"الشعب على خطّ تماس بين حكومة تُنقذه أو ثورة تُخلّصه"

الراعي: المضحك المبكي أنّ الجميع أعلنوا بالأمس أنّهم لا يريدون شيئاً وها هم اليوم يريدون كلَّ شيء

02 : 00

لبنان في سباق مع الانهيار والعقوبات

محطّة الاول من آب عيد الجيش اللبناني، والذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب، حضرتا في عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي خلال قداس الاحد في الديمان امس، بالاضافة الى ملف التأليف الحكومي، بعد أسبوع على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة، مؤكداً ان الوضع لم يعد يحتمل لأننا في سباق مع الانهيار والعقوبات الدولية، ومحذراً من ان الشعب يَقفُ على خطِّ تماسٍ بين ولادةِ حكومةٍ تُنقذُه أو تجديدِ ثورةٍ تُخلّصه.

ففي مناسبة الاول من آب، هنأ الراعي الجيش بعيده، «قيادة ورتباء وجنوداً»، وأكّد ثقتَه «بهذه المؤسّسةِ العسكريّةِ التي تَربِطُها بالشعب اللبنانيِّ تاريخيّاً قِصّةُ وِدٍّ خاصّة»، وشدّد على ان «الجيش اللبنانيّ هو المُناطُ به الدفاعُ عن سيادةِ لبنان واستقلالِه، ومسؤوليّةُ حمايةِ الشعبِ في أمنِه الوطنيِّ تجاه الفِتنِ والمخطّطاتِ المشبوهةِ والإرهاب، وقد أثْبتَ الجيشُ قدرتَه على مواجهةِ التحدّياتِ، وكانت معاركُه في الجرودِ والجبالِ والسهولِ والسواحلَ والمعسكراتِ معاركَ ظافرةً». وقال:»انّا نقف وقفة اجلال وصلاة لراحة نفوس شهداء الجيش وعزاء عائلاتهم. وفيما تَمرُّ المؤسّسةُ العسكريّةُ بضائقةٍ ماديّةٍ نتيجةَ الأوضاعِ المتردّية، نَشكرُ جميعَ الدولِ الشقيقةِ والصديقةِ التي لبّت نداء قائد الجيش، وتَعاطَفت مع جيشِنا الحبيب، وأمدَّتْه بالمساعداتِ الأساسيّةِ من مختلف الانواع ليتمكّنَ من مواصلةِ القيامِ بواجباتِه وضمانِ سلامةِ المجتمع، خصوصاً في هذه المرحلةِ المحفوفة بالتطوّرات».

4 آب

وفي مناسبة الرابع من آب الذي يطلّ علينا بعد ايام «حاملاً صَدى الانفجار، وعُمقَ المأساةِ، وآثارَ الجروحِ، وهولَ الكارثة، ومُثْخنًا بدماءِ الضحايا والشهداءِ، ومُبَلَّلاً بدموع الأمّهات والآباءِ والأبناء وذوي القُربى»، لفت الراعي الى ان «سنة مضت ونحن ننتظر الحقيقةَ ونتيجة عمل القضاء الذي من واجبه أن يُقْدِمَ بشجاعةٍ ومن دون خوفٍ من تهديدٍ، أو وعيدٍ، أو ترغيبٍ مباشَرٍ، أو غيرِ مباشَر». وشدّد على انه «لا يَجوزُ لمسارِ التحقيقِ أن يَقِفَ عند حاجزِ السياسةِ والحَصانات. يجب أن تَلتقيَ شجاعةُ الشَهادةِ وشجاعةُ القضاء لنَصلَ إلى الحقيقة». واكّد أنّ «عرقلةَ سيرِ التحقيقِ اليوم يَكشِفُ لماذا رَفض من بيدِهم القرار التحقيقَ الدُوَليَّ بالأمس؛ ذلك أنَّ التحقيقَ الدُوَليَّ لا يَعترف بالعوائقِ والحجج المحليّة».

اما في الشأن الحكومي، فقال الراعي: «فكما نريد الحقيقة، نريد أيضاً حكومة تتمّ بالإتفاق بين الرئيس المكلّف ورئيس الجمهوريّة وفقاً لنصّ الدستور وروحه، ولميثاق الشراكة المتساوية والمتوازنة، وبموجب الضمير الوطنيّ. كما جرت العادة مذ كانت دولةُ لبنان الكبير، قبلَ اتّفاق الطائف وبعده. ونترّقبُ أن تَتِمَّ ترجمةُ الأجواءِ الإيجابيّةِ المنبعِثةِ من المشاوراتِ بين رئيس الحكومة المكلّف ورئيس الجمهوريّة بإعلانِ حكومةٍ جديدةٍ يُطِلّان بها على الشعب والعالم. لا يجوز أن يبقى منصبُ رئاسةِ مجلسِ الوزراءِ شاغراً. ولا يجب أن يبقى العهدُ في مرحلتِه النهائيّةِ من دون حكومة. لم يَعُدِ الوضعُ يحتملُ انتظارَ أشهرٍ أو أسابيعَ ولا حتى لأيام. لسنا في سباقٍ مع الوقت، بل مع الانهيار والعقوبات الدولية. إذا وُجدت النيّةُ والإرادةُ، تؤلَّفُ الحكومةُ بأربعٍ وعشرين ساعة. لكنْ، ليس كلُّ ما يَشتهيه الشعبُ يُدركُه الحكّام. لكنّنا لا نيأس، لأنّ إرادة الشعب تبقى الأقوى، ولأنّ صوت الله قادر على اختراق ضمير المسؤولين مهما تحجّر».

وتابع الراعي: «لقد شاهدنا كيف إنّ مجرّد تكليف شخصيّةٍ لتشكيلِ الحكومةِ انخفَض سعرُ الدولار فوراً بضعةَ آلافِ ليرة، فكيف إذا تَشكّلت الحكومةُ وكانت على مستوى الآمال؟ لكن يبدو أنَّ التأليفَ لا يزال يَصطدِمُ بنوعٍ آخَرَ من الحصاناتِ هي حصاناتُ الهيمنةِ ونفوذ السياسيّين، وحصانات الأحزابِ والكتلِ والمصالح والمحاصَصة والولاءاتِ الخارجيّةِ، كما يصطدم بحساباتٍ تتعدّى تأليفَ حكومةِ إنقاذ».

وإذ اكد الراعي أن»المضحك المبكي أنّ الجميع أعلنوا بالأمس أنّهم لا يريدون شيئاً، وها هم اليوم يريدون كلَّ شيء»، سأل:»كيف يُعلنون أنّهم يريدون حكومةَ تقنيّين واختصاصيّين ومستقلّين وغيرِ حزبيّين، ويريدون، بالمقابل، أن يختاروا هم الحقائبَ ويُسمّوا الوزراء»؟ وشدّد على ان «البلاد لا تحتملُ المراوغةَ والمناورة، بل تحتاجُ حكومةَ إنقاذٍ فلا تتأخّروا». وقال:»الشعبُ يَقفُ على خطِّ تماسٍ بين ولادةِ حكومةِ تُنقذُه أو تجديدِ ثورةٍ تُخلّصه».