بيان "المركزي"... وشهد شاهد من أهل "المنظومة"!

02 : 00

قرر مصرف لبنان الخروج عن صمته واعتماد "الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع" عن دعمه للمحروقات. البيان الصادر يوم أمس تحت عنوان "مصارحة اللبنانيين ببعض الحقائق المتعلقة باستيراد المازوت والبنزين والفيول"، ليس الأول من نوعه. فكان قد سبقه في منتصف الشهر الحالي بيان مشابه، فنّد فيه مصرف لبنان المبالغ المدفوعة على استيراد الأدوية والتي بلغت لغاية منتصف هذا العام 536 مليون دولار من أصل طلبات استيراد بقيمة 1.5 مليار دولار، قبل أن يعود ويخصص 400 مليون دولار إضافية، في حين أن كامل ما دفع في العام 2020 على الدواء بلغ 1.173 مليار دولار.

كذلك الأمر بالنسبة إلى المحروقات حيث أظهر البيان الأخير أن المركزي باع في شهر تموز وحده 293 مليون دولار، وأعطى موافقات سابقة بـ 415 مليون دولار، أي ما مجموعه 708 ملايين دولار لاستيراد البنزين والمازوت. واذا ما أضيف الرقم على 120 مليون دولار لاستيراد الفيول إلى كهرباء لبنان فان مجمل الدعم يصل إلى 828 مليون دولار لاستيراد المحروقات.

سياسة "دق حديد" الإحتكار والتهريب بالمحروقات والدواء وهو "حام" التي ينتهجها المركزي مؤخراً، من المفترض أن تشكل بحد ذاتها إخباراً بحق المهربين والمخزنين. فالأرقام المنشورة تمكّن المراقبين في الإدارات المعنية والقضاء من ملاحقة المعنيين في قطاع المحروقات من شركات ومحطات وموزعين على "القلم والورقة". وبالتالي ضبط عملية التوزيع وإيصالها إلى مستحقيها بالأسعار المدعومة. إلا أن هذا الواقع لا ينفي سؤال "المركزي" عن الجدوى من الإستمرار في الدعم في ظل هذا الحجم الخطير من الفوضى. فاذا كانت صفيحة المازوت تصل إلى الأفراد والمؤسسات الزراعية والصناعية بسعر السوق السوداء، الذي يفوق السعر في حال رفع الدعم، فلماذا الإستمرار في الدعم؟ ولماذا لا يأخذ مصرف لبنان قراراً جريئاً برفع الدعم كما تنص المادة 90 من قانون النقد والتسليف (باستثناء تسهيلات الصندوق المنصوص عليها في المادتين 88 و89 فالمبدأ ان لا يمنح المصرف المركزي قروضا للقطاع العام) واحراج الدولة لكي تقدم البديل الذي أقر، والمتمثل بالبطاقة التمويلية. إلى أي متى سيستمر مصرف لبنان في تبذير ما تبقى من أموال المودعين على الاحتكار والتهريب الذي يصب في مصلحة قلة قليلة، ويدفّع كل الشعب إلى جانب المودعين الثمن الغالي.

مصرف لبنان شريك أساسي في فوضى السياسات المعتمدة. وما محاولات شهادته أمام أهله من جماعة السلطة والحكم لتبرئة ذمته من استعمال الإحتياطي ومن بعدها التوظيفات الإلزامية إلا دليل على الخطأ البنيوي في النظام القائم وضرورة وقفه عند حده.


MISS 3