بول مرقص

تفجير المرفأ: دحرجة الحجر عن "مقبرة الأحكام"

4 آب 2021

02 : 00

لطالما عُرِف المجلس العدلي بأنه "مقبرة الأحكام"، بالرغم من أن هذا التوصيف ليس دقيقاً، على اعتبار أن التحقيق العدلي هو الذي غالباً لا يُسفر عن نتيجة، وليس المجلس العدلي بهيئته الحاكمة. ذلك أن معظم الملفات التي احيلت إليه صدرت فيها قرارات.

المشهد القضائي مختلف هذه المرة وتالياً فالنتائج ستكون مختلفة، للأسباب الآتية:

1ـ هول الجريمة: الجريمة لم تقتصر على فرد أو جهة. هي مجزرة أطاحت قسماً أساسياً من العاصمة، بشراً وحجراً ومرفأً ووسطاً تجارياً وقطاعات اقتصادية أشبعت تدميراً لا تزال معالمه بارزة وستبقى لسنين!

2ـ محتويات الملف: التحقيق العدلي اليوم لا يشبه - مثلاً- التحقيق العدلي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رينيه معوّض أو جريمة محاولة اغتيال الوزير السابق مروان حمادة اللذين يكادان يخلوان إلا من بضعة أوراق، والأكيد أنهما يخلوان من النتائج.

3ـ تأهّب الرأي العام: يكاد لا يمرّ يوم من دون أن نشهد تحرّكاً لأهالي ضحايا المرفأ. لم نجد مثيلاً لهذا المشهد بإزاء سلسلة تفجيرات واغتيالات دكّت لبنان منذ عقود باستثناء – مع فارق الشبه – جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.

4ـ الظروف المحيطة الضاغطة: الناس مُهيّأة موضوعياً للانتفاض على أي تقاعس أو تعطيل لمسار العدالة في ملف تفجير المرفأ بسبب تقاطع الظروف الاقتصادية والمعيشية مع تحقيقات المرفأ. الناس بالمرصاد!

5ـ تسليط الضوء الاعلامي: لا يخلو برنامج أو نشرة أخبار من الحديث عن التحقيقات في جريمة تفجير المرفأ. هذه الاضاءة الاعلامية لم تكن لتحصل في اغتيالات وتفجيرات أخرى. الاعلام بالمرصاد!

6ـ خطورة المواد المخزّنة: تعتبر المواد المتروكة في العنبر رقم /12/ من المواد الخطرة وإن لم تكن من المواد المحظورة دولياً. تصنيف المخاطر هذا كافٍ بحدّ ذاته لإبقاء الأنظار الدولية شاخصة لمعرفة مآل التحقيق، خصوصاً مع الاشتباه باستعمالات حربية لهذه المواد جرت قبل تفجيرها. الرأي العام الدولي بالمرصاد!

7ـ شخصية القاضي: يتّصف المحقق العدلي طارق بيطار بصفات مبدئية حميدة: شاب، جريء لمجرّد تسلّمه هذا الملف، نشيط بمجرّد تلقّفه مضمون الملف واصداره أكثر من إجراء لافت في خلال شهور قليلة من تسلّمه الملف كمراسَلة السلطات الأجنبية واخلاءات السبيل وطلب رفع الحصانات وأذونات الملاحقة، متمرّس في الجزاء، غير محسوب على أحد، أو أقلّه غير فاقع اللون سياسياً... القاضي بالمرصاد! لذلك، فطالما الظروف المحيطة بالتحقيقات العدلية في جريمة المرفأ مختلفة هذه المرة، والدوافع حيّة، أرى نتيجةً مختلفة عمّا سبقها من جرائم كبرى في البلاد.

ملف المرفأ، أزعم أنه سيأتي بالحقيقة وبباكورة استقلال القضاء وإلا فسيؤسّس لانتفاضة شعبية جديدة!


MISS 3