ بالغ الأهمية للاستثمار والدعم الاقتصادي، إما مباشرة أو من خلال باكستان، الراعي الإقليمي الرئيسي للمتمردين والحليف الوثيق لبكين.

ويقول الخبير الأفغاني المقيم في أستراليا نيشانك موتواني لفرانس برس "عبر جعل الصينيين الى جانبهم، سيكون بإمكان الصينيين منحهم غطاء دبلوماسياً في مجلس الأمن". ويضيف: "من المهم أن نلاحظ، أنّه عندما تفتح دول أخرى أبوابها وتتعامل مع طالبان، فإن ذلك يقوّض شرعية الحكومة الأفغانية، ويقدّم طالبان بوصفها تقريباً حكومة قيد الانتظار".


MISS 3