رولا الطبش جارودي

وجعنا يستصرخ العدالة والحقيقة

4 آب 2021

02 : 00

4 آب 2020. من منا نحن اللبنانيين يمكن أن ينسى هذا اليوم المرعب. بعده لم تعد حياتنا كما كانت قبله. الانفجار لا يفارقنا صوتاً وصورة. ما زال الزلزال يهز أعصابنا ويسكن يومياتنا كأنه سيحدث مجدداً في أي لحظة... باختصار يومها شفنا الموت بكل معنى الكلمة. فأنا وزملاء كثر لي كنا في مكتبي الذي دمره الانفجار وأوقع بيننا جرحى وما زال عدد في حالة الغيبوبة.

نجونا... نعم لكن صور الفجيعة والدخان والصراخ والدم لا تفارقنا أبداً وتحمّلنا مسؤولية كل وجوه الضحايا، الشهداء الموتى والشهداء الأحياء، وهي تحدق فينا ليلاً ونهاراً وتصرخ فينا: نريد العدالة.

كلنا نريد العدالة لنا ولأهلنا الضحايا. العدالة لنا نحن اللبنانيين المبتلين منذ زمن طويل برهانات خارجية، حولت مدننا وشوارعنا إلى ساحات لتصفية حسابات واللعب بدمنا ومستقبلنا ورفاهيتنا. فكانت نيترات الأمونيوم أشبه بـ"براميل متفجرة" ألقيت على عاصمتنا بيروت، مدينة الحرية، واستهدفت مرفأنا الذي كان عبر التاريخ بوابة انفتاح وتواصل مع كل العالم.

وكلنا نعرف أن العدالة صنو الحقيقة. ونحن في تيار "المستقبل" ورثة دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري، خبرنا الوجع زمناً طويلاً ونحن نراهن على العدالة والحقيقة، ليس فقط من أجل رفيق ورفاقه شهداء 14 شباط 2005، بل من أجل كل لبنان وكل اللبنانيين الذين راهنوا على نهج الشراكة والاعتدال من أجل عقد اجتماعي ووطني جديد يخلصنا نهائياً من آثام الحروب الأهلية المتعددة الصغيرة والكبيرة.

في أحيان كثيرة تتحقق العدالة من دون أن تحصل المحاسبة، إذ تكون الظروف قاهرة لمصلحة القاتل/الجاني. لكن لا يمكن أن تكون الحقيقة إلا كاملة ناصعة. هذا هو التحدي الذي واجهناه نحن كمستقبليين في جريمة الحريري، ولذا سعينا منذ البداية إلى ضمان توافر كل الشروط للعدالة الكاملة مع المحاسبة والحقيقة الساطعة في جريمة 4 آب الكبرى.

المؤسف فعلاً أن يدرج البعض هذه القضية الوطنية الكبرى والسامية، قضية العدالة لضحايا جريمة المرفأ، في سياق مزايدات رخيصة مع اتهامات مجحفة بحق كثيرين من الشرفاء.

فكان أن وضع الرئيس سعد الحريري، ابن الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهو العارف أكثر من غيره ما معنى "أولياء الدم" النقاط على الحروف قاطعاً الطريق على المزايدين.

"لهذا السبب لا يزايدنّ علينا أحد بموضوع 4 آب"... قالها الرئيس سعد بصوت عالٍ مشيراً إلى "جهات متخصصة بتزوير التاريخ تعمل ليلاً ونهاراً، لتقول إن نواب المستقبل تخلوا عن الحقيقة والعدالة وإنهم وقعوا العريضة، وهذا الكلام قمة التضليل وقمة التزوير وقمة الكذب". مؤكداً أنه "ما في كبير قدام الحقيقة".

أراد الرئيس سعد أن يتساوى الجميع في المثول أمام القضاء لإظهار حقيقة جريمة بحجم انفجار مرفأ بيروت. أراد أن يسمع القاصي والداني، الحليف والخصم أنه وكتلته النيابية سيقودون معركة الوصول إلى العدالة، وأنهم يرفعون الحصانة عنهم قبل غيرهم، وأكد أنه مستعد للمثول أمام المحقق العدلي في حال طلب ذلك.

قالها رئيسنا الشهيد: "ما حدن أكبر من بلده". وها هو وريثه يؤكد: "ما في كبير قدام الحقيقة"... الحقيقة التي تحافظ على الوطن.


MISS 3