الراعي ينتقد الحملة على قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان: على السلطة القائمة تحمل مسؤولياتها

12 : 39

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداسا احتفاليا في بكركي لمناسبة إحياء أخويات شبيبة العذراء في لبنان يوبيلها الفضي بمرور 25 عاما على تأسيسها، وعاونه النائب البطريركي المطران بيتر كرم، المشرف على رابطة الأخويات المطران ميشال عون، المطران شكرالله نبيل الحج ولفيف من الكهنة، في حضور السفير البابوي جوزف سبيتيري، المرشد العام للأخويات الأب ادمون رزق، المرشد المركزي الخوري اميل داغر ورئيس اللجنة المركزية جميل كساب.

والقى الراعي عظة بعنوان: "إن أمي وإخوتي هم هؤلاء الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها" (لو21:8)، جاء فيها: "1. يؤكد الرب يسوع أن كلمة الله، إذا سمعت بإيمان، تخلق عائلة الله الجديدة التي هي الكنيسة، وتجعل القربى الروحية أسمى من قرابة الدم. إنها تتحدر من سماع كلمة الله والعمل بها. وبها نصبح كأم وإخوة ليسوع المسيح. فمريم قبلت الكلمة بإيمان وحب في قلبها، على لسان الملاك جبرائيل، فأصبحت الكلمة جنينا في حشاها. ونحن، إذا قبلنا كلمة الله، مثل مريم، أصبحت الكلمة مجسَدة بأفعالنا ومواقفنا ومبادراتنا، في كلٍ من العائلة، والكنيسة، والمجتمع، والدولة.

2. يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية التي تحيي فيها أخويات شبيبة العذراء في لبنان يوبيلَها الفضي بمرور خمسٍ وعشرين سنة على تأسيسها (1994-2019)، مع عيدها السنوي. إننا نحيي سيادة أخينا المطران ميشال عون المشرف على رابطة الأخويات، والمرشد العام للأخويات الأب إدمون رزق الراهب المريمي، والمرشد المركزي الخوري إميل داغر، ورئيس اللجنة المركزية جميل كساب وأعضاءها. إننا نهنئها بالعيد وباليوبيل، راجين لأعضائها أفرادا وجماعات، أن تكون الأخوية المكان والوسيلة لسماع كلمة الله والعمل بها، فتصبح حقا عائلة الله التي رأسها المسيح، ونورها الهادي كلمة الله، ومصدر حيويتها الروح القدس، ورفيقة دربها الساهرة عليها أمنا وسيدتنا مريم العذراء.

3. إننا، نقدم مع أخويات الشبيبة هذه الذبيحة الإلهية، إفخارستيا شكرٍ لله على النعم والبركات التي أغدقها على هذه الأخويات وأعضائها والمسؤولين فيها، ومن خلالها على الكنيسة، بفضل صلواتها ورسالتها وتفانيها في العمل الرسولي، سواء في الرعايا أم في الأبرشيات. وقد بلغ عدد فروعها في مختلف الرعايا مئة وخمسين فرعا، منتشرين في ستة عشر إقليم في مختلف المحافظات اللبنانية.

تتميز أخويات الشبيبة بثلاثةٍ: العمل داخل الرعية مع الكاهن والجماعة الرعائية؛ الفريق الروحي الملتزم بالصلاة يوميا وأسبوعيا وبالتنشئة الروحية؛ والفريق الرسولي الذي يقوم بالنشاطات الرسولية داخل الرعايا.

لقد نعمت أخويات الشبيبة ببركة قداسة البابا فرنسيس وتوجيهاته، عندما التقته لجنتها المركزية منذ أسبوعين بمناسبة الزيارة التقوية التي قامت بها إلى الفاتيكان وروما مدينة القديسَين الرَسولَين بطرس وبولس، وعاصمة الكثلكة.

وإذ نرحب بكم جميعا أيها الحاضرون، أوجه تحية خاصة لفريق الكهنة الآتين من بولندا في زيارةٍ تقويةٍ إلى لبنان بمناسبة احتفالهم بيوبيلهم الكهنوتي الفضي. نهنئهم ونتمنى لهم النعم الإلهية، وطيب الإقامة.

4. إن أمي وإخوتي هم هؤلاء الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها" (لو21:8). أراد الرب يسوع بهذا الجواب أن يؤكد أمرَين: في الأول يبين أن سرَ أمومة مريم بالجسد بدأ أساسا بأمومتها الروحية، حالما قبلت الكلمة الإلهية في قلبها بإيمانٍ وحبٍ كبيرَين، فتحولت الكلمة جنينا في حشاها. ما يعني أن القرابة الحقيقية ليست بالجسد بل بقبول كلمة الله والعمل بإرادته. وفي الثاني، يؤكد أنه يخص الذين يقبلون الكلمة الإلهية، ويعملون بها، بالحب إياه الذي يحب به مريم أمه، ويدعوهم لفتح عقولهم لنور كلامه، وإخضاع إراداتهم لطاعته.

لقد كشف بجوابه قيمة "الأمومة والأخوة له"، إذ بقبولنا كلمة الله نصبح "إخوة" يسوع بالإيمان، وبزرعنا كلمته في القلوب نصبح "أمه".

5. أنتم، يا شبيبتنا، تعيشون هذه الحقيقة في أخوياتكم. فبانتمائكم إليها تسمعون كلمة الله يوميا وأسبوعيا. إذا قبلتموها بإيمانٍ وحبٍ في قلوبكم تصبحون "إخوة ليسوع" بالروح، وعندما تزرعون الكلمة في القلوب، من خلال رسالتكم ونشاطكم وشهادة حياتكم، تصبحون "أما ليسوع" بالروح. إن الأخوية تضمن لكم هذا الشرف العظيم.

6. ما نقوله لشبيبة الأخويات، نقوله لكل مؤمنٍ ومؤمنة بالمسيح، بل لكل إنسان، في العائلة والمجتمع والكنيسة والدولة. وحدها كلمة الله ترفع الإنسان إلى قمم الروح والأخلاق، وتحرر من العبوديات على أنواعها، وتجمع بين الناس، وتجعلهم عائلة الله على تنوع أفرادها دينا وعرقا ولونا وثقافة. بسماع كلمة الله يتجاوز الأزواج خطر خلافاتهم ويجدون حلا لها قبل تفاقمها، ويهتدي الوالدون الى تربية أولادهم والسهر عليهم وحمايتهم من الانحرافات. وبسماع كلمة الله، يعيش الناس حياة اجتماعية سليمة، مبنية على علاقات المودة والاحترام والتعاون والتضامن. وبسماع كلمة الله، يقوم رعاة الكنيسة وكهنتها ورهبانها وراهباتها برسالتهم شاهدين بمثل حياتهم لمحبة المسيح، ومجتهدين في تطبيقها بالأفعال والمبادرات.

وفي الدولة، لو تسمع الجماعة السياسية كلمة الله، لتحرَر أصحابها من مصالحهم الخاصة، ومكاسبهم المالية غير المشروعة على حساب الخير العام ومصلحة الشعب ومالية الدولة. بسماع كلمة الله، يكف السياسيون عن التراشق بالتهم، ويعملون بروح المسؤولية على إيجاد السبل السريعة والناجحة للخروج من الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية. بسماع كلمة الله في قلوبهم، يتحرر النافذون من فسادهم، ويقضون على مكامن الفساد وعلى المفسدين، ويرفعون الغطاء السياسي عنهم.

7. من المؤسف حقا، ونحن في هذا الظرف الاقتصادي والمالي الدقيق، وأمام واجب إجراء الإصلاحات المطلوبة دوليا في الهيكليات والقطاعات، أن نرى قيام حملة مريبة تطاول الجيش اللبناني الوطني بامتياز، وتحاول عبثا النيل من مناقبيته وقيمه، قيادة وضباطا وأفرادا. إننا ندعو اللبنانيين المخلصين لتجديد ثقتهم المطلقة به، قائدا ومؤسسة وعقيدة وطنية، وسلوكا ارتقى بالتضحيات الغالية فوق كل الصغائر. إن حماية مؤسسة الجيش هي حماية أسس الوطن وأمنه واستقرار الدولة والمجتمع. من أجل هذه الغاية النبيلة ندعو شبابنا بإلحاح للانخراط في هذه المؤسسة المشرِفة.

8. ومن جهة ثانية، فيما الشعب اللبناني بحاجة إلى طمأنة واستقرار، بعيدا من التخويف والتشكيك، وتقاذف المسؤوليات، حول الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية الراهنة، يجب أن يدرك الجميع أن هذه الأزمة التي يعاني منها لبنان متشعبة الأسباب والمراحل، بين ما هو دولي وإقليمي وداخلي، وما هو مزمن أو مستجد أو متماد أو متفاقم. غير أن المقلق هو محاولة التنصل من المسؤولية ورميها على رجل واحد أو مؤسسة واحدة، فيما الدولة بكل أركانها ومؤسساتها هي المسؤولة ولم تقم بأي خطوة إصلاحية، أو مبادرة عملية لالتزامها بوقف الهدر والفساد، أو حتى لمجرد التقشف في المظاهر. فليس من المقبول التصويب على مصرف لبنان، برئاسة حاكمه، الذي حاز على كل التقدير الدولي، ونجح في الحفاظ على الاستقرار النقدي في هذه الظروف الضاغطة اليوم كما في الأمس. فبدلا من البحث عن كبش محرقة لن يؤدي إلا إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والمالي والنقدي، وبدلا من الهروب من المسؤولية ورميها على الغير، يجب على السلطة القائمة تحمل مسؤولياتها.

9. وفيما المواطن يتطلع إلى العدالة للحفاظ على حقوقه، ورفع الظلم عنه، معتبرا أن القضاء ملجأه الآمن، نجد بكل أسف من يعمل على تلوين القضاء باللون المذهبي، وعلى تسييسه من أجل مآرب شخصية، فيتدخل في عمل القضاة، ويدخل ممارسات تناقض قوانين المحاكمات، وهدفه تحميل المتهم، مهما كلف الأمر، جرما لم يقترفه. لماذا، أيها المسؤولون، تقوضون القاعدة الأساسية: "العدل أساس الملك"؟

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء

10. سماع كلمة الله حاجةٌ كالخبز اليومي، من أجل تغذية القلوب، وإنارة العقول، وإحياء الضمائر وتوجيه الإرادات. هذا ما كان يعنيه الرب يسوع بجوابه للمجرِب: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمةٍ تخرج من فم الله" (متى 4:4).

وحدها كلمة الله تشبعنا، أما الخبز المادي فيزيدنا جوعا. فلنسعَ في إثر خبز كلمة الله لتجعل منأ نشيد إيمانٍ وحبٍ في افعالنا للثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.

وكان المشرف على رابطة الأخويات المطران عون القى كلمة قال فيها: "تضج اليوم بكركي بشبيبة الأخويات للاحتفال بيوبيلهم الفضي برعاية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، فالشبيبة هي شبيبة الكنيسة التي تحب الكنيسة وبطريركها وأبرشيتها. وتجدد اليوم الوعد والأمانة على متابعة المسيرة وتكون العذراء مريم الأم والشقيقة التي تدلنا على المسيح".

ووجه المرشد المركزي الخوري داغر في نهاية القداس كلمة شكر قال فيها: "نعلن إيماننا المسيحي لنسهم في بناء وطننا وطن اكثر عدالة ونتعهد ان نكون امينين لرسالتنا".

كما كانت كلمة لرئيس رابطة الأخويات في لبنان المحامي عازار ولكساب.

MISS 3